ولا زال القصف مستمراً ، بقلم : هبه بيضون
بعد بضعة أيام، تكمل الحرب على غزة شهرمنذ اندلاعها، كان كل يوم من هذا الشهر وبالاً على الأهل في غزة الذين ذاقوا الأمرين، نتيجة القصف الإجرامي المكثف، فمنهم من ارتقى شهيداً ومنهم من سقط جريحاً، والبقية يتنقلون من مكان إلى آخر، علّهم ينجون من قصف محتم من قبل الآلة العسكرية الصهيونية.
غزة تباد عن بكرة أبيها، ونحن جميعاً، عرباً وعجماً، نراقب الوضع على القنوات الفضائية ونحن نحتسي الشاي، ونتبادل بطاقات “صباح الخير” التي تحولت إلى أدعية لنصرة غزة، بعد أن استسلم البعض منا لفكرة أنّ الدعاء هو أكثر ما نستطيع أن نقوم به من أجل نصرة ومساعدة الفلسطينيين في غزة.
غزة اليوم تبدو كهيروشيما بعد الدمار، كيف لا، وقد ألقي على بناياتها المكتظة بسكانها الأبرياء آلاف الأطنان عالأقل من المتفجرات بكافة أنواعها، وتم استخدام الأسلحة المحرمة دولياً كالفلسفور الأبيض وما يذيب الجلد، ومورس ضدها مختلف فنون القصف والخطط العسكرية بالأحزمة بكافة درجاتها ولهيبها.
غزة العزة، استجارت بالدول العربية والمسلمين لإغاثتها، استجابت الشعوب وخرجت في كل مكان بالآلاف وبعضها بالمليون وأجزاء المليون، يهتفون لوقف الحرب ووقف الإبادة الجماعية ولنصرة غزة، رافعين علم فلسطين، ولكن للأسف، هذه الحشود لم تستطع إيقاف الحرب على غزة، ولا زال القصف مستمراً لغاية اللحظة.
الأمور تسير ببطىء، وأخبار هنا وهناك، تتحدث عن وساطات لإطلاق سراح رهائن إسرائيليين في غزة، وأخرى عن تكهنات ما قد يكون يحدث وراء الكواليس، وأخرى أخبار لزيارة وزير دفاع دولة عربية كبرى إلى واشنطن قريباً لبحث الأمور، وأخرى تتحدث عن هدنة إنسانية، وغيرها من الأخبار والشائعات والتكهنات، ولكن لغاية اللحظة، وللأسف، لم توقف أيّ منها الحرب الشعواء على غزة، ولا زال القصف مستمراً لغاية اللحظة، يحصد مزيداً من الشهداء من الأطفال والنساء والمسنين، ويحفر ندباً جسدية ونفسية عميقة في أجساد ونفوس من نجوا من القصف.
تحركات سياسية ودبلوماسية لقادة مؤثرين فاعلين، هنا وهناك، في مختلف دول العالم، ولكن للأسف، لم توقف أيّ منها الحرب الشعواء على غزة، لا زال القصف مستمراً لغاية اللحظة.
إجتماعات طارئة عقدت في المنظمات الدولية، على رأسها الأمم المتحدة، مشاريع قرارات قدّمت، وخطابات نارية ومؤثرة ملأت المنابر، ولكن للأسف، لم توقف أيّ منها الحرب الشعواء على غزة، ولا زال القصف مستمراً لغاية اللحظة.
تم عزل غزة، على أمل الاستفراد بها، قطعت عن الأهل الماء والكهرباء والغذاء والدواء والنت، ومع ذلك صمدت غزة.
مشهد النكبة يتكرر في مشهد أليم، الخيم المنصوبة والتي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة، تحول أهل غزة إلى لاجئين للمرة الثانية، في خيم مكتظة، بقطرات ماء توزع للأكل والشرب والاستحمام والحفاظ على النظافة العامة، ورغيف خبر يوزع على كل شخص كقوت يومه، وأهل غزة صامدون، يأبون أن يتركوها أو أن يستسلموا، هؤلاء أدمنوا الحروب وأصوات القذائف واعتادت أعينهم على كتل النار التي تشتعل، رائحة الدم عبقت في أنوفهم، ولون الرماد اعتادت عليه عيونهم، كل ذلك من حروب سابقة، والآن جاءت هذه الحرب، لتعيد عليهم المشهد، ولكن بقسوة أكبر.
العمليات الوحشية بحق غزة وأهلها، قوبلت بمبادرات إنسانية من قبل المقاومة الفلسطينية الباسلة تجاه بعض الرهائن الإسرائيليين، وتم إطلاق سراح بعضهم لأسباب إنسانية، ودون مقابل.
الجميع يترقب بوادر لانتهاء الحرب، ويترقب نتائج التحركات الشعبية والسياسية والدبلوماسية، ونتائج لما هو أمام الكواليس وما خلفها، ولكن للأسف، لم توقف أيّ منها الحرب الشعواء على غزة، ولا زال القصف مستمراً لغاية اللحظة.
متى تتنفس غزة الصعداء، ليأخذ أهلها بعض الراحة من دوي القصف ومشاهد الدمار ورائحة الموت!!