قراءة حول المرحلة الأولى من انتخابات الهيئات المحلية، بقلم : تمارا حداد
تُعد الأرقام التي صدرت من “لجنة الانتخابات المركزية” بعد انتهاء المرحلة الأولى من انتخابات الهيئات المحلية المصنفة (ج) والمجالس القروية أرقاماً صماء ولكن لكل رقم له تحليله يمكننا قراءة المستقبل سواء للمرحلة الثانية لانتخاب الهيئات المحلية والمحدد اجرائها في 26/3/2022 أو الانتخابات التشريعية.
أُجريت الانتخابات المحلية المرحلة الأولى في الضفة الغربية في 154 هيئة محلية شملها التنافس الانتخابي، فيما 162 هيئة كانت ضمن نظام التزكية، فيما لم تترشح في 60 هيئة محلية قائمة حيث تأجلت إلى المرحلة الثانية، وشهدت الانتخابات المحلية ترشح 735 قائمة انتخابية منها 489 قائمة مستقلة ذات تشكيل وطبيعة مجتمعية مقابل 246 قائمة سياسية ترشحت فيها القوى السياسية، وقد تشكلت القوى المجتمعية حضوراً بنسبة 66.5% في الانتخابات مقابل حضور سياسي بنسبة 34.5%، وحظيت القوى السياسية فقط 29% من إجمالي الأعضاء مقابل حضور كبير للمستقلين بنسبة 71%، فيما لم تشارك بعض فصائل منظمة التحرير كما لم تشارك حركة حماس بشكل مباشر بصفة حزبية واضحة بل شاركت من خلال الاندماج مع قوى مجتمعية بصفة المستقلين أو تآلف مع قوى سياسية كأفراد مستقلين.
أن هذه الارقام لها قراءتها وتحليلها بأن الشارع الفلسطيني مُتجه تماماً إلى القوائم المستقلة والابتعاد عن القوائم الحزبية وطُغيان الجانب العائلي والعشائري على الجانب السياسي ويعود الأمر إلى عدة أسباب:
· ظهور الفجوة الحقيقة وازدياد توسعها بين الأحزاب والفصائل وبين المواطنين.
· عدم القدرة على التعبئة التنظيمية طيلة السنوات الماضية.
· انشغال المواطن بأمور اقتصادية معيشية أبعدته عن الحالة التنظيمية ذات الطابع الحزبي.
· خروج لغة مختلفة من قبل الشباب التي تنادي بطغيان الكفاءات والمهنية على الحزبية.
· في المناطق القريبة من المستوطنات والجدار غاب الطابع الحزبي وبعض تلك المناطق لم يترشح فيها أي قائمة.
· حالة الاغتراب التي يشعر بها المواطن وفقدان الثقة بالأحزاب والحركات والفصائل مهما كانت الأيديولوجية التي يحملها هذا أو ذاك الحزب.
أما عن أعمار كلا الجنسين كانت الأرقام كالتالي: تم تقسيم المرشحين إلى ثلاث فئات عمرية رئيسية من (25-35)، والفئة الثانية(36-45)، والفئة الثالثة 45 عاماً فما فوق، وتبين أن المرشحين الشباب ضمن الفئة العمرية الاولى يمثلون 1977 مرشحا بنسبة 32% ويشمل كلا الجنسين مع انخفاض نسبة وعدد المرشحات في الفئة الشبابية مقارنة مع الشباب الذكور علماً أن كافة عدد المرشحين كاملاً وصل(6053)، فيما الفئة الثانية وصل عددها(1679) بنسبة 27%، أما الفئة الثالثة تعتبر الأكبر بإجمالي العدد(2397) بنسبة 40%، مع ملاحظة انخفاض عدد المرشحات، أما الفائزين من الفئة الأولى كانت النسبة21.7%، أما الفئة الثانية كانت النسبة 27.4%، أما الفئة الثالثة كانت النسبة 26.6ِ%.
أن قراءة تلك الأرقام تشير أن النظرة التقليدية باختيار كبار العمر بدأت بالانحسار والتفاؤل المستقبلي بأن دور الشباب بدأ بالارتفاع الملحوظ وهذا الأمر ايجابي بأن فئة الشباب بدأت فعلاً بأخذ زمام الأمور والاتجاه نحو التغيير ضمن سياق رؤيتهم وأصبحت أولوياتهم البدء في أن يكونوا في صلب صناع القرار.
أما وضع المرأة فبلغت الكوتا الإجمالية 21.8% في الانتخاب والتزكية، ومرحلة الانتخاب وصلت النسبة إلى 20.5%، لكن تحليل الكوتا في الترشح وصل عدد المرشحات إلى 1515 بنسبة 25.5% من إجمالي المرشحين 6043 مرشحاً.
تحليل تلك الأرقام أن وضع المرأة ما زال يراوح مكانه وأن عملية تطوير وتعزيز وجود المرأة داخل الانتخابات المحلية رغم عملية التثقيف المستمرة إلا أن الحال بقي كما هو ولم يكن لها وجود فعلي سواء في العملية الانتخابية بكافة مراحلها سواء الترشح واختيار القائمة وعملية الاقتراع، الأمر الذي يؤكد أن لولا وجود الكوتا لما وُجدت النساء داخل إطار الهيئات المحلية.
أما خطاب الكراهية كان هناك استهداف للأعضاء أو العضوات داخل مرحلة الدعاية الانتخابية الأمر الذي يشير أن ميثاق الشرف الانتخابي الذي وُقع قُبيل العملية الانتخابية قد ذهب هباءاً منثورا ناهيك عن القيود المجتمعية أدت إلى سحب القوائم، وأيضاً الضغوط على النساء بانسحابهن من العديد من القوائم ناهيك عن عدم قدرتهن على وضع صورهن في بوسترات الدعاية.
هذه الأرقام تساعدنا على قراءة المستقبل بأن الاتجاه الفعلي سيكون نحو القوائم المستقلة والاتجاه نحو الشباب وسيسعون إلى تشكيل وترؤس القوائم، أما حال المرأة سيبقى كما هو دون تغيير نظراً لطغيان العوائل والعشائر في تشكيل القوائم وغياب الأحزاب السياسية رغم سعيهم نحو تشكيلها، لكن شعور المواطن بالاغتراب من الأحزاب أدى إلى طغيان وغلبة العائلية على الحزبية.
توصيات: دعم مشاركة الشباب تسهم في تغيير الصورة السلبية النمطية التي سادت عقودًا من الزمن حول الشباب، وتسهم في إبراز قدراتهم على تحمل المسؤولية، ومن المهم زرع ثقافة المشاركة المجتمعية التي تُعزز دور النساء ومشاركتها داخل الهيئات المحلية، و تعزيز الجهود المبذولة في تعزيز “نبذ الكراهية” وتقبل الآخر حفاظاً على السلم الأهلي، وتعزيز ميثاق الشرف بين الأحزاب والجماعات بعدم الانجرار إلى العنف.