1:09 صباحًا / 23 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

الهراوة الصهيودية والسجع العربي ، بقلم : علي الزعتري

الهراوة الصهيودية والسجع العربي ، بقلم : علي الزعتري

الهراوة الصهيودية والسجع العربي ، بقلم : علي الزعتري


لمْ نَرَ مظاهراتٍ يهودية تُدينَ اقتحامات واعتداءات القوة الصهيونية ضد الأقصى و المُصَلِّين. لم نقرأْ اعتراضاً صحفياً منهم و لا اهتزَّ لهم جنبٌ. هُمْ مِثلُ ذيك. لا فرق. و لهذا هي الصهيودية.

نكادُ نمتلك ذاكرةَ السمكة المشهور عنها أنها لا تتذكر إلاَّ لثوانٍ. طبعاً أقولها ألماً و من واقع أننا نُفْجَعَ مع كل اعتداءٍ صهيودي على المسجد الأقصى.

منذ أن حاولوا إحراقه يوم ٢١ أغسطس ١٩٦٩ الذي اعتدنا استذكاره سنوياً ثم اليوم نسيناه، و في كل يومٍ منذ سنواتٍ، و كأننا نرى المشهدَ للمَرَّةِ الأولى. كل اعتداءٍ فيه هراواتٌ صهيوديةٌ تكسرُ عِظام الفلسطينيين الذين يؤُمونَ الأقصى للرباطِ و الصلاةِ. مُقْرٍفٌ أن ترى صهيوديين من كل نوعٍ ولونٍ يتحكمون بالمسجد غير متوانين أو مترددين لاستخدام أشكال العنف والإذلال. لكننا مع فرضيةِ تَعَوُّدِنا لا نزال نتفاجئُ بكل اعتداء و تنطلقُ من أفواهنا ردَّاتُ الفعل المتشابهة في كل مرة.

لن نسمح بتجاوز الخطوط الحمراء؛ الاعتداءات لها ما بعدها؛ نطالب المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته؛ و ما يشابهها من تعابير يسمعها الصهيودي و يسحقها بحذاءِ أخَسِّ مجرم ممن يحومون حول الأقصى. حتى هذه التعابير تملك ذاكرةَ الأسماك لأنها متكررة وكأنها لم تُقَلْ من قبل. و كأن قائليها لا يتذكرونها من سابقِ الأيام.

نحنُ مؤمنون أن هناك حقيقتين. لن يتوقف الصهيودي عندَ حدود فيما يتعلقُ بالأقصى وسيسعى لهدمهِ مروراً بمراحلِ ترويضهِ ثم تقسيمهِ ثم الاستحواذِ الكامل عليه ثم هدمهِ. والحقيقةُ الثانية هي أن القوة هي الرادع، وسَمِّها مقاومة أو حرب جيوش، فهي الحل. والسؤال هو: هل لدى العرب، و إن شئتَ المسلمين، خطةً غير الاستسلام للأمر الصهيودي الواقع في القدس؟ يبدو أن الإجابةَ هي في السجع المتردد عبر البيانات والدعوات للنجدة الدولية التي يستهلكها السامع و ينساها.

إن قلنا أنه من العار علينا أن لا ننقذَ الأقصى قالوا بالحل السلمي و الدولتين. إن قلنا قاوموا قالوا نحن نريد الازدهار و النماء لمجتمعاتنا و لسنا قادرين على الحروب. إن قلنا ارتدوا عن التطبيع على الأقل قالوا أنتم لا تفهمون السياسة فالتطبيع يعني أننا نستطيعُ أن نؤثر على الصهيودي بعلاقاتنا معه. إن قلنا أَثِّروا يرحمكم الله فالوقت هو الآن للتأثير قالوا أنها حكومةُ يمينٍ متطرف و نحن باتصالاتنا نسعى لحكومةٍ صهيوديةٍ متفهمة. و إن قلنا اتركوا الأمر للشعوب قالوا محالٌ أن تشيعَ الفوضى.


لم يبقَ لنا إلا الاستمتاع بذاكرة الأسماك؛ و الاقتناع بالسجع ردَّاً؛ أو الانفجار. فقدان الذاكرة و السجع نوعٌ من السياسة الهائمة فيما يخص فلسطين. يعني أن تستمر في الهذيان عالماً أنه ما دمتَ هاذياً بنظرِ الصهيودية فأنتَ في مأمنٍ منها. لكن ما يغيظ هو ليس الهذيان و النسيان فقط، فلربما رضينا بهما مغصوبين، لكنه الجري وراء الصهيودية لإرضاءها! لا يمكن أبداً تجاهل دور السلطة الفلسطينية الذي يحارب المعترض والمقاوم الفلسطيني لصالح الصهيودية. و إن كان الفلسطيني يقوم بهذا الدور المخزي من اعتقالاتٍ و وِشاياتٍ و نصائح برمي السلاح فكيف يُلامُ العربي أو المسلم إن رأى في المصلحة الترافق مع الصهيودية؟ هم لن يكونوا أكثر حَمِيَّةً من أصحاب الدار بالتأكيد. السياسة العربية هاذيةٌ ناسيةٌ و متواطئةٌ و متدحرجةٌ بلا هدف سوى البقاء مُترفينَ و فقراء، المهم أن نعيش.

و ليترك العرب الزمن يقرر المستقبل الفلسطيني.


وليس بالمقابل، أي الإنفجار، من خطةٍ له هو الآخر. كل خَطٍّ أحمر يتم تجاوزه و الرد بضع صواريخ صدئةً و عبارةٌ يتشدقُ بها المحللون تتحدث عن تغيير قواعد الاشتباك.

والشعوب إن انفجرت فتلك انفجارتُ أمعاءٍ تخوي من الفقر والعازة و ليست وطنيةً تشعر بها الشعوب. و إن شعرتْ بالوطنية فلا حول لها و لا قوة. الدولةُ أقوى من أي احتجاج على رداءة رغيف أو غضبٍ من صندوق النقد و الديون و من الصهيودية. و كيفَ نتمنى للشعوب أن يكون لها دور وكل حياتها موزعةً بحثاً عن معيشةٍ ترضيها و عمودها الفقري هو الاستهلاك للغثِّ و السمين كُلٌ حسب قدرته.


للأسف نقول أننا صرنا كما وصفنا أشرفُ الخلْقِ “غُثاءٌ”. حتى السمك ذو الذاكرةِ اللحظية صارَ أفضلَ مِنا. متى نصحوا؟

شاهد أيضاً

الصحفي حسن أبو قفة

استشهاد الصحفي حسن أبو قفة في قصف إسرائيلي على النصيرات وسط قطاع غزة

شفا – استشهد، مساء اليوم الجمعة، الصحفي الفلسطيني حسن أبو قفة ونجله عماد بعد غارة …