انها جنين.. حكاية الصمود والمقاومة ، بقلم : هلا سلامة
إذا كانت إسرائيل تعيش حالة التخبط نتيجة الخلافات الداخلية وانهيار المفاوضات بين الائتلاف والمعارضة بشأن الإصلاح الذي يؤجج شارعها، فإن التطورات الدولية الأخيرة تلقي بظلالها على حركة الكيان المحتل الذي يحاول التقاط أنفاسه لحماية مشروعه الاستعماري الذي مضى عليه ثمانية عقود من الزمن دون أن يحقق له الأمن والاستقرار في المنطقة.
يستخدم الاحتلال طائراته وصواريخه في جنين ليرتقي عدد من شهدائها، والآراء الإسرائيلية متضاربة فيما تكون العواقب على المدى القريب.
جنين التي يعتبرها الاحتلال “عش الدبابير” الذي يجب تدميره، معلوم أنها حاربت عبر التاريخ كل احتلال وطأها وأُحرقت بيوتها وهُجِّر أهلها عدة مرات وصمد مخيمها بوجه أشد حصار إسرائيلي في العام 2002 فأطلق الرئيس الراحل ياسر عرفات عليها “جنين غراد” نسبة إلى حصار مدينة ستالينغراد الروسية التي صمدت في الحرب العالمية الثانية بعد الحصار الألماني، لا بد أن تخرج منتصرة اليوم.
زيارة نتنياهو المرتقبة إلى الصين وقد سبقه الرئيس محمود عباس إليها ولعل هاتين الزيارتين تندرجان في إطار تنامي دور الصين في العالم ومنطقة الشرق الأوسط، ومواقفها التاريخية منذ رحيل ماوتسي تونغ والرئيس ياسر عرفات في دعمها للسياسة الفلسطينية منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964.
يتزامن كل ذلك مع التوسع الاستيطاني فيترنح موقف الإدارة الأميركية بين الدعم المؤكد لإسرائيل وبين التزامها الدولي بحل الدولتين، فتعلن مؤخرا عن توقف تمويلها للبحوث العلمية مع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية في المناطق الجغرافية التي خضعت لإدارة إسرائيل بعد عام 1967 والتي لا تزال خاضعة لمفاوضات الوضع النهائي، وبالتوازي مع ذلك تدعو كل من بريطانيا وكندا وأستراليا إسرائيل إلى التراجع عن القرارات الأخيرة التي اتخذتها بشأن الموافقة على بناء حوالي 5700 وحدة سكنية استيطانية جديدة.
لربما ينعكس التقارب السعودي الإيراني على أرض الواقع وسط التحولات المتسارعة في المنطقة ولعل الموقف السعودي أثّر بشكل كبير في مسار تطبيع دول المنطقة مع الاحتلال وتراجعه، وقد صرح سفير الولايات المتحدة في إسرائيل توم نايدس بأن التطبيع بين إسرائيل والسعودية معقد وصعب للغاية وقد يكون مستحيلا بينما الساحة الخلفية لإسرائيل مشتعلة، في إشارة إلى التصعيد الأخير في الضفة الغربية.
مجزرة أخرى يرتكبها جيش الاحتلال في جنين ومخيمها تضاف إلى سلسلة جرائمه، يستخدم فيها أسلحته الفتاكة لقتل أهلها وتدمير بيوتهم ويمنع الطواقم الطبية والإسعافية من نقل الشهداء والمصابين، مرة أخرى ينتهك الشرعية الدولية والقوانين الإنسانية الدولية ويقوض جهود السلام وهذا ما أعربت عنه مصر يوم أمس بتحذيرها من المخاطر الجسيمة للتصعيد الإسرائيلي المستمر ضد الفلسطينيين، وما يؤدي إليه من تأجيج لحالة الاحتقان وتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني وتقويض المساعي المبذولة من جانب مصر والشركاء الإقليميين والدوليين لخفض التوتر في الأراضي المحتلة.
الموقف الفلسطيني لم يكن إلا بحجم المخاطر المحدقة بفلسطين وقد دعا الرئيس محمود عباس الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية كافة لاجتماع طارئ وإلى وحدة الصف والدفاع عن الأرض والمقدسات وحقوق شعبنا المشروعة وووجه الحكومة لتوفير كل ما يلزم جنين ومخيمها.. فهل تستجيب الأطراف الفاعلة والمؤثرة دوليا بالتدخل لوضع حد للهستيريا الإسرائيلية أم أن جنين ستكون مع الصمود والمقاومة قاصمة ظهر البعير الأقرب الى وقف العدوان وهزيمة الحرب الإسرائيلية.