3:40 صباحًا / 23 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

إنقذوا “الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”، بقلم : علاء الديك

إنقذوا "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، بقلم: علاء الديك

إنقذوا “الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”، بقلم: علاء الديك


منظمة التحرير الفلسطينية هي منظمة سياسية فلسطينية معترف بها من قبل منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين، حيث تأسست منظمة التحرير في مايو عام 1964 بعد إنعقاد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في القدس، وذلك نتيجة لقرار مؤتمر القمة العربي عام 1964 المنعقد في القاهرة، بهدف تمثيل الفلسطينيين في المحافل الدولية. وتضم منظمة التحرير العديد من الفصائل والقوى الفلسطينية بإستثناء حركتي حماس والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة)، فالأخيرة علقت عضويتها وإنسحبت من منظمة التحرير عام 1974، إحتجاجاً على سعي المنظمة أنذاك لإيجاد تسوية سياسية مع دولة الإحتلال، وأعتبرت أن مؤتمر مدريد للسلام والإتفاقيات التي تلته وأهمها إتفاق غزة أريحا أولاً، هو بمثابة إتفاق لتصفية القضية الفلسطينية. وفيما يتعلق بموقف حركة حماس تجاه منظمة التحرير، فقد أكدت الحركة على “ضرورة إصلاح وتطوير المنظمة ومؤسساتها بشكل فعال”.

والجدير بالذكر هنا أن هناك العديد من القوى والفصائل في إطار منظمة التحرير، تطالب دوماً بضرورة إصلاح وتطوير المنظمة وتفعيل مؤسساتها، للقيام بالدور الوطني والمؤسساتي بواقعية وفاعلية أكثر.


فلقد كان الهدف الرئيسي من إنشاء منظمة التحرير هو تحرير فلسطين عبر الكفاح المسلح، ولكن سرعان ما تغير المنهج بإتجاه إنشاء دولة فلسطينية ديمقراطية على جزء من الأرض الفلسطينية، عبر التسوية السياسية للقضية الفلسطينية منذ عام 1974، وهذا ما عارضته بعض القوى والفصائل الفلسطينية أنذاك وشكلت “جبهة الرفض”.


وفي عام 1988، تبنت منظمة التحرير رسمياً خيار “حل الدولتين” تجاه فلسطين التاريخية، والعيش جنباً لجنب مع دولة الإحتلال في سلام عادل وشامل يضمن عودة اللاجئين الفلسطينيين، وإستقلال الفلسطينيين على الأراضي المحتلة عام 1967، وتحديد القدس الشرقية عاصمة لهم.


وفي عام 1993، إعترفت منظمة التحرير رسمياً بدولة الإحتلال، وعليه إعترفت دولة الإحتلال بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وبذلك تم تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 (سلطة حكم ذاتي فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة)، وهي نتاج إتفاق أوسلو الموقع بين دولة الإحتلال ومنظمة التحرير في سبتمبر عام 1993، بحيث أعتبرت مرحلة إنتقالية لمدة خمس سنوات وتنتهي عام 1999، والتي من المفترض أن تفضي لتسوية شاملة ودائمة وعادلة للقضية الفلسطينية وفق جدول زمني محدد.


وبعد ثلاثون عاماً على إتفاق أوسلو بين دولة الإحتلال ومنظمة التحرير، لم ينجح الفلسطينيون في تحقيق تطلعاتهم وأهدافهم الوطنية والسياسية، فالإحتلال مازال قائماً عسكرياً وأمنياً داخل الأراضي الفلسطينية، سواء في الضفة الغربية أو غزة أو القدس، ومازال الشعب الفلسطيني يعاني الظلم والقهر والحرمان نتيجة إستمرار الإحتلال وسياساته العدوانية الشاملة ضد الشعب الفلسطيني بكل مكوناته، وعليه يتساءل الفلسطينيون: هل بقي أي مبرر أو معنى لإستمرار أي إتفاق سياسي يحترمه ويتمسك به طرف ولا يحترمه ويتمسك به الطرف الأخر؟ وهل يوجد ضامن وراعي نزيه من “دول الإمبريالية الجدد” لهذا الإتفاق من جديد؟ وعندئذ يحدد الفلسطينيون خياراتهم المستقبلية.


فلقد قام الفلسطينيون بكل واجباتهم تجاه الإلتزام بإتفاق أوسلو وما نتج عنه من إتفاقيات وعهود طيلة الثلاثون عاماً الماضية، وذلك نتيجة إيمانهم وإحترامهم للقانون الدولي والإتفاقيات الموقعة في إطاره، ومازالوا يراهنون على مواقف ووعود “دول الإمبريالية الجدد” في تلبية وتحقيق أهداف وتطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والإستقلال والعودة وتقرير المصير وفق القانون الدولي، ولكن لم يجدي ذلك نفعاً، فمازالت تلك الدول هي الراعية والداعمة والحريصة على الأمن والسلام والإستقرار وحقوق الإنسان لمواطنيهم وحلفائهم فقط، وعندما يتعلق الأمر بالإنسان الفلسطيني فالأمر مختلف، فمازالت تلك الدول تدعم دولة الإحتلال للدفاع عن نفسها بكل قوة، وتدعم سياساتها الأحادية ضد شعب أعزل، وهي أيضاً المتجاهلة لحقوق الفلسطينيين في المحافل الدولية، فتارةً تستخدم الفيتو أو تعارض أو تمتنع عن التصويت، وخاصة عندما يتعلق الأمر بحقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني، ومازالت كذلك لا تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وفقاً للقانون والمواثيق الدولية التي هي الراعي لها.


وفي السياق ذاته، مازالت “دول الإمبريالية الجدد” تعرقل جهود وفاعلية مساعي دول أخرى تريد تطبيق الحل الشامل والدائم والعادل تجاه القضية الفلسطينية وفقاً للقانون والمواثيق الدولية، وأهمها جمهورية الصين الشعبية وأحرار العالم، الذين يسعون بدورهم الفعال لتحقيق السلام والإزدهار والعيش والمصير المشترك للجميع دون إستثناء، من خلال إحترام سيادة وحقوق الدول، وعدم الإعتداء على الغير أو التدخل في شؤون الغير، وبالتالي رفض إستمرار الظلم على الشعب الفلسطيني أو تجاهل حقوقه وقضيته العادلة، والتأكيد على رفض الإجراءات الأحادية وسياسة إزدواجية المعايير من قبل بعض الأطراف في العلاقات الدولية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالشعب الفلسطيني وحقوقه وتطلعاته العادلة والمشروعة.


وعليه، فإن “دول الإمبريالية الجدد” تريد إضعاف منظمة التحرير وصولاً للقضاء عليها وتصفية القضية الفلسطينية، وذلك من خلال تعريتها أمام الجماهير، وبالتالي فقدان شرعيتها وتمثيلها للشعب الفلسطيني، وخاصة أن النهج والمشروع السياسي الذي تبنته ووافقت عليه منظمة التحرير برعاية هذه الدول خلال العقود الماضية قد فشل واقعياً، ولم يجلب ويحقق للشعب الفلسطيني حقوقه وتطلعاته العادلة والمشروعة، ومنها الحق في الحرية والإستقلال والعودة وتقرير المصير، فلا يزال الشعب الفلسطيني مظلوماً نتيجة العدوان والإحتلال.


في المحصلة، مازال الإحتلال قائماً لكل الأراضي الفلسطينية، ومازال العدوان مستمراً ضد الشعب الفلسطيني بكل مكوناته ودون تمييز، ومازال الحصار والحرب الشاملة مستمرة أيضاً في كل الأماكن ودون تمييز، ومازالت “دول الإمبريالية الجدد” تدعم دولة الإحتلال مادياً ومعنوياً وعسكرياً بشكل مضطرد، ومازال المجتمع الدولي غير قادر على وقف العدوان والحرب الشاملة ضد شعب أعزل، أو حتى رفع الحصار عنه لتأمين حياة كريمة له وإنقاذ حياته المهددة نتيجة العدوان المستمر، ومازال الشعب الفلسطيني ينتظر حقوقه العادلة والمشروعة منذ أكثر من 75 عاماً دون تنفيذ، وكأن الشعب الفلسطيني خارج إطار الإنسانية في نظر البعض، فالظلم والإضطهاد مازال مستمراً تجاه الفلسطيني، ولكن ستبقى فلسطين وسيبقى الفلسطيني طالما أن هناك شعب يناضل من أجل حريته وكرامته وتقرير مصيره على أرضه الفلسطينية.


في المقابل، مازال الإنقسام الفلسطيني يخيم على الساحة الفلسطينية في ظل إستمرار الحرب الشاملة ضد الشعب الفلسطيني بكل مكوناته، سواء في الضفة الغربية أو غزة أو القدس، فهناك حاجة ماسة لترتيب البيت الفلسطيني وإعادة الإعتبار للوحدة الوطنية الفلسطينية وبمستوياتها المختلفة، وخاصة أن ما يمر به الوضع الداخلي الفلسطيني سيؤثر على شرعية ووحدانية منظمة التحرير والقرار الوطني المستقل ومستقبل القضية، وأيضاً على مساعي وجهود الكثيرون من أحرار العالم في الأونة الأخيرة، عربياً وإقليمياً ودولياً تجاه حل القضية الفلسطينية بشكل دائم وعادل وشامل وفق القانون الدولي ومواثيقه، وذلك لأن إعادة الإعتبار لدور ومكانة منظمة التحرير كمرجعية وطنية للكل الفلسطيني في كل أماكن تواجدهم وبكل مكوناتهم السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية والفكرية والإعلامية، هو بمثابة إمتلاك زمام الأمور من جديد فموقف وبرنامج وطني موحد هدفه الخلاص من الإحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على الأرض الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس الشريف.


وعليه، فلا يعقل الحديث عن ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وبعض مكوناته الفاعلة خارج إطاره، وخاصة أن تلك المكونات أصبحت تحظى بالتفاعل والمد الجماهيري والشعبي أكثر من أي وقت مضى، ولا يعقل أيضاً الحديث عن ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني ومازال يراهن مادياً وسياسياً وإقتصادياً على دعم ومساندة “دول الإمبريالية الجدد” في الحصول على حقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني العادلة، وخاصة أن تلك الدول تدعم وتساند دولة الإحتلال في الحرب الشاملة على الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وفي كل أماكن تواجده ودون تمييز، فهم يريدون الشعب الفلسطيني ومؤسساته ضعيفة وهشة ومنقسمة، بهدف السيطرة عليه وحرمانه القرار الوطني المستقل ليبقى تابعاً وغير قادر على الصمود وبالتالي تصفية قضيته العادلة، وكذلك لا يعقل الحديث عن ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني ولا يطبق “بحزم وثبات” الحوكمة على مؤسسات السلطة التنفيذية كافة، ومتابعة مستوى أداء القائمين عليها، من أجل صون وحماية حقوق الشعب الفلسطيني السياسية والمدنية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية والإعلامية، وخاصة أن هناك غياب للسلطة التشريعية تجاه أداء المؤسسة وسيادة القانون ومكونات المجتمع الفلسطيني، الذي مازال يعاني ظلم وعدوان دولة الإحتلال.


فلسطينياً وعربياً


مطالبة الشعب الفلسطيني بكل مكوناته السياسية والمدنية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية والفكرية والإعلامية، بضرورة التمسك والحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وهنا أعتقد جازماً أن لا أحد من الشعب الفلسطيني يريد بديلاً عن المنظمة أو يسعى للمساس بوحدانيتها.

وكذلك مطالبة الشعب الفلسطيني بكل مكوناته بضرورة الإنخراط والدخول الفوري والعاجل في إطار منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة مؤسسة واحدة وقانون واحد وشعب واحد، وفق رؤية وطنية قادرة على حماية الشعب الفلسطيني وتحقيق أهدافه وتطلعاته المشروعة دون إذن من أحد. وأيضاً مطالبة القيادة السياسية الفلسطينية بكل مكوناتها البدء الفوري بإصلاح وتطوير وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية لتكون المرجعية الحقيقية لكل مناحي الحياة الفلسطينية، وعلى قاعدة الشفافية والمساءلة والمحاسبة والمساواة، وصولاً لبناء الشراكة السياسية الحقيقية بين الجميع دون إستثناء وفق “برنامج وطني موحد”، قادر على بناء وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة وفقاً للقانون، بشرط أن يكون ذلك بعيداً عن المماطلة والإتكال والثقة من جديد بمواقف ووعود “دول الإمبريالية الجدد”. إضافة لذلك، مطالبة القيادة السياسية الفلسطينية بضرورة إعادة النظر بعلاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع الدول التي لا تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس الشريف وفقاً للقانون الدولي، على قاعدة التعامل بالمثل وفق أسس ومبادئ نظرية العلاقات الدولية “الإحترام المتبادل للسيادة وللحقوق”.

علاوة على ذلك، مطالبة الدول العربية والإسلامية بضرورة الحفاظ على وحدانية منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وتوفير الدعم السياسي والمالي والقانوني للشعب الفلسطيني ولمؤسساته الوطنية كافة، بهدف الحفاظ وحماية القرار الوطني المستقل، وتعزيز صمود الجماهير على الأرض الفلسطينية في ظل إستمرار العدوان والإحتلال والمؤامرات على الشعب الفلسطيني، لحين تحقيق تطلعاته المشروعة والعادلة. وأخيراً مطالبة القيادة السياسية الفلسطينية وكل مكونات الشعب الفلسطيني بضرورة توحيد جهودهم في هدف واحد وهو إنهاء الإحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة فوراً ودون تأجيل، وذلك بالتنسيق الفعال والمتواصل مع الأصدقاء والحلفاء وأحرار العالم لتحقيق تلك الغاية، ومطالبة الأمم المتحدة بقبول عضوية دولة فلسطين الكاملة فوراً، والإعتراف بالدولة الفلسطينية كاملة السيادة والإستقلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس الشريف، والإيعاز الفوري والعاجل للمؤسسات الوطنية الفلسطينية كافة بحماية الشعب الفلسطيني وحماية مؤسساته من أي إعتداء أجنبي أو خارجي وفقاً لإحترام سيادة الدول وعدم الإعتداء عليها تماشياً مع القانون الدولي.

  • علاء الديك – باحث بالشأن الصيني والعلاقات الدولية

شاهد أيضاً

الصحفي حسن أبو قفة

استشهاد الصحفي حسن أبو قفة في قصف إسرائيلي على النصيرات وسط قطاع غزة

شفا – استشهد، مساء اليوم الجمعة، الصحفي الفلسطيني حسن أبو قفة ونجله عماد بعد غارة …