شفا -أرسل غبطة البطريرك فؤاد طوال بطريرك القدس للاتين وسائر الأراضي المقدسة رسالة الى الحركة الكشفية بمناسبة عيد الميلاد المجيد.
وجاء نص رسالة البطريارك :
” أبنائي وبناتي أعضاء الحركة الكشفية الأحباء،
أود في البداية أن أحيكم تحية الطفل يسوع، مولود مغارة بيت لحم، الذي سنحتفل بذكرى ميلاده بعد أيام قليلة. ولد المسيح بيننا، وعُمّد في أردننا، وعاش وبشّر في أرضنا، ومات وقام لخلاصنا.
أشكركم جميعا، يا أبناء الحركة الكشفية، على إدخالكم البهجة والغبطة والسرور، في قلوب جميع الناس، الذين سيأمّون مدينة بيت لحم أفواجاً، من أبناء فلسطين أو من الحجاج القادمين من شتى بقاع الأرض، للمشاركة في هذه الأجواء الاحتفالية المجيدة. فأنتم ستحيون هذه الاحتفالات، وستزيدونها رونقاً وجمالاً وتنظيماً، من خلال المعزوفات الشجية التي ستصدح في سماء بيت لحم، معلنة للدنيا أن المسيح ولد لنا، هلموا نسجد له. فتكون معزوفاتكم صدى لنشيد الملائكة، الذي أذاعته الجوقات السماوية قبل ألفي عام ونيّف. إن وجودكم يا أحبائي أعضاء الحركة الكشفية، هو وجود مهم وأساسي، من أجل نهضة الإيمان، والشهادة ليسوع المسيح، في أرض الشهادة وأرض الإيمان، فهي أرض الميلاد والقيامة.
الحركة الكشفية التي نعتز بها ونفتخر بوجودها في كنائسنا، هي حركة مبنية على أساس إيماني وكنسي واضح، ندعمها ونؤازرها ونشد على يدها، بكل ما عندنا من عزم وشكيمة، كونها جزء أساسي وحركة مهمة تعمل على نشر كلمة المسيح بين الناس، والتبشير والشهادة للقيم والأخلاق والمبادئ المسيحية السوية، وبالتالي تضمن مع غيرها من الحركات الكنسية، استمرار رسالة المسيح على الأرض.
دعونا نسير بعمق في هذه الحركة الكشفية ومعها، نتأمل ونفكر ونصنع مستقبل الكشافة في كنيستنا. إن اللورد بادن بول مؤسس الحركة الكشفية، كان قد أسسها لكي يجمع الشباب في حركة منظمة، تساعدهم على كبح جماح الأنانية، وتنمي طاقاتهم، وتفعل المحبة المسيحية فيهم، وتزرع فيهم الغيرة وروح الخدمة والتضحية والتطوع، لخدمة الناس، دون تميز ولا تفرقة. كان اللورد باول يهدف إلى إعداد رجال ونساء يتمتعون بصحة النفس والجسد، ويتسمون بالسعادة والجاهزية الدائمة للخدمة المجانية، والاستعداد المستمر للعمل، حتى في أكثر اللحظات حرجاً وصعوبة، وكل هذه بمحبة وسلام. رسالة الحركة الكشفية الأساسية هي الاسهام في تربية الشباب الناشئ، من خلال زرع القيم المبنية على الوعد والمنهاج الكشفي، لبناء عالم أفضل وتطوير مجتمع أرقى وأنقى.
في أواخر أيار الماضي أعلن قداسة البابا بندكتوس السادس عشر الأب جاك سيفان مكرما، بعد أن تم إعلان بطولته في ممارسة الفضائل أواخر كانون الثاني الماضي. هذا يعني أنه قريب جدا من أن يكون في عداد الطوباويين والقديسين إن شاء الله. سار الأب جاك سيفان مع اللورد بادن باول، وإقتنع بهذه الرسالة، وهدم جميع الحواجز والعوائق التي اعترضته آنذاك، ليبني حركة كشفية مسيحية كاثوليكية، تقوم رسالتها على عيش كشفية إنجيلية في حياتنا اليومي، أي أن نسعى كأعضاء منتمين لهذه الحركة النبيلة، إلى تجسيد كلمة الله في الواقع اليومي والمحلي المعاش. فما الكشفية إلا تطبيق عملي وممارسة يومية مستديمة للرسالة الإنجيلية. من أقواله الرائعة في الكشفية المسيحية:
“إن قانونك الكشفي قانون مقدس وعبيره عطر الإنجيل”.
“إن قانونك الكشفي هو شريعة يسوع المسيح”.
“إن الكشفية هي الدخول في فهم جديد للعالم من خلال تمجيد الهم في خلقه وخلائقه”.
“إن حياة المخيم الكشفي، هي شهادة فعلية للبقاء في خيمة الرب، للنمو الروحي للكشاف الحقيقي”.
فالكشفية المسيحية تساعد على النمو الروحي. إنها حركة منفتحة على الجميع، وتدعو كل الأفراد إلى إعلان الوعد والقانون الكشفي، الذي يشمل الوعد والالتزام الجدي بالواجب الديني تجاه الله، أي محبة الخالق وعبادته وتمجيده في مخلوقاته. الكشفية ليست حركة دينية بحت، وإنما هي حركة تهدف إلى عيش الإيمان داخلها ومن خلالها وبين أعضائها، إنها عهد والتزام تجاه الله أولاً، وتجاه الوطن والإنسان والطبيعة والذات.
الكشفية حركة شمولية، لا تنظر إلى الدين أو اللون أو العرق أو الجنس. إنها حركة تقوم على رسالة تربية الإيمان ونموه، بما يمهد السبيل ويفتح الآفاق إلى إحترام الديانات المختلفة وأصحاب المعتقدات المتعددة، لتكوين العائلة الكشفية العالمية. لا تتكلم الحركة الكشفية عن الدين، وإنما تعيش الدين. تسير الحركة بالإنسان الكشفي إلى نضوج روحي، حيث تدعوه إلى النمو الشخصي في حياته الروحية، وعيش مسيرة إيمان ضمن المجموعة الكشفية. إنها شركة بين الأفراد تدعو إلى النضوج ضمن الجماعة. للكشفية رسالة كبيرة ودور كبير في موضوع السلام وإحلاله، فالكشاف هو صانع سلام، ويسعى إلى تحقيق السلام في حلّه وترحاله، على مثال الكاشف الأول والقائد الأول، يسوع المسيح.
أبنائي وبناتي الأحباء: بعد أن سرنا في عمق فهمنا لمعنى الحركة الكشفية، وعلى خطى الأب جاك سيفان، مؤسس الحركة الكشفية الكاثوليكية، الذي هدم كل الحواجز والعوائق، وفهم الحركة الكشفية وعاشها بعبير الإنجيل، دعونا اليوم أن نحمل هذا النور الجديد، الذي سطع وانبثق من مهد المسيح له المجد، هنا من بيت لحم، ونضيء به حركتنا الكشفية المسيحية، حتى ننشر نور الكشفية لجميع الناس. يجب علينا أن نسير معا نحو القمة، لنكون شهوداً لكنيسة المسيح، من خلال إيماننا الحي، الذي نعيشه ونحياه في أرضنا ووسط مجتمعنا، ولا ننسى ولا نغفل أن هذه السنة هي سنة الإيمان، سنة نكتشف فيها معنى إيماننا بعمق وإدراك أكبر، لننضج أكثر وأكثر، معاً في إيماننا بالمسيح وفي كنيسته، فنكون مؤمنين بالمسيح وعاملين في الكنيسة وشاهدين في المجتمع. ولا يذهب عن بالنا قول القديس بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل قورنتوس: “ليمتلئوا من الرسالة ويسندوا بعضهم البعض ليكونوا إخوة” (1قورنتوس 11:12-26).
أبنائي لنسير معاً على أمل اللقاء بكم عن قريب، أتمنى لأهلكم ولذويكم عيد ميلادٍ سعيد وسنة جديدة ملؤها الصحة والعطاء”.