الأسرى والشهداء.. مبدأ الانتماء الوطني أولًا ، بقلم : موفق مطر
إن الانتصار لقضية حقوق وحرية الأسرى، وضمان حقوق ذوي الشهداء، يحتاجان منا إلى تعبئة تنظيمية وطنية خالصة، متوازية مع نضال سياسي ودبلوماسي في المحافل الأممية عموما، والمنظمات القانونية منها خصوصا، ونعتقد أن الإخلاص والصدق في اعتناق مبدأ وطنية الشهيد والأسير، والتحرر من صيغة حصره وحبسه في نطاق الفصيل ستظهر على الأقل في فعاليات توديع الشهداء واستقبال الأسرى، التي ما زالت حتى اللحظة تطغى عليها البيارق الفصائلية، وفي بعضها يغيب العلم الفلسطيني أبدا ! فالتضحية الأعظم من أجل الوطن وافتدائه كما قدمها الشهداء والأسرى والجرحى، لا يجوز تبديدها وتضييعها وإحراقها وتبخيرها في ميادين تنافس متناقض مع شرف وضمائر ونوايا الشهداء والأسرى التي سنبقى نعتقد أنها ما كانت إلا من أجل حرية وتحرير الوطن (الأرض والشعب) ..ونعتقد أن إصرار رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية الدكتور محمود عباس أبو مازن على مواجهة كل الحملات المعادية التي تستهدف حقوق الأسرى وذوي الشهداء، ووعده بضمانها مهما كانت التضحيات وحتى آخر مليم في صندوق منظمة التحريرالفلسطينية، هو أحسن تعبير عن كيفية وجوب ورؤية المعنى الحقيقي للشهيد والأسير على درب الحرية لفلسطين.
وهذا ما يدفعنا للسؤال: متى سيكف العصبويون عن وضع أسماء الأسرى والشهداء في خانة المسمى الضيق، فمن ارتقت ارواحهم (الشهداء) إلى سماء بلا حدود، وباتت خلايا أجسادهم طاقة حياة في كل ذرة من تراب الوطن سيكون منحرفا إلى حد الشبهة بارتكاب جريمة بحق الثقافة الوطنية وتحديدا تاريخ فلسطين، من يظن أن حبس أسمائهم وأرواحهم في مكعبات الفئة السياسية الحزبية الجماعاتية العصبوية سترفع من رصيده الشعبي!! ومثله من يحتكر اسم الأسير في خانة مسمى ما غير اسم الوطن (فلسطين) لأنه بذلك عن قصد أو جهل يسد منافذ النور والحرية عمن ما زالت أرواحهم بكامل إرادتها وعزيمتها وإيمانها في أجسادهم المقيدة بالفولاذ وأربعة جدران وتحت سقف في زنازين معتقلات منظومة جرائم الحرب وضد الإنسانية، دويلة الإرهاب والعنصرية المضادة للقوانين والتشريعات الإنسانية، كيان الاحتلال والاستيطان (إسرائيل).
عندما ترقى روح مواطن فلسطيني، خلال فعل بطولي، أو عمل نضالي، أو تستقوي عليه قوة من جيش الغزو والاحتلال وإرهاب الدولة، وتأسره حيا سليما أو جريحا، فإن إيماننا بالوطن يفرض علينا وضع مصطلح فلسطيني، مقابل خانة الانتماء السياسي وكذلك العقيدة (الدين) – مهما كانت مرجعية الشهيد أو الأسير التنظيمية أو الفصائلية – ما دام إيمانه بحق الشعب الذي هو فرد منه بالحرية محركه ودافعه ومصدر قوته وشجاعته وكرمه بروحه ودمائه وآلامه من أجل وطنه!
دعونا نتفق ونمضي في أحسن تطبيق عملي لهذا المبدأ، قبل إغراق وسائل الإعلام والساحات والمنابر والتجمعات بالخطابات والبيانات والتصريحات والمواقف الكلامية، لأن أي برنامج وطني يحتاج إلى قاعدة نظرية وطنية عقائدية كمركز انطلاق لتطبيقه، وبدون ترسيخ هذا المبدأ الوطني في عقيدة كل فلسطيني منتسب لهذا الفصيل أو ذاك، وتطبيقه فعلا على أرض الواقع، عبر الوسائل والأدوات الإعلامية ذاتها، المكرسة كالمنشار لتقطيع فلسطين الأرض والشعب أفقيا وعموديا! حيث تؤخذ أسماء الشهداء والأسرى وكأنها أرصدة لفائدة حسابات بنكية للتدليل على مؤشر الرصيد الشعبي !!، فنقرأ أو نسمع عبارات مثل : شهيد (الفصيل) !! أو أسير(الفصيل)، وكأن المواطن الذي افتدى وطنه بروحه، أو قضى عشرات السنوات من حياته في المعتقل، قد فعل هذا من أجل (جماعته) أو الفصيل الذي كان منتسبا إليه، فالفلسطيني الوطني، والفصيل الوطني لا يصنف ولا يميز، لهذا حرصت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية على تأسيس “صندوق المجاهدين والشهداء في فلسطين عام 1965” باعتباره مؤسسة من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، ووضع له نظام داخلي وهيكل إداري يشمل التنظيم والموارد المالية وأنظمة، وبعد إطلاق حركة التحرير الوطني الفلسطيني الثورة الفلسطينية عام 1965 وازدياد أرقام الشهداء الفلسطينيين في ميادين الكفاح والنضال الفلسطيني أخذت على عاتقها تعزيز الصندوق بعد تغيير اسمه إلى “مؤسسة رعاية الشهداء والأسرى والجرحى الفلسطينيين” وتقديم كل ما يلزم لضمان كرامة وعزة حياة ذوي الشهداء والأسرى والجرحى أيضا ماليا وصحيا وتعليميا.