سياسة القيادة الوطنية ..لا انتظارية ولا انشطارية ! بقلم : موفق مطر
الإشادة الأمريكية والأوروبية لأداء السلطة الوطنية الفلسطينية ، تحتمل افتراضين، ألأول : اعتراف وإقرار بقدرة القيادة الفلسطينية وحكومة السلطة الوطنية على الصمود والتحدي رغم الحملات منظومة الاحتلال والاستيطان العنصرية الدموية الارهابية المتتابعة والمكثفة ، لجيشها ومستوطنيها في الضفة الغربية بما فيها القدس ، والبالغة ذروتها في افظع جرائم حرب وتطهير، مع اعتبار الحصار المالي وقرصنة أموال الضرائب الفلسطينية ( المقاصة ) التي تشكل نسبة كبيرة من فاتورة مخصصات ورواتب الموظفين الحكوميين ، ومخصصات ذوي الشهداء وألأسرى وكذلك الشئون الاجتماعية في الضفة وغزة، ومسئولية دفع فواتير الكهرباء والماء ، والمتطلبات المادية لمؤسسات رئيسة في قطاع غزة كالصحة والتعليم وغيرها ، أما ألأمر الآخر الذي يحق لنا رؤيته بريبة مشروعة باتجاهين فهذه الاشادة قاصرة ، مجردة من الضغط على حكومة منظومة الاحتلال يجبرها على الانصياع لإرادة الشرعية الدولية والقوانين الدولية ، وتنفيذ القرارات الأممية ، فيما الاتجاه الآخر فهو حديثهم عن سلطة فلسطينية متجددة ، لتتولى المسئولية في غزة ، ما يعني أنهم يريدون فرض شروط ما على السلطة !! وذلك حسب قراءتنا لمعنى مصطلح ” سلطة متجددة ” ، وكأنهم لا يعلمون أن سياسة منظومة الاحتلال ، ومساعيها لتدمير السلطة باعتبارها نواة الدولة ، كانت السبب الرئيس المانع لتجديد المؤسسات التشريعية والتنفيذية عبر انتخابات ديمقراطية صدرت المراسيم الرئاسية بخصوصها ، لكن الادارة ألأمريكية وكذلك الأوروبيين لم يستطيعوا الوفاء بتعهداتهم لدفع اسرائيل للقبول بالانتخابات للمواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية في اماكن سكناهم . لكن رغم تقديراتنا لنواياهم الايجابية والسلبية ، فإننا معنيون بموقف القيادة الوطنية الفلسطينية عموما ، وموقف رئيس الدولة قائد حركة التحرر الوطنية محمود محمود عباس ابو مازن ، باعتباره الناظم لأجندة العمل الوطني اليومية ، والمرحلية والاستراتيجية ، ونعتقد أن القارىء بدقة وفهم عميق لكل كلمة تصدر عن الرئيس سيدرك جوهر الموقف الوطني الفلسطيني ، فالرئيس قد قطع الشك باليقين ، ووضع النقاط على الحروف ، وعلى السطور أيضا ..ولعل الأحدث في هذا الشأن ما سمعه مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان
من الرئيس مباشرة بلغة التأكيد :” إن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، ولا يمكن القبول أو التعامل مع مخططات سلطات الاحتلال في فصله أو اقتطاع أي جزء منه ” :” وإن القيادة لن تتخلى عن المواطنين في قطاع غزة فهم مسؤولية دولة فلسطين ، والأولوية بعد الافراج عن أموال المقاصة الفلسطينية، ستكون لشعبنا في قطاع غزة ، الذي لم نخرج منه غزة لنعود إليه ” .
سمع سوليفان الموقف الوطني الفلسطيني النقي من الرغبات السلطوية ، فالرئيس على رأس القيادة المدركة لأهداف حملة الابادة الدموية ، لذلك أكد لسوليفان :” رفض التهجير القسري لأبناء الشعب الفلسطيني ومنعه، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية بما فيها القدس ، فالضفة الغربية تشهد تهجيرا قسريا وضما صامتا للأرض الفلسطينية من قبل المستعمرين الإرهابيين وجيش الاحتلال الاسرائيلي ” …ولأولوية القصوى لدى الرئيس والقيادة في هذه اللحظات المصيرية :
” ايقاف حرب الإبادة الجماعية خاصة في قطاع غزة، فتح جميع المعابر، إدخال المواد الإغاثية والطبية والغذائية، وتوفير المياه والكهرباء والوقود ، واستعادة حيوية المستشفيات والمرافق الأساسية ، وإلزام إسرائيل بإيقاف عدوانها على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، واجتياح جيشها للمدن والمخيمات الفلسطينية ، والكف عن قتل المدنيين، وتدمير البنية التحتية، والتوقف عن جرائم انتهاك المقدسات الإسلامية والمسيحية، والتطهير العرقي ، والتنكيل بالمعتقلين وألأسرى الفلسطينيين “.. أما وجوب تدخل الإدارة الأميركية الجاد والفوري لمنع مخالفات وانتهاكات اسرائيل لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي ، فهذا لأن للإدارة الأمريكية وحدها قوة الضغط على حكومة منظومة الاحتلال ، لإجبارها على الانصياع .
سمع مستشار ألأمن القومي أولويات القيادة ، لتطبيق فهمها للمسئولية الوطنية ، ولمهمتها الأساس في حماية الشعب الفلسطيني ، أما الموقف السياسي الفلسطيني الثابت فقد سمع سوليفان من الرئيس الرؤية السياسية الفلسطينية الشاملة ، وفق خريطة طريق معلومة للإدارة الأمريكية وأوروبا ولكل دول العالم بعناوينها الرئيسة وهي :
حصول دولة فلسطين على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة والاعتراف بها ، وعقد المؤتمر الدولي للسلام، ذلك أن السلام والأمن بتنفيذ حل الدولتين، المستند لقرارات الشرعية الدولية الذي يشمل كامل أرض دولة فلسطين في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية ، وقطاع غزة ” فعن أي سياسة يصفها قصار النظر وأصحاب النوايا الانتقامية ، والعبثية العدمية ب” الإنتظارية ” ؟! وأكثر ما نخشاه أن فهمهم للسياسة يعني زج الشعب في معارك خاسرة ليكون ميدانا ، تفتك بأطفاله ونسائه وشيوخه ورجاله وشبابه القنابل الانشطارية !.