شفا – مديحه الأعرج، قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان في تقريره الأسبوعي، أنّ “البؤر الاستيطانية، دفيئات إرهاب تبنيها شبيبة التلال، وترعاها الدولة ويغطيها القضاء الصهيوني”.
وأوضح التقرير، أنّه “في ظل الضغوط التي مارسها وزير المالية والوزير في وزارة الجيش بتسلئيل سموتريتش، قررت المحكمة العليا في الأسبوع الماضي منع إخلاء بؤرة استيطانية أقيمت مؤخرًا وسط الضفة الغربية المحتلة على أراضي قرية المغير في محافظة رام الله والبيرة، وكما كان متوقعًا عملت المحكمة كذراع من أذرع الاحتلال، وهي كذلك في الأغلبية الساحقة من القضايا، التي تعرض عليها عندما يتعلق الأمر بالاستيطان والمستوطنين، فهي محكمة تقوم بدور في غاية الخطورة على هذا الصعيد، وتدعي أنها تعكس التزام دّولة الاحتلال بسلطة القانون وتسهم في تكريس شرعية هذه الدولة أمام مؤسسات القضاء الدولية، أي أن أحد وظائفها من حيث علاقتها بالاحتلال وممارساته هو حماية صورة دولة “إسرائيل” وحماية الذين يخالفون القانون، وهي تقوم بهذا الدور بأمانة كاملة”.
وتابع التقرير: “جاء القرار في سياق النظر بالتماس قدمته 5 عائلات استوطنت في الموقع، بعيد عملية إطلاق النار على مدخل مستوطنة “عيلي”، قبل أسبوعين وأسفرت عن مقتل 4 مستوطنين، وينص القرار على منع إخلاء 5 مباني أو تدميرها على الأقل حتى بداية الأسبوع المقبل، مقابل وديعة مالية بقيمة 50 ألف شيكل، ويتطرق هذا القرار كذلك إلى واحدة من أصل 7 بؤر استيطانية أقامها المستوطنون في أعقاب العملية التي استهدفت تجمع مستوطنين على موقف للمسافرين على مدخل مستوطنة “عيلي”، وكان وزير جيش الاحتلال، يوآف غالانت، قد أصدر أمرًا بإخلاء البؤرة الاستيطانية، رغم معارضة الوزير في وزارته، بتسلئيل سموتريتش، وبحسب توزيع السلطات في وزارة الجيش، فإن لدى غالانت صلاحية إصدار أمر إخلاء إذا كانت هناك “اعتبارات أو حاجات أمنية “لذلك، وبالفعل أصدر غالانت أمرًا بالإخلاء، وألغى أو أوقف الأمر بقرار من المحكمة، ويبدو أن الخلاف بين غالانت وسموتريتش بخصوص إخلاء تلك البؤرة الاستيطانية هو استمرار للخلاف حول توزيع الصلاحيات في وزارة الجيش”.
وجاء في التقرير: “قرار المحكمة العليا يفتح ملف البؤر الاستيطانية، التي تنتشر كالفطر أو كالسرطان في الأرياف الفلسطينية في الضفة الغربية، وهذه البؤر التي تدور بشأنها في أوساط الحكومة “الإسرائيلية” حركة نقاش حول دورها في دفع المشروع الاستيطاني خطوات إلى الأمام من أجل إغلاق الطريق على فرص تسوية سياسية للصراع على أساس ما يسمى حل الدولتين، فما هي قصة هذه البؤر الاستيطانية، التي يوليها سموتريتش كما بن غفير وغيرهما أهمية فائقة في حسابات السيطرة على اوسع مساحة ممكنة من الارض بأقل عدد ممكن من السكان الفلسطينيين، وقد تجاوز عددها حتى الآن نحو (254) بؤرة موزعة على محافظات الضفة الغربية، بما فيها القدس ، وهي على النحو التالي بصورة تقديرية: 50 بؤرة في محافظة الخليل 17 في محافظة بيت لحم، 15 في محافظة القدس، 20 بؤرة في محافظة أريحا، 55 في محافظة رام الله والبيرة، 18 في محافظة سلفيت، 11 في محافظة قلقيلية، 45 في محافظة نابلس، 5 في محافظة طولكرم، 11 في محافظة طوباس و7 في محافظة جنين، وبدأت الظاهرة بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو في محاولة لفرض حقائق جديدة على الأرض تمحو الفواصل التي كان رئيس الوزراء “الإسرائيلي” الأسبق اسحق رابين قد حددها بين المستوطنات السياسية والمستوطنات الأمنية، ولكنها كظاهرة استفحلت نهاية تسعينات القرن الماضي اثر دعوة ارئيل شارون، الذي كان يشغل منصب وزير الطاقة والبنية التحتية في حكومة نتنياهو الأولى، المستوطنين آنذاك لاحتلال رؤؤس الجبال والتلال للحيلولة دون انتقالها للفلسطينيين لاحقًا في إطار أية تسوية سياسية مستقبلية بين الجانبين “الإسرائيلي” والفلسطيني، فكانت تلك الدعوة بمثابة الضوء الأخضر لقيام منظمات يمينية متطرفة، لعبت الدور الابرز في نشر تلك البؤر الاستيطانية، وعرفت لاحقًا باسم شبيبة التلال”.
وتابع التقرير: “تبدأ الخطوة الأولى بخيمة أو بكرفان لعدد من المستوطنون بالقرب من مستوطنة قائمة في المنطقة، وهي خطوة تبدأ بها شبيبة التلال ويتعهدها قادة (أماناه) بالتمويل وترعاها المجالس المحلية أو الاقليمية في المنطقة فضلاً عن الحاخامات لمنع الحكومة والادارة المدنية من إزالتها باعتبارها مخالفة حتى للقوانين “الإسرائيلية” المرعية، ليأتي دور لواء الاستيطان، ليوقع عقودًا مع المستوطنين إما للبناء أو لاستخدامات الأراضي، ولواء الاستيطان هذا هيئة غير حكومية تأسست عام 1971 وميدان عمله الضفة الغربية، كان تابعًا لدائرة الاستيطان في الوكالة اليهودية حتى العام 1993 واستقل عنها ليصبح أحد الاذرع الخفية للإدارة المدنية في جيش الاحتلال، وتتطور الخيمة أو الكرافان لتصبح بيوتًا متنقلة أو بيوتًا جاهزة يجري ربطها بالمستوطنات القريبة بشوارع ترابية ثم معبدة وبشبكة مياه وكهرباء وغيرها من لوازم البنية التحتية في انتظار منحها الشرعية من الادارة المدنية، كثيرة هي البؤر الاستيطانية، التي تحولت مع الوقت إلى أحياء لمستوطنات قريبة أو لمستوطنات قائمة بذاتها كما هو حال مستوطنة راحاليم ومستوطنة شيفوت راحيل إلى الجنوب والجنوب الشرقي لمدينة نابلس على سبيل المثال لا الحصر، ونشير إلى أنّ المجلس الأمني الوزاري المصغر (الكابينت) كان قد وافق في شباط الماضي على إضفاء الشرعية (وهي شرعية زائفة وفقًا للقانون الدولي) على 9 بؤر استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية، من أصل 77 بؤرة غير قانونية، يطالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بإضفاء الشرعية عليها، واتخذ من عملية الدهس التي نفذها فلسطيني في حينه في مستوطنة “راموت” شمالي القدس وأدّت إلى مقتل 3 “إسرائيليين” وإصابة آخرين ذريعة لذلك، وقرار المجلس الوزاري هذا لم يلق معارضة لا من المحكمة العليا ولا من المستشارة القضائية للحكومة، التي لم تدعم مساعي الحكومة لشرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة ولكنها لم تعارض الإجراءات التي اعتبرتها الحكومة استثنائية، علما بأن الحكومات “الإسرائيلية” امتنعت خلال فترة طويلة عن شرعنة بؤر استيطانية مقامة على أراض بملكية فلسطينية خاصة، أما البؤر الاستيطانية التي وافق المجلس الأمني الوزاري المصغر على شرعنتها فقد كانت “أبيغيل” و”بيت حوغلا”، و”غفعات هرئيل” و”غفعات أرنون”، و”متسبي يهودا”، و”ملآخي هشالوم”، و”عساهئيل”، و”سادي بوعز”، و”شحريت”، وحسب بيان الحكومة في هذا الخصوص فإن القرار دعا إلى بدء عملية واسعة للتحضير لمواصلة إجراءات شرعنة سائر البؤر الاستيطانية العشوائية، وخطورة هذه البؤر الاستيطانية لا تقف عند حدود السطو بالقوة على أراضي المواطنين الفلسطينيين بل وفي الاعتداء على حياتهم وتهديدهم في أمنهم، ففي هذه البؤر بدأت تتشكل خلايا ارهابية سرية تطورت مع الوقت إلى منظمات ارهابية تعمل في العلن بشكل منظم، ولها مرجعياتها السياسية في الكنيست والحكومة والمجالس الاقليمية للمستوطنات ومرجعياتها الدينية وهم حاخامات المستوطنات ومرجعياتهم التنظيمية الميدانية كانوا يخرجون إلى الشوارع بمجموعات صغيرة يعتدون على المواطنين الفلسطينيين، يخربون ممتلكاتهم ويخطون على جدران منازلهم شعارات عنصرية وأصبحوا يخرجون بالمئات بشكل منظم يداهمون ويحرقون ويدمرون ما يعترض طريقهم في حماية جيش الاحتلال ورعاية المرجعيات السياسية والروحية، كما هو الحال منذ مطلع العام بدءًا ببلدة حواره وبرقه وبورين وجالود وقصره في محافظة نابلس، مرورًا بسنجل وترمسعيا والمغير وأم صفا في محافظة رام الله والبيرة وانتهاء بمسافر يطا في محافظة الخليل”.
وبيّن التقرير، أنّ “الأجهزة الأمنية “الإسرائيلية” ذاتها، بما فيها الشاباك، تخشى وفق مصادر “إسرائيلية”، من تشكيل ميليشيا مسلحة للمستوطنين لتنفيذ جرائم ضد الفلسطينيين على ضوء الدعم الكبير والتغطية التي يتمتعون بها من جانب وزراء في حكومة الاحتلال بعد ان تم تقييد يد الشرطة بتعليمات من وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير بعدم التعرض للمستوطنين، وتشير هذه الأجهزة أن جماعات “شبيبة التلال” و”تدفيع الثمن” وغيرهما من منظمات الارهاب اليهودي، التي تتخذ من البؤر الاستيطانية ملاذات آمنة ، لها تمثيل في الكنيست عبر وزراء وأعضاء كنيست كانوا على رأس هذه الجماعات ، بينهم بن غفير، ووزير المالية بتسليئيل سموتريتش، واللذين سبق أن تم اعتقالهما على خلفية قيادتهم الاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة، كما يحظى المستوطنون أيضًا بدعم من عضو الكنيست “تسفي سوكوت” المحسوب على “شبيبة التلال” وكان أحد قادتها، حيث أعرب مؤخرًا عن امتعاضه من سياسة الحكومة “الإسرائيلية” في الضفة بعدم الرد على العمليات بالطريقة الصحيحة، وبشكل عام فإن حكومة الاحتلال تمنح غطاءً لتشكيل ميليشيا مسلحة للمستوطنين في الضفة، إذ هاجم العشرات من المسلحين قرى أم صفا وترمسعيا وعوريف مؤخرًا، في ظل عجز الحكومة عن إصدار بيان إدانة بعد أن سعى وزير الجيش يوآف جالانت للحصول على دعم الوزراء لبيان مماثل، إلا أنه أخفق في إقناعهم، وفي السياق تراجعت عمليات هدم المباني غير القانونية، وفقًا للقوانين “الإسرائيلية”، التي يبنيها المستوطنون في الضفة الغربية منذ أن مُنح زعيم حزب “الصهيونية الدينية”، وزير المالية والوزير في وزارة الجيش بتسلئيل سموتريتش، سلطة واسعة على القضايا المدنية في الضفة الغربية، ووفقًا لتقارير “إسرائيلية” فإن المعطيات تظهر أنه خلال عام 2022 بأكمله ، بلغ معدل هدم المباني غير القانونية التي أقامها المستوطنون حوالي 25 شهريًا، بينما تم إجراء عمليتي هدم فقط في المتوسط ما بين كانون الثاني وأيار الماضي من العام الجاري، وذلك بعد أن أوكل سموتريتش المسؤولية عن إدارة المستوطنات في وزارة الجيش إلى المتطرف يهودا إلياهو، الذي أسس مع سموتريتش نفسه منظمة “ريغافيم” اليمينية المتطرفة التي تشن حربًا علنية ضد البناء الفلسطيني في مناطق الضفة الغربية، وتشير المعطيات المتوفرة إن هناك تقارير تصل حول مبانٍ بنيت بشكل غير قانوني بهدف أن يتم إخلاءها، إلا أن الإدارة المدنية تميل لعدم الموافقة على ذلك إلا في حالات استثنائية، كأن تكون هناك حاجة أمنية فورية لذلك، أو تعلق الأمر بأرض خاصة، وخلال الأشهر القليلة الماضية كان هناك عدة حالات جاءت فيها قوات الاحتلال لهدم مبانٍ أو منع بناء مبانٍ، ولكن بعد تدخل المستوى السياسي وخاصة سموتريش، تنسحب تلك القوات بدون تنفيذ الأوامر، وكانت الإدارة المدنية على كل حال تركز بشكل أساسي على هدم المباني الفلسطينية، فمن أصل 187 أمرًا لهدم مبانٍ جديدة صدرت من عام 2019 إلى نهاية 2020، 159 منها كانت للفلسطينيين، وفقط 28 للمستوطنين”.
كما جاء في التقرير: “وعلى صعيد آخر اعتبرت الصحفية “الإسرائيلية” عميره هيس أن الهجوم على جنين ومخيمها الأسبوع الماضي هو بمثابة مقدمة للعودة لأربع مستوطنات في محيط جنين والتي تم إلغاء قانون إخلائها مؤخراً، وأن العملية العسكرية تهدف إلى إخضاع الفلسطينيين وإضعافهم وبالتالي بدء تنفيذ مخطط العودة لمستوطنات شمال الضفة وهي “غانيم، كاديم، صانور وحوميش”، حيث تخطط الحكومة اليمينية بعد إلغائها قانون إخلاء المستوطنات إلى العودة للاستيطان هناك، إلا أنه كان من الصعب تحقيق هذا المخطط في ظل وجود قوة عسكرية في جنين وبالتالي كان لزامًا الخروج لهكذا عملية عسكرية، حيث تسعى الحكومة بعد إلغاء ذلك القانون إلى إعادة المستوطنين الى المستوطنات التي أخليت عام 2005″، ونوهت إلى أنه وعلى الرغم من إخلاء المستوطنات الأربع في العام 2005 إلا أن الجيش أعلن عنها كمناطق عسكرية مغلقة ومصنفة كمناطق C يحظر البناء الفلسطيني في فيها وبالتالي فقد بقيت على حالها منذ 18 عامًا”.