9:13 مساءً / 22 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

التهدئة لا تعني التسوية … والإنفجار قادم ، بقلم : راسم عبيدات

التهدئة لا تعني التسوية … والإنفجار قادم ، بقلم : راسم عبيدات

تراجع نتنياهو خطوة للوراء وتقدم الإنقسام في دولة الكيان خطوتين الى الأمام ،نحو انقسام عمودي عميق،لن يكون ممكن حله ببيان تصالحي…نتنياهو تحت الضغط الكبير للمظاهرات العارمة التي قدرت بمئات الألآف وشاركت فيها قوى المعارضة السياسية والنقابات العمالية وقطاع رجال الأعمال،وقوى ما يعرف بمقاومة الديكتاتورية،المتشكلة خارج إطار التكتلات الحزبية المعروفة،اضطرته للتراجع مؤقتاً عن تطبيق الإصلاحات القضائية،واضعاف سلطة ما يعرف بمحكمة العدل العليا في دولة الكيان…والقبول بمبادرة رئيس دولة الكيان هيرتسوع للتسوية،والتي قبلتها المعارضة في دولة الكيان،من منطلق حسن النية..

نتنياهو وجد نفسه بين فكي كماشة،أن يوافق على تأجيل ما عرف بالإصلاحات القضائية ،حفاظاً على وحدة الكيان،وعدم الذهاب الى المظهر الأخير من مظاهر الأزمة المتعمقة،أي الحرب الأهلية،وبالتالي تنهار حكومته وتتفكك من الداخل،حيث بن غفير وسموتريتش وياريف ليفين يهددون بالإستقالة،وهذا سيؤدي الى انهيار الحكومة ،والذهاب الى انتخابات تبكيرية سادسة، يبدو بأن نجاح الليكود وشركائه من اليهود الحرديم ” شاس” و”ديغل هتوراة” بالإضافة الى الصهيونية الدينية والقوة اليهودية بقيادة سموتريتش وبن غفير سيكون صعباً وغير مضمون،وهذا يعني بان نتنياهو سيحاكم ويدان ويسجن ويخسر مستقبله السياسي والشخصي،ولذلك عقد الصفقة مع بن غفير، بموافقة بن غفير على تأجيل مؤقت لتطبيق الإصلاحات التشريعية،او ما تسميه المعارضة الإنقلاب الدستوري والقانوني ،تلك الصفقة التي أصر بن غفير ان تكون مكتوبة، بأن يجري تشكيل مليشيات جديدة من الزعران والمتطرفين تحمل اسم ” الحرس الوطني” تحت امرته،وليس تحت مسؤولية الشرطه ،وبهذا يصبح له جيش خاص خارج الجيش الرسمي، يضاف الى مسؤوليته عن قوات حرس الحدود الأكثر دموية وبطشاً بشعبنا الفلسطيني،ناهيك عن مسؤولياته عن توجيه السياسة العامة لجهاز شرطة الكيان،وتحديد المبادىء العامة لعملها.

الإنقسام الحاصل في دولة الكيان ،أكبر من الصراع والخلاف على التغييرات التشريعة،فهذا الصراع عمره ممتد الى اغتيال رابين في تشرين ثاني /1995، هذا الإنقسام أشر الى أن هناك تحولات عميقة تجري داخل دولة الكيان تطال هويتها،وصراع ذات طابع ايدولوجي وثقافي عميق.

الفاشية اليهودية التي نمت من رحم الكهانية المؤسس لها مائير كهانا ،من رحمها أيضاً ولد سموتريتسش وبن غفير وتسفيكا فوغل ويهودا غليك وياريف ليفين والكثيرين من المتطرفين…ومنذ تلك الفترة وهي تصعد كالصاروخ وتنتقل من اطراف المشروع الصهيوني الى قلبه وباتت رقماً صعباً في المعادلات الصهيونية،تخطب ودها الأحزاب السياسية الكبرى، واستمرت في الصعود لكي تصل الى وضع المقرر في السياسة لدولة الكيان،في ظل تفكك وتفتت الأحزاب الإسرائيلية الكبرى،ولكي نشهد انتقال السيطرة من الكنيست الى الكنيس،ومن الدولة للعصابة،ومن الجيش للمليشيا.

الصراع المحتدم على هوية دولة الكيان والخطر على ما يعرف ب” الديمقراطية” لليهود،في ظل صهيونية دينية متزمته وفاشية يهودية،تسعى لتحويل هوية دولة الكيان الى دولة شريعة ” هالاخه”،وما لذلك من تأثيرات عميقة على المجتمع الصهيوني،بما يطال المؤسستين الأمنية والعسكرية بالتفكك،وتراجع الإستثمارات في دولة الكيان وهروب الرأسمال الى الخارج،هي من العوامل المهمة التي دفعت الى توحد رجال الأعمال والمال والنقابات العمالية والقوى والمكونات والمركبات الحزبية المعارضة الى حشد قوتها في الشارع،وشل عدد كبير من القطاعات الإقتصادية الى الموانىء والمطار والمشافي والمدارس والجامعات،ورفض الإلتحاق بالخدمة والتدريب ،والذي لم يطال قوات وجيش الإحتياط،بل وصل الأمر الى القوات النظامية والدائمة،بما فيهم طيارين في سلاح الجو والبحرية وعاملين في الوحدة الخاصة (8200) …الخ،هذا الحشد الذي تزايد بشكل كبير بعد إقدام نتنياهو على إقالة وزير الجيش يؤاف غالانت،حيث أن الإستهداف لغالانت،هو استهداف للمؤسسة العسكرية،وهم يدركون بأن المشروع الذي تحمله الفاشية اليهودية يستدعي التحرر من الضوابط القانونية التي قام عليها الكيان ومنح خلالها الجيش والقضاء صلاحيات تقييدية للطبقة السياسية التي تفرزها الانتخابات، لتصبح الحكومة طليقة اليدين من جهة، ويتحرّر رموزها المثقلة ملفاتهم بالجريمة من عبء الملاحقة.

جماعة ما يعرف بمقاومة الديكتاتورية،بعد إقالة غالانت وزير الجيش ،لم تعد تطالب فقط بتجميد التشريعات القضائية،بل بإسقاط الحكومة،فهي تدرك تماماً بأن التجميد لا يعني الإلغاء،بل هو وقت مستقطع يريده نتنياهو،المعروف بحنكته ومراوغته وكذبه وخدعه وقدرته على المناورة وإدارة الأزمات،وما يتمتع به من شخصية كاريزماتية ،وافق مرغماً لكي يتمكن من تنفيس حالة الغضب والإحتجاجات الواسعة وغير المسبوقة،واختراق صفوف القوى المحتجة،وله باع طويل في ذلك،فهو من فسخ وشق حزب “ازرق ابيض ” وغيره من الأحزاب الأخرى،وضمن هذه الرؤيا الجولة الأولى من المفاوضات التي رعاها رئيس دولة الكيان يتسحاق هيرتسوغ،بحضور ممثلين احزاب الليكود والمعسكر الوطني ،لم تثمر عن أية نتائج ايجابية،ونتنياهو يصر على استكمال التصويت بالقراءتين الثانية والثالثة في الكنيست على تغيير تركيبه هيئة ما يعرف بمحكمة العدل العليا ،وبما يضمن سيطرة السياسيين على أغلبية فيها،وهو يريد التحرر من القيود القضائية على الكنيست والحكومة.

التهدئة لا تعني بأي شكل من الأشكال التسوية ،فالتسوية تعني هل لدى جماعة الفاشية اليهودية والفاسدين ،الإستعداد لبقاء قيود ورقابة القضاء والجيش على الحكومة والكنيست…؟؟وهل القوى المعارضة بمختلف تلاوينها والوان طيفها ،ستقبل بتفكك تلك القيود والضوابط،وتترك هذه الفاشية اليهودية ومعها اليمين المتطرف لكي يمارسوا مشروعهم المغامر…؟؟؟.

الحالة في “إسرائيل” لن تعود إلى سابق عهدها أو إلى صورتها الطبيعية،وتعليق التعديلات القضائية يفتح المشهد أمام قراءة معمقة للسيناريوهات المتوقعة للمشهد الإسرائيلي ومآلاته خلال الفترة المقبلة، بعد حالة الاحتراب السياسي غير المعهودة التي وصل إليها، إذ إنَّ كل المؤشرات تعزز مزيداً من الانشقاقات الداخلية والتمزق والتشرذم الذي لن يتوقف عند قضية تعديلات قضائية أصر نتنياهو على المضي بها لتحصين نفسه أكثر، ثم علقها تحت ضغط الشارع المنتفض في وجهه من جهة، وتحت ظرف الضغوطات الخارجية من جهة أخرى.

في قناعتي الشخصية بأن الإنفجار قادم،فأزمات دولة الكيان عميقة وباتت مستعصية،حتى لو جرى تجميدها مؤقتاً ،فنحن أمام مجتمعين وكيانين،يبدو بأن التعايش بينهم بات صعباً،رئيس الموساد السابق تامير باردو،شبه ما حدث في دولة الكيان بالذات يوم الثلاثاء 27/3/2023 ،بالحرب الأهلية التي اندلعت في لبنان اعوام 1975 -1976 ولكن بدون أسلحة.

فلسطين – القدس المحتلة

شاهد أيضاً

بيت لحم : الجيش الإسرائيلي يهدم خيمة ويصادر جرّارًا زراعيًّا

شفا – هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء الجمعة، خيمة لعائلة فلسطينية، وصادرت جرارًا زراعيُّا في …