الشباب عنوان التغيير والتطوير وحلول عصرية لمشاكل الشباب، بقلم: تمارا حداد
يُمثل الشباب في جميع البلدان مورداً بشرياً رئيسياً للتنمية وعاملاً مؤثراً يُساهم في التغير الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والابتكار التكنولوجي، ويُمثل بما لديه من خيال ومُثل وطاقات هائلة ورؤى خلاقة عناصر أساسية للتنمية المستمرة للمجتمعات التي يعيشون فيها، إلى جانب دورهم الكبير في تشكيل وصياغة المستقبل بتحدياته ورهاناته.
لذا فإن الشباب يحظى باهتمام خاص في السياسات والبرامج الحكومية، غير أن طبيعة هذا الاهتمام تختلف درجاته لدى البلدان المتقدمة عنه في البلدان النامية، التي لا ترقى سياساتها إلى درجة الاستثمار والتنمية في أبعادها الشاملة.
وتُعتبر الفئة الشبابية أكثر حساسية على المستوى الإجتماعي بالنظر إلى ما يميز وضعها فهي الأكثر توجه نحو المستقبل إلا أنها في الوقت ذاته الأكثر تعرضا للأزمات والتحديات، حيث تبقى في حلقة محصورة بالمشاكل و الإكراهات والصعوبات، كما أنها تشكل عبئاً ثقيلاً في السياسات العامة في نظر صانعي القرار، عبء يشمل مجالات متعددة يتقاطع فيها السياسي بالإقتصادي والإجتماعي والتعليمي والثقافي وغيرها.
فالشباب عنصر أساسي في التحديات التي تواجه المجتمعات اليوم والأجيال المقبلة على السواء، لذلك فإن هناك حاجة ملحة لتصميم السياسات والبرامج المتعلقة بالشباب وتنفيذها على جميع المستويات، وستؤثر الطرق التي ستعالج بها هذه السياسات الخاصة بالشباب على الظروف الاجتماعية والاقتصادية الحالية.
إن الشباب يُعد قوة أساسية في التغيير وفاعل تنموي في تحقيق تنمية مستدامة، فإذا كان تاريخ المجتمعات النامية قد شهد على المشاركة الفاعلة للشباب في التنمية بمستوياتها المتعددة، فإن الحاضر يشهد على ما يحملونه من طاقات، وقدرات إبداعية في مجالات العلوم والمعارف، فهم جيل أكثر تطلعًا لإثبات الذات والمغامرة، والتجديد في مختلف مجالات التنمية، وهم أيضًا الأكثر تعاملاً مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأكثر انفتاحًا على ثقافات العالم، والأكثر رغبة في إقامة مجتمعات العدالة والديمقراطية وحوار الثقافات وتحقيق السلام العالمي العادل.
وبالنظر إلى التطورات والتحولات السريعة في العالم، وظهور العديد من المشاكل المختلفة التي تلامس الشباب في مجالات متعددة تجعل القادة السياسيين في مختلف الأنظمة السياسية والفاعلين الدوليين والرسمين وغير الرسمين، معنيين إلى حد كبير بضرورة حل تلك المشاكل التي تمس هذا المكون، والإستجابة لمختلف مطالبه من أجل تحقيق أهدافه ضمن برامج وخطط متكاملة، أو ما يعرف بالسياسات العامة.
مرحلة الشباب هي مرحلة مهمة للغاية في دورة حياة الإنسان، ولها سمات تميزها عن المراحل الأخرى (الطفولة، والبلوغ، والشيخوخة)، فمن الناحية الاقتصادية يكون الشباب في سن انتقالية من كونهم فئة مستهلكة للموارد إلى فئة منتجة للثروات أي بين عمر الإعالة الاقتصادية وعمر الإنتاج الاقتصادي.أما من ناحية تكوين الأسرة، فالشباب هم غالبا في مرحلة التعرف على الشريك، والزواج، والإنجاب، وتأسيس الأسرة المستقلة. وغالبا ما تكون مرحلة الشباب مرحلة تكوين الشخصية ومعرفة الذات.
آليات لدعم الشباب عن طريق:-
Ø زيادة الوعي لحالة الشباب وزيادة الاعتراف بحقوقهم وتطلعاتهم.
Ø تعزيز السياسات والبرامج وآليات التنسيق الوطنية المتعلقة بالشباب بوصفها أجزاء أصيلة من التنمية الإجتماعية والإقتصادية، بالتعاون مع كل من المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية.
Ø تقوية مشاركة الشباب في عمليات صنع القرار، على كل المستويات بغية زيادة مساهماتهم في التنمية الوطنية .
Ø تعزيز فرص الشباب للمشاركة بصورة أكمل بشأن سياسات التنمية.
Ø تمكين الشباب من المشاركة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية باعتبارها مدخل مهم في معادلة الديمقراطية التشاركية.
Ø تمكين الشباب على المشاركة في الحقوق والمسؤوليات وبناء القدرات والتكامل الاجتماعي. ويعني تمكين الشباب منحهم الصلاحية كأشخاص أو كأعضاء في منظمات الشباب أو في المجتمعات المحلية أو الهيئات الوطنية والدولية، حتى يتولوا اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم ورفاههم بدلاً من أن تتخذ نيابة عنهم قرارات قد لا تتوافق مع رغباتهم أو مصالحهم الفعلية.
Ø تعزيز قدرة الشباب وإزالة العقبات التي تحول دون ممارستهم للاستقلال وتقوية قدراتهم باعتبارها مكون مهم في تحصيل النتائج الايجابية في مسار التنمية وفي مواجهة التحديات والإشكالات المطروحة وتأهيل قادة شباب يملكون من الإمكانات والقدرات في صناعة السياسات العامة والتأثير فيها في سن مبكرة. ويملكون صناعة المستقبل إلى جانب القادة السياسيين والإقتصاديين والإجتماعيين وسائر الفاعلين في السياسات العامة.
Ø العناية بشرائح الشباب في إطار برنامج شمولي ومتكامل من خلال إحداث وتأهيل مؤسسات استقبال الشباب وتقوية البرامج ذات البعد الثقافي والتربوي والترفيهي لفائدة الشباب في الوسط الحضري والقروي.
سياسات داعمة للشباب :-
سياسة الأوراش الكبرى:
المساهمة في إنشاء الورش الكبرى والتي تساعد في إنعاش العمل وتوفير المزيد من فرص العمل وضمان إقلاع اقتصادي حقيقي، فإنها ستعمل على إعطاء دفعة جديدة لسياسة هذه الأوراش .
قطاع التكوين المهني:
التركيز على مجال التكوين المهني على تنمية التكوين بالتدرج المهني لتمكين الشباب بصفة عامة، والمنقطعين عن الدراسة بصفة خاصة، من اكتساب مهارات عملية تسهل اندماجهم في سوق العمل، وفي المساهمة في تحسين وتأطير النسيج الاقتصادي، وإنجاز أهداف الأعمال الوطنية للتنمية البشرية المستدامة.
تطوير الرياضات الاحترافية:
اعتبارا للأدوار المتنامية للرياضة، يجب مضاعفة الجهود لتأهيـل التشريـع الرياضي، وتعزيـز مبادرة الإصلاحات الهادفة إلى إحداث تغيير نوعي في طرق وآليات عمل التنظيمات الرياضية الوطنية؛ وتوفير الفضاءات والبنيات التحتية المفتوحة في وجه الشباب.
ومن هنا لا يمكن أن تتحقق المشاركة من دون إرادة حقيقية لتمكين الشباب إلا عبر آليات لتحقيق المشاركة الفاعلة على الصعيد المجتمعي ويمكن إجمالها فيما يلي:
ü وجود مؤسسات وقوانين يستطيع الشباب أن يمارس من خلالها حقوقه وحرياته وأن تسمح له أن يقدم ويعطي ويشترك مع غيره بكل ما يستطيع من فكر وعمل وإبداع .
ü إيجاد المناخ الديمقراطي والذي يعني الاشتراك وممارسة حق الاختيار والانتخاب والتغيير، من خلال كفالته للحق في المشاركة في إدارة الشأن العام .
ü وجود آليات الحوار والنقاش ومدى اطلاع الشباب على المعلومات وحريتهم في الوصول إلى تلك المعلومات.
ü إشراك المؤسسات الشبابية في عملية التنمية.
ü أن يتسم عمل المؤسسات سواء أكانت حكومية أو غير حكومية بالشفافية .
ü أن تعكس عملية التنمية احتياجات وحاجات الشباب وأولوياتهم على المدى القريب و المتوسط و البعيد.
ü وضع برامج وخطط تنموية واقعية والقدرة على تنفيذها.
ü أن تستهدف البرامج الربط بين السياسات الطفولة، الشباب، و كبار السن لتحقيق التوازن والانسجام في السياسات لتحقيق تضامن الأجيال.
ü العمل على إزالة كل المعيقات التي تحول دون مشاركة الشباب سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو إدارية أو اقتصادية أو غيرها من المعيقات.
ü العمل على برامج وأنشطة تبين أهمية المشاركة سواء أكانت برامج تمكين وبناء قدرات أو أنها تأخذ الصفة التوعوية ليس فقط في البرامج غير المنهجية وإنما في المنهاج المدرسي واعتباره قيمة مجتمعية إيجابية.
ü إشراك الشباب في عملية تحديد الأولويات والاحتياجات )وضع الخطط وتنفيذها والإشراف والرقابة، التقييم( على أن يتضمن ذلك اختيار ما يتلاءم مع طبيعة المجتمع.
ü تشجيع المبادرات التنموية الشبابية، من خلال الاعتماد على الموارد الذاتية.
ü وضوح البرامج التنموية وإيضاح مزاياها والتدرج في تنفيذها، الاتصال والتواصل مع الشباب والإعلان عن البرامج وشرحها لهم .
ü أن تكون هناك مردودات ملموسة، والعمل قدر المستطاع على البرامج التي تكون لها آثار سريعة على المجتمع المحلي.
ü التأكيد على أن التنمية عملية مستمرة وشاملة كآلية من آليات التغيير باعتبارها عملية اجتماعية متكاملة.
ü إيجاد الدعم الحكومي للمشروعات الشبابية التنموية .
ü التنسيق والتشبيك والتكاملية بين جميع المؤسسات التي تعمل في موضوعات التنمية .
وصايا داعمة للشباب:-
· ضرورة انطلاق عملية التمكين من مقاربة حقوق الشباب، الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والمدنية، خاصة الحق في التنمية والمواطنة والمشاركة. وتعنى هذه المقاربة عدم التمييز بين الشباب لأي سبب أو محدد من المحددات، مع التركيز بوجه خاص على معالجة فجوة النوع في مراحل التعليم وفرص المشاركة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية.
· ضرورة مشاركة الشباب في التفكير والتخطيط للمشروعات والبرامج التي تستهدف تمكينهم وذلك لمجموعة من الإعتبارات الهامة.
· رفع وصاية الكبار عن الشباب ومحاصرة تفويضهم لأنفسهم للتفكير بدلا من الشباب لأنه تفويض يعوق تحقيق أهداف الكثير من المشروعات والبرامج المعنية بالشباب.
· توجيه التوفير والاستثمار نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية وذات القدرة الكبيرة على الاضطلاع بدور القاطرة في مجال خلق فرص للعمل (خصوصا في قطاع الصناعة ).
· جعل الإبداع و الابتكار و البحث التكنولوجي رافعة أساسية في تحسين الإنتاج، ومصدر للاستثمارات جديدة قادرة على خلق فرص للعمل و للقيمة المضافة .
· إيلاء كامل الأهمية للاقتصاد الاجتماعي و التضامني، وكذا للنهوض بالمقاولات الصغرى و المتوسطة، التي تحتوي على طاقات كبيرة في مجال خلق مناصب الشغل.
خلاصة:-
أن مشاركة الشباب عملية هامة لإعدادهم للمستقبل، سواء مستقبلهم أو مستقبل مجتمعاتهم فهي تُثري وعيهم بطموحاتهم، ومتطلبات تحقيقها، وتسهم في تغيير الصورة السلبية النمطية التي سادت عقودًا من الزمن حول الشباب، حيث تدعم المشاركة ثقة الشباب بأنفسهم، وتسهم في إبراز قدراتهم على تحمل المسؤولية والإلتزام المجتمعي.
إن إسهام الشباب ومسؤوليتهم في تصميم المستقبل يبقى الخيار الصحيح لتذليل الصعاب والتوجه نحو مسار التنمية الفاعلة والمنتجة، وتجدر الإشارة إلى أن الشباب الذين تتاح لهم فرص المشاركة في حياة مجتمعاتهم بإمكانات أفضل للانتقال إلى مرحلة الرشد بنجاح يمثلون دافعة وقاطرة التنمية.