تحتاج الحكومة الجديدة الى خمس سنوات لتعيد المجتمع الفلسطيني الى مستوى الصفر، بقلم : د. ناصر اللحام
لا وقت للخطباء والبلغاء وصالونات الثقافة المخملية، ولا وقت للشعراء يقفون على الاطلال ويتسابقون في رثاء الذكريات. مطلوب فورا وزراء برتبة “ضابط انقاذ دفاع مدني” . مطلوب مسؤولين برتبة ” عامل” يعملون بصمت ومن دون ضجيج ولا كاميرات ولا صور سيلفي مع الضحايا. يحفرون ليل نهار للبحث عن الجثث ودفنها والبحث عن الجرحى وتقديم الدواء والبلسم لهم .
أمام حكومة الدكتور محمد مصطفى المزمعة، ان تبدأ فورا بعمل خطة خمسية لإعادة المجتمع الفلسطيني والمدن الفلسطينية والانسان الفلسطيني الى حد الصفر .
وتشمل الخطة التي ستفرض نفسها على أي رئيس وزراء وأي رئيس واي مسؤول وأي قائد وأي مواطن يخشى الله في عمله وماله المهمات التالية:
- أولا – الإغاثة الفورية وتشمل توفير الماء والطعام والكسوة والطاقة ولوازم أساسية لبقاء البشر على قيد الحياة. وهذا يحتاج الى عام من العمل المضني والمتواصل بمساعدة منظمات عربية ودولية.
- ثانيا – اعادة تأهيل المشافي والعيادات لتتمكن من تقديم العلاج لعشرات الاف الجرحى وتوفير العلاج النفسي لمئات الاف الأطفال وعشرات الاف الايتام ، وتوفير الدواء وإعادة تأهيل الطقم الطبي وطواقم التمريض والاسعاف .وهذا يحتاج الى اشراف جامعة الدول العربية ودعم دولي انساني كبير من جهات الاختصاص في الأمم المتحدة والى وفود طبية منتدبة ومتطوعة يتم تنظيمها من خلال وزارة الخارجية وسفارات فلسطين في كل العالم من كوبا وحتى زيمبابوي. وهذا يحتاج الى سنوات من العمل .
- ثالثا – إزالة الردم والمباني التي تم قصفها وفق خطة هندسية يفترض أصلا ان الحكومة السابقة أعدتها وفكرت بها وجهزتها ، لإقامة ميناء جديد من كورنيش مؤهل على شواطئ غزة الى ميناء للأجيال القادمة. وان تشرف اعظم واهم شركات الهندسة البحرية في العالم على هذا الجهد. وعدم الاكتفاء بأخذ الردم ورميه في أي مكان !! وإزالة الردم لوحده قد يتطلب أعواما كاملة، ولا مانع من استشارة خبراء عرب ومن سوريا تحديدا في هذا الامر. فالأشقاء في سوريا يتعرضون للدمار منذ 13 عاما ويفترض ان لديهم خبرة هندسية في هذا المجال.
- رابعا – بناء بنية تحتية جديدة تشمل الطرقات والمجاري والكهرباء والمياه ومحطات المياه ومحطات توليد الكهرباء بشكل مهني. ومن دون ذلك لا يمكن إتمام المراحل الثلاث الأولى ، ولا يمكن الانتقال الى المرحلة الخامسة . وفي فلسطين نوعين من الرجال: نوع “عاشق لوطنه “ونوع” تاجر بشعبه ” وفلسطين الان تحتاج الى عشاقها وليس الى تجار الحروب والدماء والدموع ليزيدوا ثرواتهم .
- خامسا – إعادة بناء المساكن ومحطات الايواء لمليوني نسمة بأفضل شكل واعظم هندسة واجمل صورة للذين نجو من الموت المحقق .
ان اية حكومة في العالم لن تستطيع القيام بهذه المهمات لوحدها ومن دون مساعدة جماهيرها، ومن دون بث روح التطوع والعمل الدؤوب والتعاضد والتكافل الاجتماعي وصيانة المال العام وكف يد أي عابث سلبي يريد ان يوقف مسيرة البناء.
بعد ان تنتهي الحرب سوف نعرف من هو الصديق ومن هو النذل . واي دولة هي عظيمة تغيث الشعب الفلسطيني المظلوم ومن هي الدول التي استغلت الشعب الفلسطيني وجراحه ودمه المسكوب . وبعد خمس سنوات عمل بلا توقف، قد ينجح الدكتور محمد مصطفي في اعادتنا الى حد الصفر لنستطيع ان نتنفس ونتعالج ونشرب ماء طاهرا ونغطي اجسادا اثخنتها الجراح وعيونا اطفأتها النيران وقضت على أحبة ناموا في القبور ولن يعودا .
أرى مؤخرا قوائم كثيرة لشخصيات تريد الوزارة في الحكومة الجديدة. من لديه خطة بناء او أي اقتراح ينقذ الشعب من هذه النكبة فليتفضل ويقدمه لرئيس الحكومة الجديد. وكان الله في عون من يحمل الأمانة.