جون كيري شخصية سياسية مرموقة، اتسمت بالاعتدال، وعدم التطرف، بل أصبح من أشد المعارضين للحرب الأمريكية في فيتنام بعد أن أنهى فيها خدمته العسكرية عام 1969م، درس القانون ومارس الادعاء العام والمحاماة والحكم الإداري قبل أن يصبح سنتوراً مرموقاً في مجلس الشيوخ، جون كيري عضو ورئيس للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ منذ العام 1984م، ومفوض للرئيس أوباما لتحسين علاقة الولايات المتحدة الأمريكية مع العالم الإسلامي من أفغانستان إلى إيران إلى العالم العربي.
جون كيري لم يظهر مواقف متطرفة ضد القضايا العربية والإسلامية ومنها القضية الفلسطينية، ومن أشد الشخصيات السياسية الأمريكية انتقاداً للسياسات الإسرائيلية الاستيطانية، وأشدها انتقاداً لسياسات نتنياهو، هل يكون لعمق ثقافته السياسية والقانونية، وتجاربه الشخصية، إضافة إلى ثرائه الشخصي والعائلي، تأثير إيجابي لدفع السياسة الخارجية للولايات المتحدة كي تكون أكثر اتفاقاً وانسجاماً مع مصالحها المتعددة مع العالم العربي والإسلامي ؟! وبالتالي هل يكون قادراً على إنقاذ السياسة الأمريكية من انحيازها الأعمى لصالح إسرائيل، ضد القضية الفلسطينية ؟! ومواجهة اللوبي الصهــيوني الضاغط على السياسة الأمريكية لخدمة سياسات إسرائيل ؟!! وهو من موقع الخبير بقضايا السياسة الدولية، والسياسة الخارجية الأمريكية من خلال متابعته للكثير من ملفاتها الساخنة على مدى ثلاثين عاماً من خلال دوره في لجنة الشؤون الخارجية، لا شك أن السينتور كيري يملك خبرة سياسة وعملية واسعة تؤهله أن يكون وزير خارجية ناجحاً للدولة التي تعتبر رقم واحد في النظام الدولي، والتي تقع عليها مسؤوليات دولية كبرى، لذلك ينتظر منه الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي انصافاً لقضاياه المتعددة والمتشابكة، وفي مقدمتها قضية فلسطين والارتقاء بسياسة أمريكا نحو التوازن والاعتدال في ما يخص الموقف الأمريكي من الصراع العربي الإسرائيلي، والارتكاز في إعادة صياغة مواقف وسياسات الولايات المتحدة إزاءه على أساس مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها وتفعيلها في التوصل للتسوية السياسية المنشودة، وإخراجها من دائرة الجمود والتوهان في نفق المفاوضات المباشرة بين أطراف الصراع، إلى مفاوضات فعلية جادة تستند إلى الشرعية الدولية وقراراتها وتحت رعاية الأمم المتحدة ومؤسساتها من جمعية عامة، ومجلس أمن، ومحكمة عدل دولية، ومحكمة جنايات دولية، كي تضمن الوصول بالصراع العربي الإسرائيلي إلى محطته النهائية في تسوية سياسية عادلة وشاملة ودائمة ومقبولة.
هذه الأسئلة ستبقى مطروحة على السياسة الخارجية الأمريكية في زمن وزيرها الجديد السنتور كيري، وفي ظل متغيرات كبرى يشهدها العالم وتشهدها البلاد العربية، من أهمها استعادة الشعوب العربية لدورها وتأثيرها في صناعة السياسات واختيار الزعامات في البلاد العربية، بالتالي لم تعد الشعوب العربية أرقاما لا قيمة لها، على الخارجية الأمريكية أن تأخذ ذلك في حساباتها وتأثير ذلك على مستقبل مصالحها الكثيرة والمتعددة مع العرب والمسلمين، وعليها إعادة صياغة سياستها الخارجية ومواقفها تجاه قضية فلسطين، حيث يتأمل الجميع من عرب ومسلمين أن يكون عام 2013م عام نهاية الاستيطان والاحتلال الإسرائيلي، للأراضي الفلسطينية والعربية، وعام تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير، وممارسة سيادته على أرضه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
د. عبد الرحيم محمود جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني