شفا – كلمة النائب قيس عبد الكريم ( أبو ليلى ) عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في المؤتمر الصحفي الذي عقدته الجبهة في رام الله في 30/12/2012 كما وصلت لـ شفا .
السيدات والسادة
اسمحوا لي أولاً أن أتوجه بالتحية والتهاني وأطيب التمنيات إلى جماهير شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات بمناسبة الأعياد المجيدة، عيد الميلاد ورأس السنة، وعيد الذكرى الثامنة والأربعين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المظفرة.
ونحن نقترب من العام الجديد، نستطيع أن نلحظ بارتياح أن الشهور الأخيرة من هذا العام الذي يوشك أن يودعنا، شهدت تحقيق نجاحات هامة عززت مواقع حركتنا الوطنية الفلسطينية وقدراتها الكفاحية وأحدثت تحسناً ملموساً لصالحها في موازين الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، دون أن نغفل أنها أيضاً، من الجهة الأخرى، أججت سعار العدوان الإسرائيلي وبخاصة بالموجة المحمومة من التوسع الاستيطاني وتحديداً في القدس. وهو ما يملي علينا أن نجعل من العام القادم فترة عمل مثابر لتوطيد ما تحقق من إنجازات والبناء عليها من أجل التعجيل بحلول ساعة الخلاص من الاحتلال.
أول هذه الإنجازات تمثل، بلا شك، في إحباط العدوان الوحشي الإسرائيلي ضد قطاع غزة وصمود شعبنا ومقاومته الباسلة في مواجهة هذا العدوان مما أدى إلى لجمه وإفشاله وتثبيت دعائم تهدئة متبادلة يمكن أن تشكل نقطة انطلاق لتخفيف المعاناة عن شعبنا في القطاع ومواصلة العمل من أجل فك وإنهاء الحصار الظالم المفروض عليه منذ سنوات.
وساهم هذا في تحقيق الإنجاز السياسي الأكبر المتمثل باعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة فلسطين، بحدودها القائمة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس، ومنحها صفة مراقب ( دولة غير عضو ) في المنظومة الدولية. وتكمن اهمية هذا الإنجاز في كونه يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته عن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال غير الشرعي لأراضي دولة فلسطين ويساعد على تكريس مرجعية دولية أكثر وضوحاً لتصحيح معادلة العملية التفاوضية، كما يوفر القدرة على استخدام أدوات القانون الدولي وآلياته لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها وجرائمها بحق شعبنا وصولاً إلى فرض العقوبات عليها. وهو بالتالي يوفر عامل دعم وتعزيز ملموس لنضال شعبنا الهادف إلى إنهاء الاحتلال.
إن النجاح في تحويل العام القادم إلى عام لتكريس هذه الإنجازات والبناء عليها يتطلب أولاً وبالدرجة الأولى، ودون تأجيل أو مماطلة، المبادرة إلى خطوات جادة لإنهاء الانقسام وطي هذه الصفحة السوداء في مسيرة نضالنا الوطني التحرري. لقد دعونا وما نزال ندعو بإلحاح إلى المسارعة في عقد الاجتماع القيادي الذي يضم رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية ورئيس المجلس الوطني والأمناء العامين لجميع الفصائل الفلسطينية، بما فيها حماس والجهاد الإسلامي، والشخصيات الوطنية المستقلة المتفق عليها، من أجل البدء بخطوات إنهاء الانقسام وتنفيذ اتفاقات القاهرة والدوحة بهذا الشأن ومن أجل بناء الوحدة الوطنية على أساس برنامج كفاحي مشترك ينطلق من هذه المستجدات الإيجابية ويوظفها لإحراز المزيد من التقدم لصالح قضية شعبنا.
وأول ما ينبغي أن يتضمنه هذا البرنامج هو استثمار قوة الزخم التي حققها التحرك السياسي على المستوى الدولي من أجل المسارعة إلى الانضمام إلى الاتفاقيات والوكالات والمؤسسات الدولية التي تدعم مكانة دولةة فلسطين وتتيح إمكانية استخدام أدوات القانون الدولي للدفاع عن مصالح شعبنا في مواجهة الاحتلال وانتهاكاته، بما في ذلك اتفاقيات جنيف ومحكمة الجنايات الدولية وغيرها.
وينبغي أن يسند هذا التحرك باستنهاض للفعل الجماهيري على الأرض للنهوض بحركة المقاومة الشعبية ضد الاستيطان والجدار والاحتلال بكل أشكالها، بما في ذلك إحياء حركة المقاطعة للبضائع والسلع الإسرائيلية.
وفي مواجهة الإجراءات الانتقامية التي تقوم عليها إسرائيل والتي تشكل انتهاكاً لكافة التزاماتها بموجب القرارات الدولية والاتفاقيات المبرمة، لا بد من إعادة النظر في وظائف السلطة الفلسطينية والتزاماتها بحيث تتركز أولوياتها على دعم صمود المجتمع لتمكينه من حمل أعباء المعركة المتواصلة من أجل الاستقلال، مما يتطلب إعادة النظر في التزامات السلطة وخاصة في المجالين الأمني والاقتصادي بما يحفظ مصلحتنا الوطنية ويجسد تصميم شعبنا على ممارسة سيادته واستقلاله.
إن تعزيز صمود المجتمع في مواجهة هذه الإجراءات الإسرائلية وبخاصة فيما يتعلق بالسطو اللصوصي على الأموال الفلسطينية، يتطلب بلورة سياسة اقتصادية اجتماعية تحظى بتوافق وطني شامل وتقوم على المشاركة في حمل أعباء المعاناة الاقتصادية الناجمة عن الأزمة والعدالة في توزيع العبء بين طبقات المجتمع بحيث لا يكون ضحيته صغار الموظفين والقطاعات الاجتماعية ذات الدخل المحدود. وبهدف بناء هذا التوافق الوطني دعونا وما نزال ندعو إلى عقد مؤتمر وطني للحوار حول السياسات الاقتصادية الاجتماعية بمشاركة جميع القوى السياسية والاجتماعية المعنية لتكون كلها شريكة في القرار وبالتالي شريكة في حمل المسؤولية.
إلى جانب الإنجازات الهامة التي أشرنا إليها أعلاه شهدت الشهور الماضية أيضاً تحقيق إنجاز آخر قد لا يقل أهمية على صعيد تعزيز الخيار الديمقراطي لنظامنا السياسي الفلسطيني وإعادة الاعتبار إليه، وهو النجاح في إجراء الانتخابات لهيئات الحكم المحلي في الضفة الغربية.
إننا نتوجه بالشكر والتحية والتثمين إلى لجنة الانتخابات المركزية على العمل الشفاف والنزيه وعالي الكفاءة التي قامت به لضمان حرية ونزاهة هذه العملية الانتخابية.
كنا نتمنى ان يكون الإخوة في حماس شركاء في هذه العملية الديمقراطية بحيث تكون شاملة لقطاع غزة إلى جانب الضفة الفلسطينية، وما زالت الدعوة إلى حماس قائمة بهذا الشأن.
ونحن نتطلع إلى أن تكون هذه الانتخابات خطوة نحو إعادة إطلاق المسار الديمقراطي الذي هو وحده يمكن أن يمنح عملية المصالحة مغزاها وضمان نجاحها.