آلة الحرب الاسرائيلية في محو المواقع الاثرية وطمس التراث الثقافي الفلسطيني ، بقلم : د. منى ابو حمدية
بعد مرور شهر ونصف على حرب السابع من اكتوبر والمستمرة حتى اللحظة ، استهدفت آلة الحرب الاسرائيلية البشر والحجر والشجر وأراقت دماء اكثر من اثنا عشر الف شهيد من المدنيين العزل اغلبهم من الاطفال والنساء والشيوخ والذين لم تكن بيوتهم مكان امن وامان لهم ، بسبب بطش و دموية الاحتلال الصهيوني .
لم تقتصر وحشية الاحتلال على اغتيال البشر فحسب بل امتدت بشكل عنيف لتدمير الحجر ، فطالت مواقع أثرية وتراثية في قطاع غزة بنية الابادة الكاملة لكل ما هو فلسطيني ومسحه عن الوجود بأعتى وابشع وسيلة ؛ مما اعرب عن تدمير العشرات من المواقع الاثرية والتراثية من متاحف ومساجد وكنائس و منشآت أثرية بالاضافة الى استشهاد عددٍ من العاملين بقطاع التراث والاثار ، الامر الذي أدى الى عدم متابعة الاخرين لعملهم وحراسة المواقع وخدمتها بسبب شدة وقسوة الحرب.
مما لاشك فيه ان الاحتلال الغازي لساكني اقليم جغرافي معين يعمل على مسح تاريخه و إبادته تماما حتى يستفرد بالمنطقة ويمارس سيادته بوحشية فوق دماء شعبه .
و هذا ما يجري تمامًا في غزة في ظل استمرار حرب “الابادة الجماعية” لشعب اعزل يُباد ليلا نهارا بلا توقف ليمسح كل اثر له عن الوجود .
لعل استهداف الاحتلال لتلك المنشآت الاثرية هي اقوى دليل على ان هذا الاحتلال يسعى جاهدًا لطمس هوية وتاريخ شعب بأكمله ولعل هذا العدد الكبير من تدمير المواقع الاثرية في غزة يؤكد نوايا الاحتلال الوحشية بالابادة والتطهير العرقي .
في ظل هذا الغزو المغولي الصهيوني المستمر لقطاع غزة لا يمكن حصر عدد المواقع الاثرية التي دمرت ولا يمكن حصر الاضرار التي لحقت بالتراث الثقافي لغاية الان .
ان العديد من المتاحف والمنشآت الاثرية والتي تعود الى الفترة الكنعانية و الرومانية واليونانية والاسلامية ، قد تعرضت للتدمير والقصف و اضرار متفاوتة ومنها :
- متحف القرارة والذي اشيد عام ١٩٥٨ م والذي تعرض للقصف فتصدعت جدرانه وتهشمت منه اجزاء كثيرة
- متحف خانيونس والذي تكبد اضرار بالغة وكبيرة اثر قصف همجي ، حيث يضم قطعًا اثرية تعود للحقبة البيزنطية والرومانية، بالاضافة لنقود اسلامية تعود للعهد الاموي والعباسي والعثماني .
ومن محتويات هذا المتحف قسم للتراث يضم العديد من الآلات الخشبية كاليرغول والشبابة والربابة الى جانب ادوات زراعية قديمة واواني تعود لأكثر من مئة عام
بالاضافة للازياء التراثية والتي تعود لفترة ما قبل النكبة . - متحف العقاد والذي يضم الاف القطع الاثرية والتي تعود لفترة ما قبل التاريخ
- بيت السقا الاثري في حي الشجاعية والذي تم تدميره بشكل لا يمكن ترميمه .
- المركز الثقافي الارذوكسي في منطقة تل الهوا .
- كنيسة القديس برفيريوس وتقع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية في حي الزيتون ، تدمرت بشكل جزئي ولعل اهميتها تنبع من مكانتها الدينية العالمية وكونها في طريقها للترشح على لائحة التراث العالمي.
- قصر الباشا او قصر الرضوان والذي شيد في العصر المملوكي
- قلعة برقوق في خانيونس والتي اسست في القرن الرابع عشر الميلادي كحصن للتجار المتنقلين ما بين القاهرة ودمشق .
- مبنى بلدية غزة الاثري
- حمام السمرة العثماني
- سبيل السلطان عبد الحميد وهو منشأة معمارية تقدم المياه للمارة وعابري السبيل .
- العديد من المساجد الاثرية ومنها : مسجد السيد هاشم وبه مدفون جد الرسول الكريم هاشم بن عبد مناف ،
وجامع الشيخ زكريا في حي الدرج والذي تأسس في القرن الخامس الهجري ،
وجامع الشمعة في حي البخارين ،
وجامع الشيخ عبد الله في حي التفاح وبه مدفون عبد الله الايبكي وهو من مماليك السلطان المملوكي ،
وايضا مسجد ابن عثمان والذي شيد في القرن الثامن الهجري .
ومن هنا لا بد من مناشدة المنظمات التي تعنى بالتراث والاثار وتعمل جاهدة على حمايتها وحفظها كمنظمة اليونسكو
و المجلس العالمي للمعالم والمواقع ICOMOS و المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الالكسو
منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو)
ولأن آلية حماية التراث والاثار هي بالمجمل نتاج جهود ذاتية لأفراد رغبوا في تجميع القطع الأثرية وحفظها ، لذا وجب بانتهاء الحرب العمل بتشكيل لجنة علمية لتحديد الاخطار التي ألمت بالمواقع الاثرية ولا بد من خطة لانقاذ ما تبقى من الاثار وترميمها بدعوة متخصصين وخبراء من شتى انحاء العالم .
- : د. منى ابو حمدية – اكاديمية وباحثة في التراث الفلسطيني – فلسطين .