المسجد الأقصى بين الهوية و السيادة، بقلم : د. علي الاعور
عندما احتلت إسرائيل المسجد الأقصى المبارك في عام 1967 ودخل الجنرال ” مردخاي غور ” الذي يسمونه في الاعلام العبري ” مودي” قال مقولته المشهورة ” هار بيت بيدينو” المسجد الأقصى المبارك في أيدينا ” ورد عليه موشيه ديان ” لم نأت لاحتلال الأماكن المقدسة للاخرين وامره بانزال العلم الإسرائيلي من على قبة الصخرة ” و التقي بقيادة الأوقاف الإسلامية للمسجد الأقصى المبارك وطلب منهم مفتاح باب المغاربة وقال لهم ” المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته الكلية 144 دونم هي ملك للمسلمين و الفلسطينيين و لا يحق لليهود السيطرة عليه”
وهذا يعني ان إسرائيل نفسها هي من وضعت ورسمت ” ستاتسكو” الوضع القانوني و التاريخي للمسجد الأقصى المبارك وبعد ذلك تم توقيع اتفاق بين حكومة إسرائيل وإدارة الأوقاف الإسلامية الأردنية وتنص على” المسجد الأقصى المبارك و السيادة عليه و ادارته هي للاوقاف الإسلامية الأردنية و الشرطة الإسرائيلية تتواجد فقط على الأبواب الخارجية للمسجد الأقصى المبارك.
وقد اجمع اهل فلسطين منذ عام 1925 على ان ” الوصاية الشرعية للمسجد الأقصى المبارك هي ” للعائلة الهاشمية و المملكة الأردنية الهاشمية و ان الوصاية الشرعية على القدس و المسجد الأقصى المبارك و المقدسات الإسلامية و المسيحية هي للملك عبدالله الثاني و مسؤولية حمايته و الحفاظ عليه هي للعائلة الهاشمية.
وهنا لا بد من طرح السؤال المركزي: لماذا تحاول القوى و الجماعات اليهودية المتطرفة فرض السيطرة على المسجد الأقصى المبارك؟ لماذا الاقتحامات للجماعات اليهودية المتكرفة يوميا للمسجد الأقصى المبارك؟ ولماذا قرار بن غفير منع المسلمين و الفلسطينيين من دخول المسجد الأقصى المبارك؟
هناك سياسة إسرائيلية يقودها اليمين و اليمين المتطرف من فرض السيادة و السيطرة على المسجد الأقصى المبارك من اجل تقسيم المسجد الأقصى المبارك وتثبيت الرواية الإسرائيلية للجماعات اليهودية المتطرفة بان جبل الهيكل تحت قبة الصخرة المشرفة”.
وهذا يعني صراع أيضا على هوية المكان ، فكل الأدلة تؤكد ان المسجد الأقصى المبارك بهويته الإسلامية و الدينية من بناء المسجد الأقصى مرورا بالاسراء و المعراج و ذكره في القران الكريم في سورة الاسراء و السنة النبوية وشد الرحال اليه من ثلاثة مساجد ” المسجد الحرام و المسجد النبوي و المسجد الأقصى”على وجه الأرض . وهذا يعكس العلاقة الدينية و اروحانية و العقيدة التي تربط المسلمين و الفلسطينيين بالمسجد الأقصى المبارك و اصبح المسجد الأقصى المبارك يمثل الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني.
واما الرواية الإسرائيلية التي جاءت في التوراة وتؤكد ان جبل الهيكل سوف ينزل من السماء كاملا متكاملا بدون تدخل البشر” وهذا ينفي محاولات الصهيونية الدينية وجماعات جبل الهيكل و بن غفير من تدخلهم ومحاولاتهم بناء جبل الهيكل و يعكس ان الأهداف كلها سياسية و ليست دينية بالإضافة الى الفتوى التي قدمها الحاخام عوفاديا يوسف بتحريم دخول المسجد الأقصى المبارك لليهود.
ان المسجد الأقصى المبارك يمثل مركز الصراع الفلسطيني الإسرائيلي و لا يمكن ان ينتهي هذا الصراع دون اعلان إسرائيل بالعودة الى بيان موشيه ديان و الاعتراف ان المسجد الأقصى المبارك هو ملك للمسلمين و يمثل الهوية الإسلامية لكل المسلمين.
لذلك فاننا نعتبر ان منع المسلمين و الفلسطينيين من الدخول الى القدس و الصلاة في المسجد الأقصى المبارك هو خطر كبير على الإسرائيليين و الفلسطينيين ، و لذلك فان دعوات بن غفير ونتنياهو وقراره منع الفلسطينيين من الوصول الى المسجد الأقصى المبارك لا يستند الى أي أساس قانوني او شرعي وحتى الاعتبارات الأمنية خلال شهر رمضان لا مكان لها ، حيث الصلاة و العبادة في شهر رمضان المبارك من شانها ان توفر الامن و الأمان للجميع.
ان الوضع القانوني و التاريخي للمسجد الأقصى المبارك منذ عام 1967 يجب ان يستمر بالسماح لجميع المصليين من الدخول و الوصول الى المسجد الأقصى المبارك بدون تحديد الاعمار و الأجيال وهذا يرتبط بالاتفاقيات بين دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية و الحكومة الإسرائيلية منذ موشيه ديان الذي اعلن ان المسجد الأقصى المبارك ملك للمسلمين و الفلسطينيين كما ان الوصاية الشرعية للمسجد الأقصى المبارك هو من صلاحيات الأردن و الاسرة الهاشمية .
وأخيرا يجب الالتزام بحرية العبادة و الصلاة للمسلمين في المسجد الأقصى المبارك كذلك الامر الى أهلنا في 48 حيث القانون الإسرائيلي يمنحهم المساواة و الحرية الكاملة في الوصول و الصلاة في المسجد الأقصى المبارك و ان قرار بن غفير يتنافى مع المواثيق الدولية و القانون الدولي الإنساني الذي يمنح حرية العبادة و الوصول الى الأماكن المقدسة بدون قيد او شرط من اجل السلام و المحبة بين الشعوب و ليس وفقا لافكار بن غفير و العنصرية و التطرف التي يمارسها ضد الشعب الفلسطيني ربما تؤدي الى اندلاع انتفاضة الأقصى الثالثة .