ولو “بنسبة ميكروسكوبية” .. خطر الانتخابات المحلية على القدس!! بقلم : موفق مطر
يحتم منطق الانتماء الوطني الفلسطيني، والالتزام بإرادة الشعب الفلسطيني، ومبادئ النضال والكفاح لتثبيت عروبة وفلسطينية القدس، ومكانتها الإنسانية الحضارية، يحتم على كل مقدسي ليس الرفض المطلق للمشاركة في انتخابات الهيئات المحلية في القدس وحسب، بل رفض كل مبررات وذرائع أصحاب (فتاوى دينية مسيسة)، ورؤوس في عائلات وعشائر ساعية للتسلط، وكذلك مرتبطين بمصالح ما مع سلطة منظومة الاحتلال والاستيطان العنصرية الإسرائيلية، فالمقدسيون ومعهم كل الوطنيين الفلسطينيين في كل مكان من فلسطين والشتات، مجمعون على الرفض المطلق للمشاركة في انتخابات الهيئات المحلية في القدس الشرقية، التي قررت سلطات الاحتلال موعدها في أكتوبر/ تشرين الأول القادم، لكونها أحدث مؤامرة عقدتها حكومة الصهيونية الدينية الفاشية العنصرية لدى منظومة الاحتلال الإسرائيلية مع أعداء الهوية الوطنية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني، والذين لا تعنيهم عروبة القدس، ولا يعنيهم تاريخها وحاضرها ومستقبلها باعتبارها العاصمة الأبدية لفلسطين التاريخية والطبيعية، وعاصمة لدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، فما يحدث وتحديدا – إذا شارك فلسطينيون من القدس الشرقية في هذه الانتخابات خطير جدا، سيجرد القدس من هويتها العربية الفلسطينية، وتتحول من اعتبارها عاصمة فلسطين وأم المدائن إلى مجرد هيئة محلية (بلدية) – وقد يحولونها لاحقا إلى لجان أحياء!!! في دولة منظومة الصهيونية الدينية العنصرية”، وستقضي مع قرارات التهويد المتتالية والمنفذة بدون إبطاء على الأرض، ستقضي على آمال الشعب الفلسطيني بالحفاظ على رمزية القدس ومكانتها السياسية والروحية والثقافية والتاريخية المرتبطة جذريا بالهوية الوطنية العربية الإنسانية الفلسطينية، وبمصير ووجود الشعب الفلسطيني ونظامه السياسي.
فهذه الانتخابات إذا شارك فيها سكان من القدس، ستسوقها حكومة الاحتلال على أنها إقرار واعتراف فلسطيني بالقدس عاصمة موحدة أبدية للدولة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) !! حتى لو أتاها عبر مشاركة (نسبة ميكروسكوبية) من سكان القدس الشرقية، فالمحتلون معنيون بإسقاط مسؤولية الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية، وحكومة دولة فلسطين المحتلة (السلطة الوطنية بوزاراتها ومؤسساتها)، ما يعني تبديد الإرادة الوطنية الفلسطينية السياسية، ودفع الشعب الفلسطيني ليدمر بيديه قواعد ارتكاز النضال والعمل الوطني الفلسطيني السياسي والقانوني والدبلوماسي المرتكزة على مبدأ الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في أرض وطنه فلسطين، المنصوص عليه ولو جزئيا في قرارات الشرعية الدولية – أكثر من 700 – التي تعتبر القدس الشرقية أرضا فلسطينية محتلة، وعاصمة لدولة فلسطين المحتلة المعتمدة حتى اللحظة دولة بصفة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حسب القرار 19/67، ولا بأس من التذكير بالقرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، علاوة على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 لسنة 1947 (قرار تقسيم فلسطين) الذي وضع القدس تحت إشراف دولي.
إن رفض المقدسيين المشاركة في هذه الانتخابات يعني تجسيد معنى جديد للسيادة الفلسطينية في القدس، رغم حظر الاحتلال لرموزها وبنيتها، فالمقدسيون بروحهم الوطنية سيؤكدون للعالم آمالهم وتطلعاتهم بالحرية والاستقلال والسيادة والديمقراطية في دولة فلسطينية حرة، وبرفضهم المشاركة بأي شكل في الانتخابات رسالة للعالم أن السيادة الفلسطينية على القدس الشرقية لا نقاش فيها ولا تراجع ولا مراجعات، وأن قوانين منظومة الاحتلال والاستيطان العنصرية، وبرامج الخداع كهذه الانتخابات المحلية لن تفلح في انتزاع عقولهم ورؤاهم الوطنية، رغم الاستغلال الممنهج لمعاناة المقدسيين في كل مناحي الحياة ومساراتها، معاناة أنتجتها سياسة (إنهاء الوجود الفلسطيني) في القدس المخططة والمدروسة بدقة لدى أركان أعلى الهرم السياسي والأمني في منظومة الاحتلال (إسرائيل)، مع الملاحظة أنهم يعولون على هذه المعاناة لتكون أهم مبررات أعداء الوطنية الفلسطينية للمشاركة بالانتخابات بحجة “تخفيفها ما أمكن عن المقدسيين”!.
لا تحتمل هذه اللحظة التاريخية ترف التنظير والتبرير وسوق الذرائع والتعليلات، وبذات الوقت لا تحتمل أي تأخير في تقديم المساندة من الكل الوطني الفلسطيني للمقدسيين لتمكينهم من الصمود والثبات على موقفهم الوطني النقي من شوائب مصالح الجماعات الفئوية والعصبوية والحزبية حتى لو كانت مقنعة بمسميات اجتماعية أودينية، فالجميع مسؤول، وعلى الجميع المبادرة كما فعلت لجنة القدس في المجلس الوطني الفلسطيني، للإجابة على سؤال بوجهين: ماذا نحن فاعلون، وما هي مهامنا وواجباتنا لتجسيد بديل يمكن المقدسيين من الثبات والصمود ومواجهة مشاريع التهويد، ومساندتهم في تجسيد السيادة الفلسطينية بوجهها الشعبي على القدس، وفي هذه اللحظة كلنا مسؤولون، سواء على الصعيد الرسمي : (دولة فلسطين والسلطة الوطنية ووزاراتها ومؤسساتها أيضا، ومنظمة التحرير الفلسطينية ودوائرها بدون استثناء) أوعلى الصعيد الشعبي: الفصائل والقوى الوطنية، والمنظمات والمؤسسات والهيئات، وكل الكيانات ذات الجذور الوطنية الفلسطينية المتواجدة على أرض القدس أو خارج حدودها الطبيعية، وهنا لا بد من التأكيد على ضرورة تحويل الموقف من ظاهرة صوتية بيانية، إلى فعل فرط صوتي عملياتي مادي ملموس على الأرض، يحمل في مضمونه رسالة قوية لرؤوس منظومة الاحتلال، بأن القيادة الفلسطينية مستمرة في التموضع بموقع الهجوم على سياسة حكومة الصهيونية الدينية العنصرية بأقصى ما لديها، متسلحة باحتياط شعبي بلا حدود، وبقرار توجيه المقدرات المادية لتعزيز صمود المقدسيين، وببرامج عمل نضالية سياسية وقانونية مستمدة شرعيتها من القوانين والقرارات الدولية، وبإجماع وطني يعتبر المشارك بهذه الانتخابات مترشحا أو ناخبا، بمثابة شخص ملوث بتهمة الخروج على القيم الوطنية، وخادما ضالعا في تنفيذ مؤامرة تهويد القدس.