القيم الإنسانية : مكتسبة أم بالفطرة ، بقلم : هديل ياسين
تعد القيم الإنسانية جزءاً هاماً من الحضارة البشرية، فهي تمثل المعايير والمبادئ التي يجب أن يلتزم بها الأفراد والمجتمعات للعيش بسلام وطمئانينة. هذا الأمر يثير السؤال المهم حول ما إذا كانت القيم الإنسانية مكتسبة أم متأصلة في الطبيعة البشرية؟
رغم أن القيم الإنسانية تتأثر ببعض العوامل الخارجية وتتطور عبر زمن، فإنها في النهاية تنبثق من الطبيعة البشرية وتدب فيها، وهذا يعني أنها متأصلة بالفطرة البشرية. وتشير الدراسات إلى أن القيم الإنسانية مرتبطة بالتفكير الأخلاقي للإنسان، وهذا يشير إلى أنها تنمو عن التطور الثقافي والتعاون الإجتماعي الذي يحدث في المجتمعات منذ العصور البدائية، ومن خلال إستنادنا إلى الأخلاق، نتعلم مبادئ العدل والحقيقة والرحمة والصدق والتسامح والعدائية، وهي قيم توجد داخلنا منذ البداية.
أيضاً، يظهر دور الطبيعة البشرية في توجيهنا نحو القيم الإنسانية. على سبيل المثال، الرغبة في التعاون والعدالة تجاه الآخرين قد تأتي بشكل طبيعي للإنسان، إذ تعد آليات البقاء والتكاثر تستدعي العمل الجماعي والمشاركة الإجتماعية. وهذا يعني أن القيم الإنسانية تأتي بشكل مذهب ومحفور في عمق أفعالنا وسلوكنا.
ومثلما يمكن أن تتأثر القيم الإنسانية من خلال تجاربنا وتعاملنا مع العالم الخارجي، فإن هذا التأثير يمكن أن يؤسس قيم جديدة أو يعزز القيم القائمة. فقد تتعلم الأجيال المتعاقبة من أخطاء الماضي وتعزز القيم التي تعلموها من خلال الخبرات، وهذا يشير إلى قابلية القيم للتجديد والنمو.
إن القيم الإنسانية مكتسبة ومتأصلة في الطبيعة البشرية. فهي تنبثق من العوامل الثقافية والإجتماعية التي نعيشها ومن الرغبة الأصلية في التعاون والعدالة. وعلى الرغم من تأثير الخبرات الخارجية على التطور والتشكيل، فالقيم الإنسانية تحظى بأساس قوي في الفطرة البشرية.
يمكننا أن نستنتج أن القيم الإنسانية تمثل جزءاً لا يتجزأ من تجربتنا البشرية. إنها تنمو من داخلنا ككائنات بشرية وتنعكس في تفاعلاتنا مع العالم من حولنا. ومع ذلك، لا تبقى هذه القيم ثابتة بل تتطور وتتغير مع مرور الزمن ومع تغير الثقافات والتحديات التي نواجهها. تتأثر بتعلمنا وتجاربنا وتفاعلنا مع الآخرين.
بالرغم من تعقيد مصدر هذه القيم، إلا أنها تلعب دوراَ حيوياً في تحقيق التواصل والتفاهم بين الناس، وفي بناء مجتمعات أكثر عدالة وسلاماً. عندما نعمل على تعزيز هذه القيم في حياتنا، نساهم في بناء عالم يتميز بالتسامح والتعاون وإحترام حقوق الإنسان.
لذا، دعونا نحتفظ بفهم عميق للقيم الإنسانية ونعمل جميعاً على نقل هذه القيم إلى الأجيال الجديدة وعلى تعزيزها في مجتمعاتنا. إنه من واجبنا الجميع العمل معاً من أجل تعزيز هذه القيم لضمان مستقبل أكثر إنسانية وتقدماً للبشرية بأسرها.