ما بعد رفض وساطة هيرتصوغ الثالثة….!! بقلم : راسم عبيدات
الأزمة الطاحنة غير المسبوقة التي تشهدها دولة الكيان،والتي ترى الفاشية اليهودية، بأن الحرب الأهلية ممر اجباري لها،اعتقد أنها ستكون المظهر الأخير من مظاهر هذه الأزمة،وفي ظل فشل وساطة رئيس دولة الكيان الثالثة للوصول الى حل وسط بين مكونات الإئتلاف الحكومي وبين المعارضة،فيما يتعلق بالتعديلات القضائية واضعاف سلطة محكمة ” العدل” العليا وحرمانها من الرقابة القضائية على الحكومة والكنيست،ومصادرة حقها في سن قوانين أساس،والتدخل في تعيين وزراء صادق عليهم رئيس الوزراء وصادقت كذلك عليهم الكنيست بأغلبية 61 .
بعد الرفض المتجدد من قبل نتنياهو لخطة ووساطة هيرتصوغ،والتي لا تلبي لا طموح نتنياهو ولا شركائه ،فنتنياهو هذه التعديلات مهمة له،ولمستقبله السياسي والشخصي،من حيث اسقاط التهم الثلاثة الخطيرة المنظورة ضده أمام القضاء “الإسرائيلي” ،الرشوة وسوء الإئتمان وخيانة الأمانة،وكذلك مقترحات وخطة هيرتصوغ للحلول الوسط فيما يتعلق بالتعديلات القضائية، لا تمكنه من إعادة شريكه في الإئتلاف والفساد ،زعيم حركة “شاس” أريه درعي وزيرا في حكومته،بعد ان اجبرته المستشارة القضائية غالي بهاراف ميارا على إقالته من منصبة كوزير في الحكومة،لتضارب المصالح،ولكونه مدان في قضايا فساد وتهرب ضريبي،ووقع صفقة بالإستقالة من الحكومة مقابل عدم وسمه بالعار .
تبقى هناك عدة خيارات للخروج من هذه الأزمة ذات الطابع الإستعصائي ،الأخذة في التعمق كتعبير عن أزمة بنيوية …واحد من تلك الخيارات، تصدير هذه الأزمة بالمزيد من الإيغال في الدم الفلسطيني ورفع وتائر الإستيطان والضم والعمل على تغيير الوقائع الدينية والتاريخية والقانونية في الأقصى والقيام بعمليات تطهير واسعة ، او المبادرة لشن حرب على لبنان وجماعة السيد من بوابة عملية مجدو أو الشروع الى شن حرب على ايران ومنشأتها النووية،قبل ان تنجح في تثبيت مصالحتها مع السعودية،وتمدد تلك المصالحات الى بقية الدول الخليجية،حيث كانت زيارة الأدميرال الإيراني علي شمخاني اليوم الى الإمارات العربية،والتي وصفها الشيخ طحنون بن زايد مستشار الشيخ محمد بن سلمان بالتحول التاريخي ،وبأنها تفتح الباب لتعاون أكبر مع الجارة القوية ايران في كثير من المجالات ..
وقوع الحرب الأهلية يعني خراب هيكلهم الثالث وزوال دولتهم التي اعتقدوا أنها وجدت لتبقى،ولذلك يبقى البحث عن حلول،من شأنها ان تعطل خيار الحرب الأهلية،،، تمرد فريق من الليكود على نتنياهو، بإعتباره رأس الحربة للتحالف ،والذي إبعاده عن رئاسة الوزراء وإستبداله بعضو أخر من الليكود، قد يضعف هذا التحالف،وبالتالي يجنح نحو قبول مبادرة ووساطة هيرتصوغ،وهذا احتمال يكاد يقارب الصفر،لكون نتنياهو حصن نفسه بالموالين له،واقصى الفريق القوي المعارض له في الليكود ..أو ان يقدم هيرتصوغ على استخدام صلاحياته المعنوية لأول مرة منذ عام 1948،بأن يرفض التصديق على القوانين التي تتعارض مع الطابع اليهودي القومي أو ما يعرف بالديمقراطي التقدمي،المنصوص عليها فيما يعرف بوثيقة ” إستقلال” دولة الكيان،هذا الخيار سيتم تجاهله من قبل اليمين المتطرف والفاشية اليهودية،حينها سيتم اللجوء الى ما يعرف بمحكمة العدل العليا،بعد اضعاف سلطتها،لتجاوز رفض هيرتصوغ التوقيع على تلك القوانين،وهذا السيناريو سيدحرج الأمور نحو الإقتراب من خيار الحرب الأهلية،وقد يكون واحد من تلك الخيارات،كما حصل مع رابين،الذي جرى اغتياله في4/ تشرين ثاني/1995 ممن قبل المتطرف ايغال عمير،من أجل التخلص من اتفاق اعلان المبادىء ( اتفاق أوسلو)،خيار سيء أفضل من ما هو أسوأ،أي اغتيال نتنياهو بإعتباره رأس الأفعى،وبالتالي التخلص منه،يمنع الأمور نحو التدحرج لحرب أهلية في دولة الكيان،وكذلك من الخيارات،ان تقدم الدولة العميقة بمشاركة الأجهزة الأمنية والعسكري على فرض حل وسط ،يخرج دولة الكيان من أزمتها،ويمنع إنزلاقها نحو الحرب الأهلية.
الخيار الأقرب والأنسب لنتنياهو والفاشية اليهودية،هو الذهاب نحو الحرب الإقليمية،لقطع الطريق على الخيارات السياسية الأخرى،وحتى مع هذا الخيار،فهو لا يشكل حلاً لأزمة دولة الكيان البنيوية المستعصية التي دخلت مرحلة الخراب السياسي،ومظاهرات اليوم التي جرت في العديد من المدن ضد نتنياهو وسياسته وخطة اضعاف القضاء وسلطة محكمة “العدل” العليا،لم تقف عن حد الشعارات والبيانات والهتافات واغلاق الطرق والشوارع،والمشادات الكلامية والعنف اللفظي،بل وصلت الى الصدام الجسدي،مما حدا بجيش وشرطة الكيان الى رش غاز الفلفل والقنابل الغازية لتفريق المتظاهرين ومنع الإحتكاك بينهم.
الأمور في دولة الكيان تتدحرج بشكل كبير،والمتظاهرين والمحتجين يزدادون كماً ونوعاً،والمؤسستين الأمنية والعسكرية دخلتا على خط الأزمة،وبوادر الرفض والتمرد وعدم الخدمة او الإلتحاق بالتدريب من قبل جنود وضباط وقادة متقاعدين امنيين وعسكريين ،وحتى طياريين يرفضون الإلتحاق بالتدريب ،اذا ما جرى اقرار التعديلات القضائية،وكذلك تلك التعديلات القضائية،ستترك اثارها على الإقتصاد والإستثمار والتصنيف الإئتماني لدولة الكيان،في ظل هجرة رؤوس الأموال،ونقل المستمرين لإستثماراتهم خارج دولة الكيان،والمؤسسات الصناعية الكبرى وشركات الهايتك والتكنولوجيا،بدأت بسحب اموالها واستثماراتها من وفي دولة الكيان،ومواطني دولة الكيان،يزداد طلبهم على جوازات السفر الأجنبية،فهم باتوا يشعرون بعدم الأمن والأمان في هذه الدولة.
لا إمكانية لحل وسط في قضية التعديلات القضائية وإضعاف سلطة ما يعرف بمحكمة ” العدل” العليا،فهي لا تلبي مطالب نتنياهو وشركائه في الإئتلاف،وطريق الحرب الأهلية مكلفة جداً ونتائجها وخيمة على دولة الكيان،والتي قد تنهي وجودها،ولذلك يبقى خيار تصدير الأزمة للخارج،عبر افتعال حرب مع ال م ق اوم ة الفلسطينية او اللبنانية او شن حرب على منشأت ايران النووية،خيار مكلف وصعب،ورغم أن خيار سيء ونتائجه قد تطال وجود دولة الكيان،ولكن العمل السيء أفضل من انتظار ما هو أسوأ.
فلسطين – القدس المحتلة