سكان القدس الشرقية قلقون: ضرر كبير في أرزاقهم بسبب الحرب، بقلم : نادين روز علي
اليوم الرابع عشر للحرب: تفيد مصادر في شرقي القدس أن هناك ضائقة لدى الكثير من المواطنين بسبب عدم وصولهم لعشرات الآلاف من أماكن العمل في غرب المدينة. وقال أحد مواطني القدس الشرقية والمقرب من البلدية:
“لقد استثمرت البلدية الكثير في السنوات الأخيرة لتشجيع ودعم الاقتصاد والعمل في القدس الشرقية ونحن نرى الآن تداعيات الوضع. كل شيء مجمَد، الناس تخاف الخروج من البيت، لا توجد مصادر رزق. نريد العودة إلى الوضع السابق لكن ذلك يحتاج للكثير من الوقت. وليس لنا إلا الصبر. “فالكثير من سكان القدس يعملون يومياً في مؤسسات حكومية، في التجارة، في البناء ومجالات أخرى.
ويدور الحديث هنا، طبعاً، عن المواطنين حملة الهوية الزرقاء الذين لا يسري عليهم الطوق الأمني والمنع من الدخول إلى مواقع العمل في إسرائيل، لكنهم يخشون التجول في المدينة.
وتقول مواطنة من شرقي المدينة وتعمل في الصحة النفسية وطلبت عدم الإفصاح عن اسمها، أن هناك ارتفاعاً كبيراً في عدد التوجهات من قبل مواطني شرقي المدينة على خلفية الصعوبات الاقتصادية، العنف الأسري والقلق.
“عدا عن الصعوبات النفسية، هناك خوف من أن الحرب الحالية ستمس التعايش على المدى البعيد”.
ووفق مصدر في بلدية القدس فإن من الصعب التصور بعودة الكثير من المواطنين العاملين في غربي القدس إلى أماكن عملهم، وأن 10% فقط من العاملين في غربي القدس ينجحون الآن في الوصول إلى أماكن عملهم، والباقون لا يعتبرون “عمال ضروريين” أو أنهم يمتنعون، هم، من الوصول للعمل خوفاً على أنفسهم.
هذا يعني أنه بعد سنوات طويلة من تطوير الحياة المشتركة في العمل وفق الرغبة المتبادلة في كسب الأرزاق وتطوير الاقتصاد في شرقي المدينة ، فليس واضحاً الآن ماذا سيحدث في اليوم الذي يلي نهاية الحرب.
هذه الحرب أظهرت بشكل واضح وجلي كم نحن متعلقين بالآخرين وكم نحن بحاجة إلى سوق العمل وتأمين العمل.
ويشعر بذلك بالذات مئات آلعائلات في الضفة وغزة الذين فقدوا الآن أعمالهم التي تعيل عائلاتهم. فقدوا لقمة العيش.
وفي غزة فقدوا العيش بالإضافة للقمة ولقطرة الماء.
هذه الحرب غير المتوقعة، والتي بدأت بشكل عنيف وتستمر الآن بشكل أعنف، تثير لدى الجانبين الشعور بمحاسبة النفس وإعادة تقييم لتصرفات الطرفين قبل نشوب هذه الحرب.
لكن المواطن العادي، البعيد عن القرارات والمحاسبات السياسية ينظر للأمور نظرةً أخرى واضعاً مصلحته الشخصية ومصلحة عائلته في كفة الميزان.
ومحاسبة النفس عنده تكون من هذا المنطلق. فالمواطن الفلسطيني العادي موقفه ضعيف وسط تعقيدات وتركيبات الوضع، وليس له حول ولا قوة، لا إزاء الاحتلال ولا إزاء السلطة الفلسطينية ولا إزاء التنظيمات الفلسطينية المسلحة.
وهذا صحيح في القدس والضفة وقطاع غزة على حد سواء. قلة الحياة هذه تظهر جلياً في اتباع غالبية المواطنين الفلسطينيين في جميع مناطقهم إلى اتباع المثل القائل “امشي الزيق الزيق وقول يا رب الستيرة”.
والسؤال الصعب الآن هو : وماذا بعد؟
ولن نستطع الإجابة عليه إلا إذا إجبنا على السؤال : وماذا قبل؟ ما الذي أوصلنا إلى هذا الوضع؟ أين أخطأنا؟ وهل لنا الشجاعة بالاعتراف بالخطأ لكي نصححه أم أننا سنبقى نخشى مواجهة الحقيقة ونتعلق بالسراب؟
وكما قال شاعر الوطن محمود درويش : ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً.