شفا – أطلقت جامعة القدس المفتوحة، اليوم الثلاثاء، حفلات تخريج الفوج السادس والعشرين (فوج قدسنا عزّنا)، في حفل مركزي نظمته بمدينة جنين دعما لصمودها، وذلك تحت رعاية رئيس دولة فلسطين محمود عباس.
ويأتي هذا الاحتفال باكورة لاحتفالات تنطلق في 18 فرعا منتشرة بالضفة الغربية وقطاع غزة، يتخرج فيها نحو 7 آلاف طالب وطالبة، 124 منهم في سجون الاحتلال.
كما منحت الجامعة، في الحفل، شهادة فخر واعتزاز لذوي الشهيدين أحمد عابد ومجدي عرعراوي، اللذين ارتقيا على أرض جنين وهما على مقاعد الدراسة في الجامعة والثانوية العامة.
وبدأ الاحتفال باستقبال موكب الخريجين، ثم تلاوة آيات من القرآن الكريم، والوقوف تحية للنشيد الوطني فقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء.
وحضر الاحتفال: ممثل سيادة الرئيس، وزير التعليم العالي والبحث العلمي محمود أبو مويس، ومحافظ جنين اللواء أكرم الرجوب، وممثلون عن المؤسسات الرسمية والشعبية وشخصيات رسمية واعتبارية في المحافظة، وحشد من الأهالي وذوي الخريجين.
ونقل الوزير أبو مويس، في كلمته، تحيّات ومباركة الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء محمد اشتية، قائلاً: “اسمحوا لي باسم سيادة الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء، وباسم العاملين ونقابتهم والطلبة ومجلسهم المميز وشبيبتهم، أن نهدي نجاح خريجي جامعة القدس المفتوحة إلى أرواح الشهداء الأبرار والأسرى الأبطال والجرحى البواسل”.
وقال: “إن سياسة الحكومة، واستراتيجية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي هي محاربة البطالة بمواكبة الثورة الصناعية الرابعة بالرقمنة، ونقولها بكل وضوح، لا للشهادات فقط ونعم للخبرات والمهارات والتكوين والتمكين، والدعوة مفتوحة إلى نموذج جامعات بلا جدران”.
وتابع: “كانت القدس المفتوحة السباقة في هذا المجال، ونحن نفكر محلياً ونعمل دولياً، ونتشارك ونتكامل مع سوق العمل، والعنوان واحد… ريادة وإبداع وابتكار”.
وأردف أبو مويس: “مرت القدس المفتوحة بمراحل عديدة، بما فيها مرحلة التخطيط عام (75)، ومرحلة إعداد البرامج عام (85)، ومرحلة التنفيذ عام (91)، والآن في 2023 حانت مرحلة الرقمنة، والتحوّل الرقمي، والذكاء الصناعي، فالجامعات بعد خمسة أعوام ستكون غير جامعات اليوم تماماً”.
وشكر أعضاء هيئة التدريس في “القدس المفتوحة”، مشيداً بتميزهم؛ “فهم جعلوا منها جامعة الزخم البحثي كماً ونوعاً، بحيث أسهمت الجامعة مع مثيلاتها من الجامعات الفلسطينية بجعلِ فلسطين الأولى في نوعية البحث العلمي على مستوى الدول العربية، وفقاً لإحصائيةٍ لقاعدة البيانات الدولية (سكوباس وسيماجو)”.
وشكر أبو مويس طاقم الوزارة الذي أنشأ صندوقاً وطنياً للبحث العلمي، وأطلق الشبكة الفلسطينية للبحث العلمي وربطها بشبكة البحث العربية، ودشّن مكتباً لخدمات التعليم العالي في كل المحافظات، لافتاً إلى أنه كان لجامعة القدس المفتوحة الفضل والدعم والمساندة في هذا السياق.
وقال: “مَنحَتنا الجامعة مكتباً داخل حرمها للمساعدة في هذا العمل، وتصادق وتعادل هذه المكاتب مع الوزارة أكثر من ربع مليون وثيقة كل عام بمهنية وسهولة ويسر”.
وخاطب الخريجين بالقول: “لقد تحقق أملكم، وغداً تبدأ رحلة البحث عن العمل، ابقوا على تواصلكم مع جامعتكم، وطَوِّروا أنفسكم بالدورات المهنية والرقمية والمهارات، وتابعوا موقع المنح في الوزارة؛ فهناك مئات المنح وفي كل التخصصات؛ في بلدانٍ شقيقة وصديقة عديدة”.
بدوره، أعرب الرجوب عن اعتزازه بـ”القدس المفتوحة”، لما لها من “معزة خاصة في قلبي وقلب كل خريج أتيحت له فرصة التعليم”، مهنئاً الخريجين ومؤكداً ضرورة دعم الجامعة التي “تقدم خدمة التعليم لأبناء شعبنا، بصفتها واحدة من أفضل المؤسسات الوطنية”، وتابع: “سنبقى الأمناء لهذه الجامعة ولمنظمة التحرير التي أسستها”.
وحيّا الرجوب أهالي محافظة جنين على صمودهم ووقوفهم في مواجهة غطرسة الاحتلال وجرائمه، مشيراً إلى أن “شعبنا بشهدائه وأسراه وجرحاه وكل من فيه شعب صامد، يواصل طريقه بكل عزيمة حتى تحقيق غاياته وطموحاته”.
من ناحيته، قال رئيس مجلس الأمناء عدنان سمارة: “ننطلق من جنين، من هذه المدينة الصامد أهلها تأكيداً على رسالة وطنية تتبناها الجامعة التي دأبت على توفير خدمة التعليم للتغلب على إجراءات الاحتلال الذي استهدف تجهيل شعبنا.
وتابع: “أثبتت الجامعة بفلسفتها ورؤيتها أن سياسة التعليم فيها هي الأنجع في عالم متطور ومتسارع، لذا سعت لرفع تصنيفها الدولي من خلال تعزيز البحث العلمي، وبرنامج التعليم الدولي الذي يستهدف الجاليات العربية والإسلامية في العديد من الدول”، مؤكداً أهمية إنشاء مراكز علمية بحثية متخصصة، وتوفير الدعم المالي للمشاريع البحثية بالتعاون والشراكة مع المؤسسات المحلية والإقليمية والدولية، وإصدار المجلات العلمية المحكمة.
من جانبه، قال رئيس الجامعة سمير النجدي: “نحتفل بتخريج كوكبة جديدة من أبنائنا الطلبة، وقد آثرنا إطلاق اسم “فوج قدسنا عزّنا” على هذا الفوج انسجاماً والحالة الوطنية العامة والقدس خاصة، “العاصمة الرقمية العربية لعام 2023”.
وتابع: “نطلق حفلاتنا في محافظات الوطن كافة بدءاً من هذه المدينة العصية على الاحتلال، دعماً لصمود أهلنا في جنين ومخيمها، وإثباتاً أن جنين ليست الهامش بل هي النص”.
وأكد “وقوف الجامعة بكوادرها وطواقمها الأكاديمية والإدارية والطلبة كافة، خلف القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس في معركة الدفاع عن حقوق شعبنا”.
وتابع: “تقوم فلسفة الجامعة في التعليم المدمج بالجمع بين المحاضرات الوجاهية والافتراضية، ونجحت في تكريس ثقافة تعليمية أثبتت فعاليتها وطنياً وعربياً ودولياً، فباتت من كبريات الجامعات العالمية التي تتبنى هذه الفلسفة، لإدراكها أنها تصقل شخصية الفرد وتسلحه بأدوات لمواجهة تحديات الحياة العصرية، إضافة إلى أنها تحقق معظم الأهداف بكلفة مالية محدودة”.
وأضاف النجدي: “وضعت الجامعة نصب عينيها الاستجابة للتطورات الأكاديمية والمهنية والعلمية بصفتها متطلبات لعصر الثورة الصناعية الرابعة، فاستحدثت تخصصات تتواءم وعصر الرقمنة في “إدارة الأعمال الرقمية” والوسائط المتعددة والأنظمة الحاسوبية وغيرها”.
وفي ختام كلمته، أكد أهمية “برنامج تعليم الأسرى” الذي اعتمدته الجامعة بالشراكة مع هيئة شؤون الأسرى والمحررين ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مشيراً إلى أن الجامعة خرّجت هذا العام 124 أسيراً في سجون الاحتلال.
وأشاد وكيل هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد القادر الخطيب، بدور الجامعة الوطني بما مثّله “برنامج تعليم الأسرى” من رسالة سامية منذ إطلاقه عام 2015م، حيث خرجت حتى اليوم 776 أسيراً وأسيرة.
وقال: “وحق لنا في هذا المقام أن نستذكر الراحل اللواء قدري أبو بكر، الذي كان يولي هذا البرنامج اهتماماً خاصاً، لما يعكسه على واقع الحركة الأسيرة”.
من جهته، قال عضو مجلس الطلبة القطري في الجامعة سمير السعدي: “ليس ببعيد عن هذه الدولة اللقيطة، عن هذا المحتل الحاقد، نقف اليوم لنقول له إننا شعب يسرق الفرحة من الألم”.
وأضاف: “باسم الطلبة كافة، نبعث رسالة عز وفخار لقدسنا العاصمة، التي حمل هذا الحفل اسمها ورسمها، ولتخسأ حكومة الاحتلال ويمينها المتطرف ومحاولات التهويد”، معرباً عن الشكر الجزيل للرئيس محمود عباس لرعايته حفلات التخرج.
وفي كلمة الخريجين، قالت الخريجة روز جعفر غوادرة: “أقف بينكم مفتخرة بانتمائي لهذه الجامعة العظيمة، ممثلةً لزملائي الخريجين، نحتفل على مرأى ومسمع هذا الاحتلال الحاقد، لنقول إننا جيل لم ولن ينسى.. جيل يؤمن بحتمية الثورة والنصر”.
وأشادت بالجهود المضنية والقيادة الحكيمة لإدارة الجامعة. ثم وجهت تحية للحفل الكريم ولزملائها وزميلاتها الخريجين والخريجات لمناسبة هذا الاستحقاق، “باسم زميل الدراسة البطل أحمد عابد الذي ارتقى شهيداً أثناء دراسته في الجامعة”، داعية زملاءها أن “يضيفوا إلى النجاح قدرة على التميز ومواكبة التطورات التكنولوجية، وأن يكونوا خير سفراء للوطن والجامعة”.