1:53 صباحًا / 23 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

قراءة في رواية لليافعين، بعنوان: “غسّان كنفاني….. إلى الأبد”؛ للأديب المقدسي: محمود شقير، 2022 – مؤسّسة تامر للتّعليم المجتمعي ، بقلم: رفيقة عثمان

قراءة في رواية لليافعين، بعنوان: "غسّان كنفاني….. إلى الأبد"؛ للأديب المقدسي: محمود شقير، 2022 - مؤسّسة تامر للتّعليم المجتمعي ، بقلم: رفيقة عثمان

قراءة في رواية لليافعين، بعنوان: “غسّان كنفاني….. إلى الأبد”؛ للأديب المقدسي: محمود شقير، 2022 – مؤسّسة تامر للتّعليم المجتمعي ، بقلم: رفيقة عثمان


بمناسبة تزامن ذكرى النّكبة الخامسة والسّبعين عامًا، اخترت الكتابة عن رواية لليافعين، بعنوان: “غسّان كنفاني… إلى الأبد”؛ نظرًا لكونها رواية تُصنّف تحت مسمّى الأدب المُقاوم، وتقديرًا منّي للأديب الفلسطيني محمود شقير مؤلّف هذه الرّواية، ولبطل الرّواية غسّان كنفاني.


ورد في الصّفحة الأولى من الرّواية، كلمة مؤسّسة تامر للتّعليم المجتمعي “صدر هذا الكتاب ضمن مشروع وزارة الثّقافة للحفاظ على الرّواية الفلسطينيّة وملتقى فلسطين للرّواية العربيّة بمناسبة الذّكرى الخمسين على اغتيال المبدع غسّان كنفاني”.


صدرت رواية “غسّان كنفاني إلى الأبد” حديثًا قبل عام من الآن أي 2022، من تأليف الأديب محمود شقير، ومن تصميم حنين الخير؛ وكتب التّقديم وزير الثّقافة الفلسطينيّة الدّكتور: عاطف أبوسيف.


تعتبرهذه الرّواية من الرّوايات التوثيقيّة للأدب الفلسطيني المُقاوم، في عرض السّيرة الذّاتيّة للمُبدع غسّان كنفاني، وبنفس الوقت عرض السّيرة الذّاتيّة للأديب شقير نفسه؛ موضحًا سيرورة علاقته الشّخصيّة مع غسّان كنفاني؛ في مراحل مختلفة من حياتهما، منذ 1965 في بيروت، لغاية اغتياله عام 1972. أي رواية سيرتين في رواية واحدة.


حمل الكاتب والفنّان غسان كنفاني، همًّا وعبئًا على نفسه، الكتابة حول النكبة، والاحتلال لفلسطين؛ كي ينقل أهميّة القضيّة الفلسطينيّة للأجيال القادمة “وقد شكّل احتلال الجزء الأكبر من فلسطين عام 1948 همّا ظلّ يعتمل في نفس غسّان ويلهمه كتابة القصص والرّوايات حرصًا منه على ترسيخ صورة فلسطين في نفوس الأجيال الجديدة، وتأكيدًا لهويّتها وهويّة المنتمين إليها من بناتها وأبنائها المخلصين”. صفحة 55.


عند كتابة هذه الرّواية، يُكمل الأديب شقير مسيرة المُبدع غسّان في أهدافه؛ بكتابة الرّواية بطريقة مشوّقة؛ لسرد الرّواية الفلسطينيّة من خلال سيرة المُبدع غسّان كنفاني، وعرض بعض أحداث قصصه الوطنيّة. إنّ اختيار المؤلّف لشخصيّة غسّان كنفاني، كونها شخصيّة حقيقيّة لبطل فلسطيني، ناضل المُحتل بالقلم والرّيشة. مثّل غسّان كنفاني نموذجًا للإبداع في الأدب والفن، والانتماء للوطن والقضيّة الفلسطينيّة. ” قضى غسّان كنفاني حياته القصيرة (36) عامًا، مناضلًا، وصحافيًّا، وكاتبًا سياسيًّا، وروائيًّا”؛ إلى أن استشهد عام 1972 بصحبة ابنة أخته لميس، من قِبل المخابرات الإسرائيليّة في بيروت.
هذه الشّخصيّة تمثّل نموذجًا يُحتذى به، وخاصّةً للفتيان والفتيات في جيل المُراهق بهذه المرحلة الحسّاسة من عمرهم، فهم يبحثون عن شخصيّة هامّة يقتدون بها (يتقمّصونها)، وشخصيّة غسّان كنفاني خير نموذج ؛ لتشكيل الهويّة الذّاتيّة للفتيان، ولبناء شخصيّة واعية ووطنيّة.


من قراءتي لهذه الرّواية، لمست تركيز أديبنا شقير على الإبداعات الأدبيّة فقط للكاتب غسّان كنفاني، دون التطرّق لإبداعاته الفنيّة بالتفصيل مقارنةً مع الإبداع الأدبي؛ ومن إبداعاته في رسومات للوحات تشكيليّة ترمز للوطنيّة والقضيّة الفلسطينيّة، والّتي قاربت الستّ وثلاثين لوحة، عادلت سنوات عمره؛ وهذا الجانب الإبداعي لفن المقاومة، لا يقلّ أهميّة عن سابقه. أعتبر غسّان كنفاني فنّانًا تشكيليًّا هامًّا، لا تقلّ عن أهميّته ومكانته السّياسيّة والفكريّة والأدبيّة.


من الجدير بالذّكر “بأنّ هنالك قصور كافّة المؤسّسات والهيئات الفلسطينيّة لهذا الجانب الإبداعي عند غسان، عرضها للإهمال وعدم التّوثيق، وكثيرة هي لوحاته ورسومه الّتي ما زالت مجهولة حتّى على أهله ورفاق دربه وجمهوره ومحبّيه”. ( ديوان العرب: منبر حر للثّقافة والفكر والأدب) موقع إلكتروني. برأيي الشّخصي، من الضروري التّركيز على الجانب الفنّي لحياة غسّان كنفاني؛ وتعريف الفتيان والفتيات على اللّوحات التشكيليّة الّتي رسمها مبدعنا، لِما لها قيمة في مقاومة المُحتل جنبًا إلى جنب الأدب المُقاوم.


نهج الأديب شقير أسلوب الحوار الدّاخلي؛ لتوصيل المعلومات، وغرسها في نفوس الفتيان والفتيات، فاتّخذ له شخصيّة الطّفل الّذي يكمن في داخله، والمُرافق له خلال كتابة السّيرة الذّاتيّة والسّيرة الغيريّة للمُبدع كنفاني. يُعتبر هذا الأسلوب أسلوبًا ذكيًّا؛ لتطوير الأحداث في السّرد، وخلق الدّافع في تجاوب الكاتب مع شخصيّة الطّفل، ومشاركته الأفكار والأحداث؛ إلّا أنّ هذا الطّفل أظهر مستوى عاليًا من الفكر والحس، بحيث لا تتلاءم مع أبناء جيله. ربّما لو استبدل الكاتب شقير الطفل المُحاوِر بالفتى، الذي من الممكن أن يكون ناضجًا فكريّا بمستوى القدرة على التّذكّر، والمناقشة في حيثيّات سرد الأحداث في روايات وقصص غسّان كنفاني، والّتي تستوجب الفهم والإدراك، واستيعاب الرّمزيّة في أدب غسّان كنفاني.


أنهى الأديب روايته عل لسان الطّفل، وما ذكره يبدو بمستوى عالٍ، من فهم الرّمزيّة في السّرد؛ كما ورد صفحة مئة وأربع وعشرين


” سيظل غسّان حيًّا في قلوب محبّيه، ومعنا في المدن والقُرى والمخيّمات، معنا في ساحات النّضال وفي سجون الاحتلال حيث يقبع الآلاف من أسيراتنا وأسرانا الشّجعان، وسيظل معنا غسّان في النّدوات الوطنيّة والثّقافيّة، وفي بيوت الموسرين والفقراء، سيظل معنا غسان في احتفالات النّوادي ومكتبات البلديّات والمؤسّسات المجتمعيّة، ومكتبات المدارس والجامعات، حيث يقرأ كتب غسّان الآلاف تلو الآلاف من الطّالبات والطّلّاب، وسيظل معنا غسّان في المؤتمرات الوطنيّة والثّقافيّة وفي المناسبات الّتي تحتفي بكل مثقّف لوطنه وبكل أديب مُخلص وفنّان. سيظل معنا غسّان.” ممّا ذُكر على لسان الطّفل، نجح الكاتب أن يوصل رسالته الكبرى، بأنّ غسان كنفاني باقٍ في العقول والقلوب إلى الأبد. من هنا كان اختيار الأديب شقير لعنوان الرّواية “غسّان كنفاني إلى الأبد”. لا شك بأنّ اختيار العنوان كان مُوفّقًا لحدًّ كبير. وهنا أبدى الأديب شقير وفاءه، لمسيرة المُبدع غسّان كنفاني.


تمتّعت الرّواية بلغة رصينة وسهلة، تتناسب مع جيل الفتيان، لغة سرديّة تقريريّة، تخلّلها الحوار الذّاتي، لغة احتوت البساطة؛ لدرجة تطرد الملل أثناء القراءة. استشهد الأديب بقصائد عديدة للشعراء الفلسطينيين مثل: محمود درويش بقصيدة بعنوان: عاشق من فلسطين، وتوفيق زيّاد ” هنا على صدوركم باقون كالجدار .. نجوع، نعرّي، نتحدّى..”، والشّاعر سميح القاسم، قصيدة بعنوان: “خطاب من سوق البطالة”. هذه القصائد تزيد من معرفة الفتيان والفتيات، بشعراء مقاومين أمثال غسّان كنفاني، وتربطهم علاقة بشعره ومغزراه.


خلاصة القول: رواية “غسّان كنفاني إلى الأبد” رواية ذات قيمة عالية؛ لتعريف الفتيان والفتيات على شخصيّة وطنيّة هامّة، لمبدع فلسطيني، وروائي، أنجز ثمانية عشر كتابًا ورواية، بالإضافة لرسومات ولوحات فنيّة تشكيليّة قاربت سنوات عمره الستّة والثّلاثين عامًا، بالإضافة لكتابة المقالات الصّحفيّةّ السّاخرة، والرّسائل كفنون نثريّة شعريّة، واتّسمت كتاباته بالتجديد والتحديث، والحس الوطني.


برأيي الخاص: أقترح بأنّه من الضّروري توفير هذه الرّواية بمتناول أيدي الفتيان والفتيات، وتوزيعها على المكتبات المدرسيّة والعامّة، داخل فلسطين والعالم العربي. في الحقيقة لأنّها رواية لسيرتي شخصيّتين فلسطينيّتين مبدعتين وهامّتين: ( محمود شقير وغسّان كنفاني) . الرّواية تستحق القراءة، وفهم العبر من رموزها وتحدّياتها.

شاهد أيضاً

الصحفي حسن أبو قفة

استشهاد الصحفي حسن أبو قفة في قصف إسرائيلي على النصيرات وسط قطاع غزة

شفا – استشهد، مساء اليوم الجمعة، الصحفي الفلسطيني حسن أبو قفة ونجله عماد بعد غارة …