أبو معزة… كوهين إخواني صغير! بقلم : موفق مطر
سجل فرع جماعة الإخوان المسلمين المسلح في فلسطين المسمى حماس رقما قياسيا في منح منظومة اﻻحتلال واﻻستيطان العنصرية اسرائيل ثغرات أمنية، مكنتها من اختراق الدوائر اﻷمنية الحديدية للجماعة، والوصول الى أهدافها بأقل الجهود والتكاليف، بالمقارنة مع عمليات اغتيال لقادة فلسطينيين على رأس الهرم التنظيمي والكفاحي النضالي، وقادة وكوادر ميدانيين، وآخرين متقدمين جدا في مراتب ومواقع النضال في اطار حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، حيث تطلبت لحظة تنفيذ عملية اﻻغتيال كثيرا من العمليات اﻻستخباراتية، واللوجستية، وقوات عبرت آﻻف الكيلومترات، بالتعاون مع استخبارات دول يربطها تحالف امني مع المنظومة للوصول الى الهدف، كعملية اغتيال القائد الشهيد خليل الوزير أبو جهاد في تونس كمثال وليس للحصر، أما عملية الوصول الى أهداف نوعية في صفوف حماس فإنها في بعضها لم تكلف أكثر من ثمن بطاقة هاتف نقال بسبعين شيقلا حسب نص اﻻعتراف الشفهي المصور والمسموع لعميل في صفوف حماس أثناء انتفاضة اﻷقصى كان ضحيتها ابن عمه الذي كان كادرا ميدانيا متقدما في كتائب القسام!!
أما المطلعون -وأنا واحد منهم- على ملفات تحقيق مع عملاء وجواسيس في صفوف حماس مكنوا (العدو) من رؤوس اسماء مهمة للغاية كيحيى عياش مثلا، فان اعترافاتهم تبعث على التقيؤ من شدة رائحة النتانة والتعفن في شخص العميل الخادم لمنظومة نتنياهو الاجرامية الارهابية.
نادرا ما تكشف حماس عن “الكوهينيين” الصغار في صفوفها –نسبة الى أشهر جاسوس اسرائيلي في سجل الموساد– مع تأكيد الفارق ان إيلي كوهين الذي أعدم في ساحة المرجة في الستينيات في دمشق اسرائيلي صهيوني، بينما كوهينات حماس فانهم برعوا في التستر بقناع الدعوة تارة! والجهاد في معظم الأوقات، علاوة على اعتكاف بقصد تخوين الآخر الوطني الفلسطيني والقيادة الشرعية للشعب الفلسطيني وبث الاتهامات بكل الاتجاهات، وتأدية التجسس والعمالة للاحتلال كفروض! لكن وقوع الجاسوس خليل أبو معزة بأيدي الأمن اللبناني (شعبة المعلومات) في مدينة صيدا جنوب لبنان، حيث يرتكب التكفيريون جرائمهم اﻻرهابية في مخيم عين الحلوة جعل من المستحيل على قيادات حماس في لبنان أو خارجه في عواصم بالإقليم مداراة الفضيحة الأكبر، لأن الصحافة اللبنانية كانت سباقة في نشر خبر اعتقاله، ونشر تسريبات لاعترافاته المثيرة، فهذا الكوهين الاخونجي الصغير منح الموساد معلومات مكنت جيش المنظومة من قتل مقاومين سريين في الضفة الفلسطينية المحتلة منتسبين لحماس وفصائل فلسطينية اخرى، وبذات الوقت اعترافاته بتزويد اﻻرهابيين التكفيريين في عين الحلوة بسلاح من طراز ايركي وأموال.
أما المثير في اعترافاته فهو استغلال قربه من رؤوس في المكتب السياسي لحماس وتحديدا صالح العاروري نائب رئيس المكتب للوصول الى أهم الأهداف التي حددها الموساد لتصفيتها عبر الوحدات الخاصة في لبنان وفلسطين، والمثير أكثر ان موجة الدعاية حول وضع العاروري في دائرة الاستهداف بالاغتيال من ناحية منظومة الاحتلال كانت في أوجها بينما كان حرا طليقا مساعدا مهما ومرافقا للعاروري ذاته ومطلعا على اتصالاته وحركته!
نشرت الصحافة اللبنانية كثيرا من المعلومات حول تجنيد أبو معزة ابتداء من جباليا مستغلة أوضاع عائلته الصعبة، وكيفية تمكينه من الوصول الى لبنان واختراقه دائرة القرار والمعلومات في حماس بعد اختراقه ما يسمى سلاح الهندسة في كتائب القسام، وتفاصيل أخرى يمكن للمهتم متابعتها على تلك الصفحات، لأن الصفحة السوداء لحماس في كتاب الشعب الفلسطيني تكاد تطغى على المشرف والباعث على الفخر في فصوله وأبوابه.
اللافت ان أبو معزة كغيره من الجواسيس والعملاء كان شديد التركيز على تخوين القيادة الفلسطينية والأجهزة الأمنية الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وكأنه كان يرغب في تجسيد الجوسسة والعمالة للعدو من منطلق العدائية المطلقة لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية ومناضليها وقادتها وللمشروع الوطني ولمنظمة التحرير الفلسطينية، أي وبالمختصر المفيد قد ادى دوره كإخواني مخلصا لتوأمه الصهيوني، منسلخا بالكامل من إنسانيته.
لقد حذرنا كثيرا وعلنا من خطر مفاهيم وتعاميم حماس العدائية للآخر الفلسطيني الوطني، وتوقعنا بلوغ العمالة مع العدو الى مستوى القناعة ما دامت حماس جزءا ﻻ يتجزأ من هيكلية جماعة الاخوان المسلمين وتتبنى مفاهيمها وسلوكياتها وأعمالها التكفيرية اﻻرهابية!
وفي هذه اللحظات ما زلنا على قناعتنا بأن من يأخذ من تخوين الآخر الفلسطيني منهجا لاثبات وجوده وانكار الآخر، عليه توقع أن تصبح الجاسوسية في صفوف جماعته كالبعر الذي على مسار البعير كما العرب في أمثالهم.