قوة البدايات ، ( إنك تقدر أن تصحب الحصان إلى حوض الماء ولكنك لا تستطيع ان تجبره أن يشرب منه) بقلم : جميلة حسن الغول
الدافعية للتعلم من أهم الموضوعات التي حظيت باهتمام بالغ في المجال التربوي من قبل الباحثين والعلماء والفلاسفة، إذ ترجع أهميتها لدورها في تحقيق الاستمرار والنجاح في عملية التعلم. فعندما يمتلك الطلبة الدافع للتعلم فإنهم سيحققون نتائج أفضل، ويكتسبون المعرفة بسهولة، ويقومون بأداء المهام بشكل جيد، ويتقدمون بثبات في مسيرتهم التعليمية، ويمكن أن يكون للدافع دور كبير في تجاوز حالة الإحباط واليأس والحزن للطلبة ويساعدهم على امتلاك قيم منها التحدي والصبر وعدم الاستسلام للمصاعب وزيادة الثقة بالنفس واتخاذ القرارات السليمة والمناسبة للموقف، وحل المشكلات.
فما هي الدافعية؟ ما الذي يجذب ويحفز الطلبة للتعلم ويزيد من دافعيتهم؟
الدافعية هي القوة المحركة التي تدفع الطلبة إلى الرغبة والاهتمام بالعملية التعليمية لإشباع حاجاتهم ورغباتهم، وتعد مصدر للعمليات المهمة التي تحفزهم وتشجعهم لعمل معين، والسعي نحو تحقيق أهدافهم وما يرغبون بالحصول عليه، والانتباه للموقف التعليمي والإقبال عليه، وتعتمد الدافعية على درجة الجهد والمثابرة والاستمرار المبذول للتعلم والبحث والاستكشاف للتحصيل الدراسي.
ويعرفها العلماء أيضا “بأنها تشير إلى مدى استعداد الفرد وميله إلى السعي في سبيل تحقيق هدف ما، والنجاح في تحقيق ذلك الهدف وإتقانه”.
وتنبع الدافعية للتعلم من المصادر الداخلية أي من داخل الطالب حيث يسعى إلى إرضاء نفسه بالشعور بالسعادة لتقدير المعلمين والأسرة له، ومن المصادر الخارجية التي تحفز الشعور بالدافعية وتشد الطالب وتشجعه للتعلم مثل: الاصدقاء والأسرة والمعلم ومدير المدرسة، ومؤسسات المجتمع مثل: الأندية، المكتبات. ووسائل التواصل الاجتماعي لما لها من دور كبير في التأثير على دافعية الطلبة.
ما يهمنا هو قوة البدايات عندما يبدأ الطالب عامه الدراسي بقوة ويكون قادرًا على مواجهة نقاط ضعفه ويتعلم عن مصادر قوته، تزداد ثقته بقدراته وصلابته نحو تحقيق هدفه ويكون قادرا على الاستمرار وتخطي الصعاب، وكل ما تعرف أكثر على احتياجاته الاساسية يكون أكثر قدرة على ادراك سلوكه واتجاهاته وأهدافه نحو الحياة، حيث هناك رابط ما بين الدوافع والاحتياجات مثلا إذا شعر الطالب بالجوع يفكر في الطعام وهو احتياجه الأساسي في تلك اللحظة الأمر الذي يدفعه إلى البحث عن الطعام وكذلك العطش … ولا يقل أهمية عن ذلك الاحتياج العاطفي والحاجة إلى التقدير، والحب وتحقيق الذات، التي تحدث عنهم (ماسلو) من خلال هرم ماسلو للاحتياجات الانسانية، وهي: الحاجات الفسيولوجية من مأكل ومشرب … ثم الاحتياج إلى الأمان وهو وجود مكان آمن وبيت وأسرة ، ثم الاحتياجات الاجتماعية، والاحتياج للتقدير، والحاجة إلى تحقيق الذات. لماذا تطرقنا إلى الاحتياجات؟ تطرقنا إلى الاحتياجات لأن الدافعية هي القوة المحركة التي تدفع الطلبة إلى الرغبة والاهتمام بالعملية التعليمية لإشباع حاجاتهم ورغباتهم، فإذا كان الطالب جائعا او عطشا هل سيقدر على التركيز مع المعلم ؟؟؟ فإذا كان هناك وعي لدى الطالب لتلك الاحتياجات سيكون هناك إدراك للواقع ويقدر على تلبية هذا الاحتياج من خلال (سؤال المعلم ان يقدر تناول الطعام في الصف، أو الصبر إلى موعد الاستراحة، ومن المهم أن يكون المعلم حساسا إلى تلك الاحتياجات الأساسية فيقدم له الحل ويعاونه على تلبية احتياجه)، والانتباه إلى تلك الاحتياجات يساعد على زيادة دافعية الطالب للتعلم في حصته الدراسية، وقد تنشأ علاقة طيبة وثقة بين المعلم والطالب نتيجة اهتمام المعلم به، مثال آخر: الطالب يحتاج إلى بيئة أمنه وهي جزء من هرم ماسلو للاحتياجات الانسانية ويكون تحقيق هذا الاحتياج بوجود مكان آمن للطالب لا يضرب لا يهان ويحترم بالصف، يُسمع، ويكون هناك عدالة بالقوانين والرعاية السليمة له، فمن المحتمل أن تزيد دافعيته وتحفيزه للتعلم، وهناك أمثلة كثيرة وقصص لطلبة كانوا مهمشين بالحصص الدراسية نتيجة علاماتهم المتدنية أو غياباتهم المتكررة وسلوكهم الغير منضبط – والذي قد يكون نابع من الحاجة إلى لفت الانتباه والتقدير- في اللحظة التي تتم متابعتهم، والاهتمام بهم وتعزيزهم والعمل معهم على زيادة تقديرهم لانفسهم، نجد أن هناك تغييرًا ملحوظا في اتجاهاتهم التعليمية وتزداد دافعيتهم للتعلم وبذلك يتحقق الهدف الأساسي وهو زيادة تحصيلهم الدراسي وتفاعلهم الايجابي بالمدرسة.وهناك أسباب واحتياجات عديدة تؤثر على دافعية الطلبة نذكر منها:
- عدم وعي الطالب لأهمية التعليم ودوره في تقدمه وتطوره وتحسين فرصه بالحياة.
- طرق التدريس لا تتلائم مع احتياجات الطلبة المعرفية والعاطفية خاصة التقليدية والتي تفقد الطالب الاهتمام بالتعلم.
- انعدام الثقة بالنفس يؤثر على دافعيتهم للتعلم الأمر الذي يقلل من ثقتهم بقدراتهم وإمكانياتهم وتقديرهم لذاتهم.
- العوامل الثقافية والاجتماعية المحيطة بالطالب والتي قد تقلل من أهمية التعليم، فلا تشجعه على التعلم ولا تحفزه مما يقلل من دافعيته واتجاهاته نحو التعليم.
وللتغلب على هذه العوامل وتعزيز الدافعية يجب مراعاة احتياجات الطلبة فإننا بذلك نحرك الدافعية لديهم ونكون قادرين على فهم احتياجاتهم والتواصل الفعال معهم وتحفيزهم للتعلم واكتساب المعرفة بسهولة ويسر والعمل على توعيتهم لأهمية التعليم وإيجاد القدوة من خلال سرد قصص نجاح لطلبة وعلماء ومخترعين ممن اضافوا ما هو جديد للعالم، مساعدتهم على صياغة أهداف واضحة وقابلة للقياس وواقعيه تلائم امكاناته وقدراته، إشراكهم في تحديات مناسبة لتزيد من دافعيتهم ورغبتهم في تحقيق نتائج أفضل، تصميم برامج تعليمية وطرائق تدريس مناسبة ومتنوعة غير تقليدية، توفير بيئة مشجعة آمنة إيجابية تساعدهم على التفكير والنقد وإثارة الأسئلة، من خلال بيئة أمنة داعمة وملاءمة للتعلم وللاستكشاف، وللأسرة دور كبير في تعزيز الدافعية والتواصل الفعال والتحفيز المستمر على التعلم