شفا – قال الكاتب والمحلل السياسي، عمرو حمزاوي: إن أحد أهم التحديات التي تواجه الدولة الحديثة منذ نشأتها هو مسألة إدارة الدور المجتمعي والسياسي للدين علي المستويات المؤسسية المختلفة، خاصة وأن الدولة الحديثة ارتبطت في كثير من الظروف في نشأتها بصراع وتنازع مع السلطة الدينية.
وقال حمزاوي في المائدة المستديرة التي عقدت علي هامش مؤتمر “الدين والسياسية في مصر عبر العصور”، مساء أمس الأربعاء، إن تلك التحديات لم تغب حتي عن الدول الأوروبية التي أصبحت تحظي بديمقراطيات مستقرة، وذلك لأن الدولة الحديثة ارتبطت بصناعة إطار موازي لتنظيم الحياة الخاصة بمرجعيات غير دينية، وأن الدول الحديثة عملت علي تعميق هذه الثنائية.
واعتبر حمزاوي أن “الجمهورية الأولي بمصر”، والتي يشير بها للفترة ما بين يوليو 1952 مع نشوء دولة دولة يوليو وحتي سقوط تلك الدولة في 25 يناير 2011، هي فترة استبداد خالصة، افتقدت أهم مبادئ الديمقراطية وهو تداول السلطة.
وقال حمزاوي إننا نعيش منذ ذلك الوقت فيما عرف بـ”دولنة الدين”، أي السيطرة علي المؤسسات الدينية “الإسلامية والمسيحية”، واستتباع تلك المؤسسات لصالح السلطة السياسية.
وأضاف حمزاوي، إنه ومنذ نهاية الستينيات اعتمدت النخبة الحاكمة في مصر علي بناء شرعيتها بالاستناد إلي المكون الديني، وفي المقابل كانت هناك مساومة بين السلطتين الدينية والسياسية علي حساب حقول المواطنين وحرياتهم، وشدد علي أن هناك أثمانًا دفعت لحركات دينية في مقابل بناء شرعية السلطة السياسية.
وقال حمزاوي إن السلطة السياسية عملت علي تسييس المكون الديني عبر تكوين ودعم جماعات وتيارات تقول إن مرجعيتها دينية، موضحا ان هذه الجماعات التي يعود تاريخ بعضها إلي ما قبل دولة يوليو، مثل جماعة الإخوان المسلمين، لم تقبل قواعد السياسة الرسمية ولم تقبل الإطار العام للدولة الحديثة.
وأكد حمزاوي أن تيارات الإسلام السياسي لم تحسم موقفها لا علي مستوي الرؤية ولا المنهج من الدولة الحديثة ومقوماتها وما إذا كانوا يريدون استمرارها أو تجاوزها.
وشدد حمزاوي على أن الشيء الوحيد الذي حسمته تلك التيارات من الديمقراطية هو الصندوق، بينما لم يحسموا مواقفهم من تداول السلطة ولا حكم القانون، فاختزلوا الديمقراطية في الصندوق الانتخابي، الذي رغم ذلك نقر بأهميته، لكن اختزال الديمقراطية إليه هو تعثر منهجي ومعرفي.
وقال حمزاوي: إن القضية الرئيسية التي نعاني منها الآن هي توظيف التيارات والأحزاب للمكون الديني في قمع التعددية لصالح مجموعة من الصيغ التكفيرية والاستبعادية، خاصة وأن التيارات الإسلامية تسعي إلى تقديم نفسها علي أنها الكل في واحد دون الفصل بين الدور السياسي والاجتماعي والرعائي والتربوي.