انهيار إسرائيل! بقلم : د. صبري صيدم
تكثر التصريحات هذه الأيام حول عنوان هذا المقال، بصورة تعدت الحسابات الفلكية والاستدلالية والتنجيمية، وحتى العاطفية، إلى أن وصلت إلى تصريحات على لسان رئيس دولة الاحتلال، وقائمة من عساكر تل أبيب وساستها، تصريحات نراها تتزايد كل يوم.
ولعل تصاعد وتيرة الاحتجاجات على التعديلات القضائية التي يريد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إدخالها، قد شكل الفتيل الذي أشعل نيران تلك التصريحات، التي واكبت تفاقم الاحتجاجات، وصولا إلى ملاحقة عائلة نتنياهو شخصياً، كما جرى في واقعة «التصفيف» التي حاصر فيها آلاف المحتجين صالون تصفيف الشعر الذي ترتاده زوجة نتنياهو في القدس المحتلة.
ومع تزايد جذوة تلك الاحتجاجات، فقد دخل جيش الاحتلال على الخط، لنسمع في كل يوم عن ضباط ممن ينتمون لتشكيلات عسكرية مختلفة يرفضون الخدمة والتدريب الدوري، وأولئك الذين يرفضون قيادة طائرة نتنياهو، لتتبعها أنباء عن حالة احتقان في أوساط الأمن وخلافات مستفحلة بين الحكومة من جهة، والجيش والشرطة من جانب آخر.
وفي خضم تواتر الأنباء حول تلك المحطات، استمر الحديث عن تفكك الدولة وخطر الانهيار الذي ينتظرها، وعن احتمالية نشوب حرب أهلية. ولعل ما تخفيه تلك التوقعات إنما يكمن في ازدياد الشقاق بين اليهود الشرقيين المعروفين بالسفارديم واليهود الغربيين والمعروفين بالأشكناز، ما يعكس قلق البعض في دولة الاحتلال مما سموه بالخطر الوجودي. أياً كانت أشكال الخلاف ومضامينه وحيثياته، فإن المهم أن نستمر كفلسطينيين في ثباتنا ونضالنا، وأن نبقي في وجداننا قضيتين رئيسيتين وهما:
1 ـ إن الاحتجاجات لم تأت على أرضية خلاف سياسي بين معسكر يجنح نحو السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ومعسكر يعارض، وإنما جاءت بفعل خلافات إسرائيلية – إسرائيلية، ظاهرها إداري إجرائي، لكن واقعها عقائدي عرقي سياسي يتخلله صراع دفين على السلطة. وهنا لا بد من التذكير بأن رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق يائير لابيد، الذي وجه الدعوة للأهل في الداخل أن ينضموا للاحتجاجات ضد نتنياهو وعصابته، لم يفعل ذلك حرصاً على الحقوق المسلوبة للأهل في الداخل، أو رغبة منه في تحقيق السلام مع الفلسطينيين، أو تكفيراً عن إطلاقه لحملته العسكرية المعروفة بـ»كاسر الأمواج» التي حصدت خلال وجوده في الحكم مئات الأرواح الفلسطينية، خلال اقتحامات يومية، بل فعل ذلك لأنه يريد تعظيم الاحتجاجات ضد نتنياهو وحكومته الغارقة في العنصرية والكراهية ونزعات التطهير العرقي، وصولاً إلى الإطاحة به.
2 ـ إن شعبنا الفلسطيني يجب أن يحذر من وعود براقة وتوقعات إعلامية بقرب انهيار دولة الاحتلال، خاصة أننا عشنا في الماضي نشوات انتصارات وهمية، وحبلت أجواؤنا بوعود واهية بإنهاء الاحتلال، وحرق نصف إسرائيل، ودحر «العلوج» الصهاينة، وتحرير الأقصى، من دون أن ترى تلك الوعود النور، لتبقى الوعود في إطار الشطط الإعلامي ليس إلا، وتبقى شعارات الإعلامي أحمد سعيد بمثابة الدليل على «إطفاح» الأمة العربية بالتبهير والتهويل والتضخيم المعنوي دونما نتائج، أحمد سعيد الذي اشتهر بمقولة «جوع يا سمك» خلال نكسة حزيران/يونيو، تدليلاً على أن العرب سيهزمون دولة الاحتلال وسيلقون بجيشها في البحر ليأكله السمك الجائع.
لذلك يجب أن نبقي على جذوة صمودنا وثباتنا وأن لا نقع ضحية أوهام ووعود وأكاذيب تحط من مقارعتنا للمحتل، بل أن نبقي على مواجهتنا له، خاصة أنه من الواضح أن استرداد الشعب الفلسطيني لحقوقه لن يكون إلا بعزم فلسطيني وإرادة فلسطينية ميدانية ودعم شعبي عربي واسع، وإسناد من العالم الدولي الحر، ومن بقي في دمهم نخوة وأصالة من المستوى الرسمي العربي، على أن يرفد هذا الجهد سعي متواصل لتحقيق وحدتنا الوطنية، قولا وفعلاً… ننتظر ونرى!