“مبادرة التعاون بين الصين وجامعة الدول العربية بشأن أمن البيانات” تكتب فصلا جديدا في الحوكمة الرقمية العالمية، بقلم : باي يوي

“مبادرة التعاون بين الصين وجامعة الدول العربية بشأن أمن البيانات” تكتب فصلا جديدا في الحوكمة الرقمية العالمية، بقلم : باي يوي

في سبتمبر عام 2020، أطلقت الصين “مبادرة أمن البيانات العالمية” وكانت بمثابة حل صيني لوضع قواعد للحوكمة الرقمية العالمية، وبناء على هذه المبادرة، أصدرت الصين والدول العربية في أواخر مارس من عام 2021 “مبادرة التعاون بين الصين وجامعة الدول العربية بشأن أمن البيانات”.

لأسباب تاريخية، ظلت الصين والدول العربية كلاهما خاضعتين للقواعد الدولية لفترة طويلة، لكنهما مدركتان أنه يتعين عليهما أن تسعيا جاهدتين لتكونا مشاركتين مهمتين في الحوكمة العالمية وصانعتين نشطتين للقواعد الدولية. إن هذه المبادرة يمكنها أن تعزز البناء المشترك لفضاء إلكتروني سلمي وآمن ومنفتح وتعاوني على أساس التعددية، مما يشكل مثالا للدول الناشئة للمشاركة في الحوكمة العالمية، ويساهم بالحكمة والقوة في تحقيق أعظم المصالح المشتركة في مجال الحوكمة الرقمية العالمية دول العالم.

وقد حقق التعاون الرقمي في السنوات الأخيرة بين الصين والدول العربية نتائج مثمرة على مستويات مختلفة. على سبيل المثال:

وقعت الصين مع كل من السعودية والمنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات والأكاديمية العربية لتكنولوجيا العلوم والنقل البحري في يناير 2016 على مذكرات تعاون بشأن نظام بيدو، لتتأسس بذلك آلية التعاون الرسمية. ومنذ ذلك الحين، توسع التعاون الصيني العربي حول نظام بيدو بشكل كبير (في مايو 2017، عقدت الدورة الأولي لمنتدى التعاون الصيني العربي في مجال بيدو، وأنشأ منتدى تعاون رفيع المستوى في مجال الملاحة عبر الأقمار الصناعية الصينية العربية؛ وفي أبريل 2018، تم بناء أول مركز بيدو خارجي في تونس، مما أدى إلى إنشاء منصة تعاون مفتوحة للملاحة عبر الأقمار الصناعية الصينية العربية؛ وفي ديسمبر 2018، قامت الصين بتحسين خطة إطلاق الأقمار الصناعية الخاصة بها وأعطت الأولوية لتقديم الخدمات للدول المشاركة في بناء “الحزام والطريق”، بما في ذلك الدول العربية، قبل عامين. وفي سبتمبر 2019، وقعت الصين والعراق مذكرة تفاهم بشأن تعاون بيدو، توضح تطور التعاون على أساس نظام بيدو في مختلف المجالات).

أطلقت الصين مع مجموعة من الدول العربية منها: مصر والسعودية والإمارات “مبادرة التعاون الدولي للاقتصاد الرقمي في إطار الحزام والطريق” في عام 2017. وفي يوليو عام 2020، دعا الاجتماع الوزاري التاسع لمنتدى التعاون الصيني العربي في قراره إلى تعزيز التعاون بين الجانبين في مجال الإنترنت وتنمية الاقتصاد الرقمي بما حقق فائدة متبادلة.

وبعد تفشي وباء كوفيد-19، شاركت شركات التجارة الإلكترونية الصينية بنشاط الخبرات والتقنيات المتمثلة في بناء المنصات وإدارة الخدمات اللوجستية وغيرها مع الدول العربية، مما قدم مساهمات إيجابية في مساعدة الدول العربية على استئناف العمل والإنتاج. وتشير الإحصائيات إلى أن منصات التجارة الإلكترونية الصينية تغطي %80 من مستخدمي الإنترنت في دول الخليج الستة.

واقعيا، تتداخل هذه المبادرة أيضا مع “مبادرة الأمن العالمي” التي تتضمن في أركانها مبدأ أساسيا ينص على أن الأمن في عالم هو ليس أمنا تقليديا بل هو أيضا أمن معلوماتي، وكذلك تتداخل مع “مبادرة التنمية العالمية” التي تدعو إلى أن تساعد الدول بعضها البعض في المجال التنموي، هذا بالإضافة إلى أنها في الجانب الحضاري تمس بشكل أو بآخر “مبادرة الحضارة العالمية”، التي تدعو إلى إقامة حوار حضاري بين الدول، ولعل الحوار العلمي القائم على المعرفة المعلوماتية هو أحد الأركان المهمة للتعاون الحضاري، وهو ما يصب في مجتمع المصير المشترك للبشرية كلها.

في مواجهة أمن البيانات، وهو تحد مشترك لجميع البلدان، تجسد “مبادرة التعاون بين الصين وجامعة الدول العربية بشأن أمن البيانات” روح التعاون المنفتح والشامل وستدفع بالتأكيد المزيد من أعضاء المجتمع الدولي للانضمام إلى عملية التعاون هذه، وتشكيل تضافر للتعاون في الحوكمة الرقمية العالمية، ومواصلة تعزيز بناء مصير مشترك في الفضاء الإلكتروني.