عدوان مزدوج بقيادة أركان واحدة! بقلم : موفق مطر
لا نظنه عبثيا، ولا ردة فعل من مراهقي السياسة، ولا من تخريفات هواة يسعون لتسجيل مكانة ما بين محترفي اقتناص الأحداث واستغلالها، فما يحدث بات ثابتا أنه تطبيق عملي لمخططات جماعات (لا وطنية) هدفها إثبات الذات، إرهاصا لنشر الفوضى والفلتان، والخوف من المستقبل لدى قطاعات كبيرة من الجماهير الفلسطينية، فما يحدث يدفعنا لرسم ألف علامة استفهام ووضع ألف خط أحمر حول سلوك مسلحي الاستعراضات المقنعين، أو السافرة وجوههم في مواكب تشييع الشهداء، ومستعرضي العدائية المطلقة للمشروع الوطني الفلسطيني، وأجهزة الأمن الوطنية الفلسطينية، والقيادة السياسية للشعب الفلسطيني.
بعد بيانات جماعات الإخوان المسلمين وفرعهم في فلسطين المسمى حماس التي تحمل الاحتلال كامل المسؤولية عن جرائم اقتحام المدن والمخيمات وتدمير بيوت فوق رؤوس شباب مسلحين، يبدأ المشبوهون بتنفيذ الجزء الأهم والأخطر من خطة نخشى أنها مرسومة بعناية ودقة في أسوأ عملية استغلال لدماء شباب فلسطين وقدراتهم، ومعنويات الجماهير الفلسطينية المتعاطفة مع الشهداء دون الانشغال بتفاصيل نراها في غاية الخطورة على المشروع الوطني الفلسطيني وعلى مبدأ المقاومة المشروعة، إذ يذهب مسلحون منهم إلى إطلاق الرصاص بغزارة على مقرات قيادات الأجهزة الأمنية في المدن التي تدور في شوارعها أو في مخيماتها عمليات جرائم جيش منظومة الاحتلال والاستيطان العنصري الفاشي (إسرائيل)، أثناء تشييع الشهداء إلى مثاويهم الأخيرة، فيما يلتزم ضباط وجنود قوات الأمن الوطني والأجهزة الأمنية بمبدأ قدسية الدم الفلسطيني، وبالعقيدة الناظمة والضابطة للمؤسسة الأمنية الفلسطينية، وهي تحريم توجيه فوهات البنادق نحو صدر الفلسطيني حتى لو كان أحمق لا يعي خطورة فعلته ! وتشهد جدران مقرات الأمن الوطني الفلسطيني في نابلس وجنين على أرقام كبيرة جدا من الرصاص، يكفي لو أطلق عشرها على جنود الاحتلال المقتحمين لتغيرت نتائج جرائمهم في عملياتهم الخاصة، وكثيرا ما يتساءل المواطنون: أين كانت هذه البنادق، وهذه الذخيرة ساعة الاشتباكات مع قوة الاحتلال المتوغلة في شوارع البلدات القديمة المتميزة بضيقها !..أما جيشهم المعروف (بالذباب الإلكتروني) فنراه أخطر من ذباب (التسي تسي) السام والقاتل في أفريقيا، مع فارق أن هذا الذباب الطبيعي ينهي حياة الضحية، أما ذباب حماس الإلكتروني، المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر ما يسمى شبكات إخبارية تحمل مسميات مقدسة، فهو يستنزف الوعي والانتماء الوطني للمواطن الفلسطيني، ويبقيه هائما لا يقدر على التمييز بين الخير والشر والحق والباطل، فهذه مواقع تواصل وشبكات إخبارية ليس فيها من الأخبار ولو علامة واحدة تشهد على مهنيتها وانتمائها الوطني، فتسارع إلى احتلال واستيطان ذاكرة المتلقي (الجمهور الفلسطيني) لحرف الأنظار عن جرائم جيش منظومة الاحتلال، عبر بث الفتنة بين أبناء الوطن والمدن، والمخيمات، والفصائل، وإطلاق حملات التشهير الكاذبة لتنال من سمعة ومكانة شخصيات وطنية، فيبدو الأمر لمتابع من بعيد أن جيش وحكومة ومستوطني منظومة الاحتلال أبرياء من الجرائم، ويمكن للباحث عن الحقائق التثبت من الأمر، أذا أدرك وبالملموس أن حملة التخوين والاتهامات للأجهزة الأمنية الفلسطينية، والقيادة السياسية الفلسطينية الشرعية، تبدأ حتى قبل انسحاب (قوات العدو الخاصة) التي نشاهد وصول قوات الدعم لها عبر منصات (ذات الذباب الإلكتروني) وكأنها في استعراض آمن، يحاول شبان عرقلته بقذفهم بالحجارة وسد الطرقات بإطارات محروقة، أما (المسلحون المقنعون) فيكونون مشغولين بارتداء عدة الاستعراض وتعبئة مخازن بنادقهم بالرصاص الحي، لإطلاقه على مقرات الأمن الوطني !!..فيما المستترون بالشعارات الوطنية يحاولون قيادة الجمهور في الاتجاه المعاكس، إذ يعبئون الجماهير ويشحذون انفعالاتها في ذروة عواطفها وتعاطفها مع الشهداء، ويحرفونها عن جهة العدو ويوجهونها نحو الأخ الفلسطيني، نحو العمق الوطني والشعبي والرسمي، ونحو الأجهزة الأمنية مباشرة، لأنهم يعلمون جيدا أن مخطط إسقاط السلطة الوطنية الفلسطينية لا يمكن أن ينجح إلا بضرب ركنها الأساس (الأمن) ولكن يجب ألا يغيب عن بالنا أبداً، أنهم يعلمون جيدا أن قادة وضباط وجنود المؤسسة الأمنية الفلسطينية هم من خيرة مناضلي هذا الشعب الوطنيين، شباب الانتفاضتين: الكبرى والأقصى، وهم من الجيل المهيأ لانتزاع يوم الحرية والاستقلال، وحماة مؤسسات الدولة، فأبطال المؤسسة الأمنية مستهدفون لإضعاف انتمائهم الوطني، والنيل من كرامتهم، وقناعاتهم وعزة نفوسهم، وشهامتهم، وكذلك جرهم إلى مربع سفك الدم الذي سقطوا فيه وبات منهجهم منذ انقلابهم الدموي في غزة سنة 2007.
إذا راقبنا وبحثنا جيدا في ارتفاع وتيرة الحملة على الوطنية الفلسطينية والمشروع الوطني واستهداف الأجهزة الأمنية إثر كل عدوان تشنه منظومة الاحتلال (إسرائيل) على مدننا وقرانا ومخيماتنا، فإننا سنصل إلى نتيجة نتمنى ألا تكون حقيقة وهي أن العدوان الإسرائيلي المسلح على شعبنا، وعدوان المسلحين المأجورين على الأجهزة الأمنية، والحملات الإعلامية من الجهتين، عدوان مزدوج تشرف على تنفيذه قيادة أركان واحدة!