شفا – اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأربعاء، مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، بعد حصاره وقصفه المتكرر علة مدار الأيام الستة الماضية.
وقال رئيس قسم الحروق بمجمع الشفاء د. أحمد مخللاتي في تصريح صحفي: “الدبابات الإسرائيلية والجرافات دخلت إلى حرم المجمع الطبي”.
وأفاد شهود عيان داخل المجمع الطبي، أن آليات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت القسم الغربي من المجمع، وفجرت أبواب الأقسام وجدران في المنطقة المقتحمة، مؤكدين أن عشرات الجنود دخلوا لمبنى قسم الطوارئ في مجمع الشفاء، فيما تمركزت دبابات الاحتلال دخلت حرم المجمع الطبي، وسط حالة رعب وهلع بين المواطنين والمرضى والطواقم الطبية المتحجزين داخله.
التحذير من مجزرة
وحذرت وزارة الصحة بغزة، من ارتكاب الاحتلال مجزرة بحق المرضى والنازحين والطواقم الطبية المحاصرين داخل المستشفى، والذين يقدّر عددهم بتسعة آلاف شخص.
وأفاد الشهود فجر اليوم “بسماع أصوات اطلاق نار في ساحات المجمع”.
واستنكر المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، إطلاق قوات الاحتلال النار داخل مستشفى الشفاء.
وقال القدرة في تصريحات صحفية: “لا يوجد شيء يستدعي إطلاق النار داخل مستشفى الشفاء لعدم وجود أي شكل من أشكال المقاومة فيه، وما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي يشكل إرهابا للأطباء والمرضى”.
وأكد أن “1500 من أعضاء الطاقم الطبي ونحو 7 آلاف نازح موجودون داخل الشفاء الآن”.
اقتحام وتفتيش
وقال الدكتور محمد زقوت، مدير عام المستشفيات في قطاع غزة، لقناة الجزيرة: تواصلت قبل قليل (5:30 فجرًا) مع وكيل الوزارة وهو مع الطواقم الطبية إلى جانب المرضى، وعلمت أن قوات الاحتلال اقتحمت قسم الجراحات والطوارئ وتنفذ عمليات تفتيش في القبو الذي يوجد به نازحين.
كما اقتحمت قوات الاحتلال (صباحا) مبنى الأمراض الباطنية والكلى في مستشفى الشفاء الطبي.
وأفاد مصدر طبي داخل المجمع الطبي أن قوات الاحتلال طلبت عبر مكبرات الصوت من النازحين داخل مستشفى الشفاء الخروج.
كما طالبت قوات الاحتلال الطواقم الطبية بالخروج من التجمع الطبي إلاّ أنهم يرفضون الخروج وترك المرضى والمصابين.
وأفاد مراسلنا، أن هناك انقطاعا للتواصل مع الموجودين داخل المجمع الطبي، وهناك صعوبات في معرفة ما يجري.
وأقرت إذاعة جيش الاحتلال بأنه لم يعثر على أي من الأسرى والمحتجزين داخل المجمع بخلاف ما روجت عن وجودهم قوات الاحتلال والإدارة الأميركية، للتمهيد لعملية الاقتحام والجريمة الجارية.
تكذيب الاحتلال
وشدد مدير عام المستفيات محمد زقوت على كذب مزاعم الاحتلال بشأن مجمع الشفاء وباقي المستشفيات، مذكرًا بأن الوزارة دعت لتشكيل لجنة دولية لزيارة المستشفى والتحقق من من رواية الاحتلال الكاذبة.
وقال زقوت: جيش الاحتلال كان يعتقد أن دخول جنوده مجمع الشفاء سيكون نصرا له لكنه لم يجد أي دليل على وجود المقاومة.
كما أشار إلى أن وزارة الصحة وافقت قبل 3 أيام على إخلاء المستشفى عبر سيارات إسعاف مصرية أو أي آلية أخرى لنقل الأطفال لمستشفيات أخرى في الجنوب، ونقل باقي المرضى إلى مدرسة لعدم وجود متسع في المستفيات، ولكن لم يتم التجاوب مع هذا المقترح.
وأكد أن الاحتلال أطلق النار على من خرج من الممر الذي زعم أنه آمنا للخروج من المشفى.
مناشدات بلا استجابة
وقال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، إسماعيل الثوابتة: وجهنا مناشدات إلى جميع المنظمات الدولية والصليب الأحمر منذ أيام لإنقاذ الجرحى في مجمع الشفاء، لكنها رفضت الاستجابة وتماهت مع أهداف الاحتلال وتتحمل جزء من المسؤولية عما يجري.
وأضاف: “نحمّل الاحتلال والمجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية كامل المسؤولية عن سلامة آلاف الطواقم الطبية والجرحى والنازحين، ونحذر من ارتكاب مجزرة في مستشفى الشفاء”.
وبعد منتصف الليل، قال المتحدث باسم وزارة الصحة في تصريحات لقناة “الجزيرة”: إن قوات الاحتلال الإسرائيلي أبلغتهم بشكل رسمي نيتها اقتحام مجمع الشفاء خلال دقائق، وهو ما تم فعلا.
وأضاف: “جيش الاحتلال تواصل معنا عبر الهاتف وطالبنا بعدم الاقتراب من نوافذ أو أبواب مشفى الشفاء”.
وتابع الجيش: “لقد سبقت العملية جهود لإخلاء المستشفى من المرضى والنازحين شملت أيضًا فتح ممر تنقل خاص من داخله”.
ومنذ أيام، يتعرض مستشفى الشفاء ومحيطه، وسائر مستشفيات القطاع، لاستهداف مستمر بالقصف من قوات الاحتلال الإسرائيلي، بزعم “وجود مقر للمسلحين الفلسطينيين”، وهو ما نفته حركة حماس ووزارة الصحة وجهات طبية دولية مرارا.
موقف حماس
من جهتها، حمّلت حركة حماس الكيان المحتل وقادته النازيين الجدد، والرئيس بايدن وإدارته كامل المسؤولية عن تداعيات اقتحام جيش الاحتلال لمجمع الشفاء الطبي، وما يتعرض له الطاقم الطبي وآلاف النازحين، جراء هذه الجريمة الوحشية بحق مرفق صحي محمي بحكم اتفاقية جنيف الرابعة، وسيُحاسب عليها قادة الاحتلال وكل من تواطأ معه في قتل الأطفال والمرضى والمدنيين العزّل.
وقالت حماس في بيان لها: إن تبنّي البيت الأبيض والبنتاغون لرواية الاحتلال الكاذبة، والزاعمة باستخدام المقاومة لمجمع الشفاء الطبي لأغراض عسكرية، كان بمنزلة الضوء الأخضر للاحتلال لارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين لإجبارهم قسراً على النزوح من الشمال إلى الجنوب لاستكمال مخطط الاحتلال الرامي لتهجير شعبنا كما جاء على لسان العديد من وزراء الكيان المحتل.
وشددت على أن صمت الأمم المتحدة، وخُذلان العديد من الدول والأنظمة، لن يُثني شعبنا الفلسطيني عن التمسك بأرضه، وحقوقه الوطنية المشروعة، وسنبقى على عهدنا لشعبنا باستمرار الدفاع عنهم وعن حقوقهم بكل قوّة، وسيدفع الاحتلال الثمن غالياً عن جرائمه واعتدائه على أطفالنا ونسائنا ومقدساتنا، فغزة كانت وستبقى مقبرة للغزاة، وإن غداً لناظره قريب.
ضوء أخضر أميركي
ويأتي اقتحام الاحتلال مجمع الشفاء بعد أن منح البيت الأبيض الأمريكي ووزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” الضوء الأخضر لذلك، بتبني مزاعم الاحتلال التي ثبت كذبها.
وزعم البيت الأبيض أن المعلومات المتوفرة لدى واشنطن تفيد بأن حركتي حماس والجهاد الإسلامي تستخدمان المستشفيات في قطاع غزة، بما فيها مجمع الشفاء، لدعم عملياتهما العسكرية، مرددا بذلك مزاعم الاحتلال الكاذبة.
وتتعرض مستشفيات قطاع غزة، لا سيما في مدينة غزة وشمالها، لاستهداف مستمر بالقصف من الاحتلال الإسرائيلي؛ ما يفاقم من الوضع الكارثي، خاصة مع الحصار المفروض على المستشفيات والمراكز الصحية ونفاد الوقود، الأمر الذي أدى إلى وفاة مرضى وجرحى، بينهم أطفال.
ومنذ 40 يوما يشن الاحتلال الإسرائيلي حربا على غزة قتل خلالها 11 ألفا و320 فلسطينيا، بينهم 4650 طفلا و3145 امرأة، فضلا عن 29 ألف و200 مصاب، 70 بالمئة منهم من الأطفال والنساء، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية مساء الثلاثاء.
ومنذ اندلاع الحرب، تقطع إسرائيل إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة، وهم نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون بالأساس من أوضاع متدهورة للغاية، جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ عام 2006.