آن الأوان.. فالسلم الأهلي والنظام والقانون في خطر! بقلم : موفق مطر
ليس تعزيز الأمن وبسط النظام والقانون وحماية السلم الأهلي شعارا، ولا خيارا، وإنما واجب، يفرضه الانصياع لإرادة الشعب والالتزام بثوابته وأهدافه الوطنية، وأعظم مسؤولية يمكن أن يتحملها المواطن في أي موقع لخدمة الوطن، هذه مبادئ أقسم كل منا بموقعه ومهمته وتخصصه على أدائها، ومخطئ من يظن أن المسؤولية تقع حصريا على القيادة السياسية والمؤسسة الأمنية وسلطة القضاء وأجهزة انفاذ القانون، فالمواطنون كلهم مسؤولون، لا يعفى منهم أحد، ومن يخالف عن قصد، لا يليق نعته إلا بالعابث بمصائر الناس المجنون .!
تضرب حركات التحرر الوطنية الأمثال في الانضباط، والالتزام بالقيم الأخلاقية والسلوكيات الشخصية، وتعتبر ارقى صورة تتجسد فيها معاني الانصياع للنظام والقانون، وحماية السلم الأهلي وترسيخ قواعده بالثقافة الوطنية، أما صور الفوضى والانفلات، والعدوان على أمن المواطنين الآمنين ومصالحهم، واستدراج الدمار والموت العبثي حتى الى غرف نومهم بذرائع متعددة تذهل وتروع الشياطين من شدة حبكتها المفضوحة، فليست من المبادئ الوطنية ولا الأخلاق الفردية والجمعية للشعب الفلسطيني، وإنما خدمة لعدو الشعب الفلسطيني، وفي اطار هذه الصورة القاتمة لمصير الوطن التي يجسدها العابثون والمنفلتون لا مبرر ولا عذر لجاهل أو مغفل، فهذه الأفعال تؤدي حتما الى تعميم الجريمة وتسرع من انتشارها، فينهار المجتمع وكأن زلزالا بأعلى مقياس ضرب صرحه، وتأتي النار عليه وتأكل ما تبقى منه كإتيانها على الهشيم في عز الحر والجفاف.
آن الأوان للفرز، والتمييز بين الغايات والمقاصد والأهداف الوطنية، التي تتطلب اقصى درجات الالتزام بالبرنامج السياسي والنضالي الذي قرره الشعب الفلسطيني عبر قواه الوطنية التي تمثله، وبين مكاسب ومصالح شخصية وفئوية عصبوية تعمل على تنفيذ المخطوط والمرسوم لها في اجندات دول وقوى اقليمية، فيبلغ التائهون في هذا الاتجاه نقطة التقاطع مع مصالح منظومة الاحتلال والاستيطان الصهيونية العنصرية الفاشية، رغم شعاراتهم التضليلية، ونوعية اسلحتهم، وسوء سلوكياتهم، وبياناتهم وتصريحاتهم الرغوية! وآن الأوان لأخذ المواقف الشديدة الدقة والوضوح، فالمنفلتون يعتمدون المواقف الهلامية المعجونة بزيت المصالح الشخصية، لتشكيل رأي عام يتخذونه كدروع بشرية لحماية مشاريعهم الفردية والفئوية ! ويتقصدون الاندفاع العشوائي بالاتجاه المعاكس لإرادة الشعب الفلسطيني، لتبديد أي معنى لمبدأ الانتصار للأمن الوطني باعتباره عقيدة مستلهمة من روح الثقافة الوطنية ومبادئ حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، فهؤلاء يدركون جيدا ما يفعلون، فتراهم يضربون قيم وأخلاق وسمات الشخصية العربية الفلسطينية الوطنية، ونشر مفاهيم البقاء لمن كان سلاحه اقوى وشراسته اشد، فيدفعون لتسييد قانون الغاب على المجتمع الفلسطيني!.أما إذا كانوا عكس ذلك، فإنهم غوغائيون، لا بد من اعتبارهم الأخطر على المشروع الوطني. فهؤلاء انتهازيون تسيرهم غرائز إجرامية، يكبتونها ويتحينون الفرصة الذهبية للانقضاض على المجتمع يلتهمونه قبل توقف نبضه ولفظ أنفاسه الأخيرة !!
آن الأوان لتتبرأ الفصائل والتنظيمات من كل فعل أو عمل أو سلاح منفلت أو سلاح جريمة، ليس هذا وحسب، بل الالتقاء والاتفاق على برنامج وأساليب نضال شعبي لا تستدرج الموت للمواطنين، وتستصغر حجم الدمار الهائل الواقع على المخيمات وأحياء المدن والقرى، لأن من شأن تأمين الغطاء لمنفلت أو مجرم واحد، سيساوي فقدانَ ثقة عظيما عند الشعب الفلسطيني، وقد يكون هينا لو أن فقدان الثقة ينحصر بالجماعة التي تأوي المجرم، لكن واقع الحال أن فقدان الثقة سيشمل مبدأ النضال الشعبي ومقاومة الاحتلال المشروع، مع تكرار عمليات تسويق منفلت بمسمى ” مقاوم ” احيانا أو ” مجاهد ” أحيانا اخرى، فليس من المقاومة او الجهاد أو النضال من يوجه سلاحه ورصاصه نحو مراكز ومقرات السلطة الوطنية، كمقرات المحافظة والمقاطعة وغيرها التابعة للمؤسسة الأمنية الفلسطينية، وليس من المقاومة والجهاد تحميل الشعب الفلسطيني في مدنه وقراه وبلداته، وفي المخيمات ما لا طاقة له على تحمله، فجيش منظومة الاحتلال الصهيوني يهاجم بأسلحة قتل وتدمير تستخدم لمواجهة جيوش نظامية، ويدمر بيوتا وبنية تحتية في المخيمات، ويخرج، وفي كثير من الأحيان بلا اضرار، ونراه يقتل على الحواجز من باب الانتقام اطفالا وشبانا يواجهون آلياته بالحجارة اذا خرج من الحملة العسكرية على مخيم ما بجندي قتيل أو اثنين أو جريح وأكثر!
يجب ان يعلم المخلصون لمبدأ النضال والمقاومة الشعبية أن حماية المنفلت او المجرم ستكون كمن يسمح لفايروس قاتل معد بالتمكن من جسده، لأنهم سيكونون اول ضحايا هذا الخطأ الجسيم، ناهيك عن فقدانهم الحاضنة الشعبية، التي لن تقبل انتشار وباء الجريمة والانفلات والعدوان على رموز وسيادة النظام والقانون مهما كانت المسميات ومهما حاول البعض تغطيتها بمصطلحات وطنية مقدسة.