توفير حلول صينية لاستكشاف طرق التحديث بقلم : السفير تسنغ جيشين
إن المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني الذي انعقد في تشرين الأول عام 2022 رسم خطوطا عريضة لتنمية الصين في المستقبل، وطرح بوضوح هدف دفع النهضة العظيمة للأمة الصينية على نحو شامل من خلال التحديث الصيني النمط. وفي يوم 21 نيسان 2023، بعث الرئيس الصيني شي جينبينغ رسالة التهنئة إلى منتدى لانتينغ المنعقد في “القاعات الكبرى” في شانغهاي بعنوان “التحديث الصيني النمط والعالم”، مشيرا إلى أن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع الدول الأخرى على توفير فرص جديدة للتنمية العالمية بالاستفادة من الإنجازات الجديدة التي يحققها التحديث الصيني النمط، وتقديم طاقات جديدة في عمليات تقوم بها البشرية لاستكشاف طرق التحديث ونظم اجتماعية أفضل وإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
وألقى مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني تشين قانغ كلمة رئيسية في الجلسة الافتتاحية لمنتدى لانتينغ، معلنا أن التحديث الصيني النمط ابتكرته الصين، ويمكن للعالم أن يستفيد من الفرصة التي أتى بها.
يضخ التحديث الصيني النمط ديناميكية أقوى للتعافي الاقتصادي العالمي. أصبحت الصين اليوم شريكا تجاريا رئيسيا لأكثر من 140 دولة ومنطقة، وتتدفق الاستثمارات الصينية المباشرة بقيمة 320 مليون دولار أمريكي إلى العالم يوميا، وتقوم أكثر من 3000 شركة أجنبية بالتسجيل في الصين شهريا. على مدى العقد الماضي، تتقدم الصين على مجموعة الدول السبع مجتمعة من حيث نسبة المساهمة في النمو العالمي. مع دخول 1.4 مليار ونيف من سكان الصين بالكامل إلى المجتمع الحديث، سيتجاوز هذا الحجم السكاني إجمالي عدد سكان الدول المتقدمة حاليا، وستقدم الصين قوة دافعة أكبر للاقتصاد العالمي حتما.
يشق التحديث الصيني النمط مسارا أوسع للتنمية المشتركة لكافة الدول. تعد مبادرة “الحزام والطريق” ومبادرة التنمية العالمية منفعة عامة وفرتها الصين للمجتمع الدولي، ومنصة مفتوحة تسهم في تحقيق التنمية المشتركة والرخاء المشترك. منذ طرح مبادرة “الحزام والطريق” قبل 10 سنوات، تم التحديد لتشييد أكثر من 3000 مشروع تعاون، مما حفز الاستثمارات بقيمة قرابة تريليون دولار أميركي، ووفر 420 ألف فرصة عمل للدول المطلة على “الحزام والطريق”. ونالت مبادرة التنمية العالمية دعما من أكثر من 100 دولة والعديد من المنظمات الدولية، وانضمت قرابة 70 دولة إلى “مجموعة الأصدقاء لمبادرة التنمية العالمية”، مما قدم إسهامات مهمة للإسراع في تحقيق أهداف الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة.
يفتح التحديث الصيني النمط آفاقا أفضل لتقدم المجتمع البشري. لا يعني التحديث انحطاطا وانقراضا للحضارات القديمة أبدا، بل يبشر بالنهضة للثقافات التقليدية. في هذا السياق، طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ بشكل مهيب مبادرة الحضارة العالمية، التي تدعو إلى الاهتمام بالتوارث والإبداع الحضاريين، واحترام التنوع الحضاري للعالم، والتمسك بالمساواة والاستفادة المتبادلة والحوار والتسامح بين الحضارات. وأسهم التحديث الصيني النمط في إظهار حيوية جديدة للحضارة الصينية العميقة الجذور والغنية المعارف، وأسهم بمزيد من الحكمة الصينية في السلام والازدهار للعالم والتطور والتقدم للبشرية.
يوفر التحديث الصيني النمط حلا أكثر قابلية للتنفيذ لبناء عالم نظيف وجميل. تتحمل الصين بوعي مسؤولية حماية البيئة الإيكولوجية ومواجهة تغير المناخ على عاتقها، وتتصدر العالم في المجالات التالية: مساحة الغابات الاصطناعية التي تشكل ربع إجمالي مساحتها في العالم، حجم تطوير واستغلال الطاقة المتجددة، حيث تشكل القدرات المركبة للطاقة الريحية والشمسية في الصين ثلث إجمالي القدرات المركبة في العالم، حجم انتاج ومبيعات السيارات العاملة بالطاقة الجديدة، حيث تسير في الصين نصف السيارات العاملة بالطاقة الجديدة في العالم. قد قطعت الصين تعهدا جديا بشأن بلوغ ذروة الكربون وحياد الكربون أمام العالم، وسيستغرق الانتقال من ذروة الكربون إلى حياد الكربون فيها 30 سنة فقط، وهذا أقل مما تحتاج إليه الولايات المتحدة والدول الأوروبية من الفترة الزمنية بما يتراوح بين بضع عشرة سنة و40 سنة ونيف.
يأتي التحديث الصيني النمط بمزيد من العوامل المؤكدة للسلام والاستقرار في العالم. أوضحت مبادرة الأمن العالمي التي طرحها الرئيس الصيني شي جينبينغ الاتجاه الصائب لتحقيق الأمن المشترك والأمن العالمي. كانت الجهود الصينية المبذولة قد ساهمت في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وتقوم مزيد من الدول بالمصافحة والمصالحة فيما بينها.
في وجه تصاعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والأوضاع المتوترة مؤخرا، أدانت الصين بشدة الأقوال والأفعال التي تنتهك قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ودفعت مجلس الأمن الدولي بمراجعة القضية الفلسطينية، وعملت على اتصال وثيق مع المجتمع الدولي في تهدئة الوضع، داعمة لقيام الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي باستئناف مفاوضات السلام في أسرع وقت ممكن على أساس “حل الدولتين”، مستعدة للعب دور نشط في هذا الصدد. أثبتت الحقائق أن توجّه الصين نحو التحديث يمثل تنامي قوى السلام والعدالة.
إن الصين بكونها أكبر دولة نامية في العالم، ظلت تضع العالم ككل في اعتبارها، وتضخ مزيدا من الطاقة الإيجابية للسلام العالمي، وتتيح مزيدا من الفرص الجديدة لتنمية العالم، في الوقت الذي تحقق فيه التنمية الذاتية. تحرص الصين على العمل سويا مع كافة الأطراف بروح الفريق الواحد على المضي قدما بقضية التحديث التي تتسم بالخصائص المختلفة، وخلق مستقبل أجمل للعالم.
- السفير تسنغ جيشين – مدير مكتب جمهورية الصين الشعبية لدى دولة فلسطين