11:27 مساءً / 22 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

عدوان همجي متواصل ومقاومة منومة ، بقلم : سعيد مضيه

عدوان همجي متواصل ومقاومة منومة ، بقلم : سعيد مضيه

عربدات المستوطنين

تتهم المعارضة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بحق بأنه صعد على سلم الديمقراطية كي يستبدلها بالديكتاتورية، على غرار هتلر قبل تسعين عاما؛ ديكتاتورية نتنياهو لاتستهدف خصومه السياسيين ممن يطلق عليهم القلق الزائف ليبراليين، طبقا لمعيار الديمقراطية الموهومة؛ نتنياهو يسعى لفرض بيئة سياسية يحسم خلالها العدوان الهمجي المتواصل على الشعب الفلسطيني وفرض الحل الصهيوني كحل نهائي للقضية الفلسطينية. . الحل الذي يتوعد به نتنياهو مهد له خصومه ” الليبراليون” عبر العقود المتتالية ، تماما مثلما مهدت ليبرالية إيطاليا لفاشية موسوليني، وفتحت ليبرالية ألمانيا الدرب كي تمر نازية هتلر . تسلسل منطقي للأحداث السياسية يثبت ان الليبرالية والفاشية تنبتان من جذر واحد، هو الولاء لسيطرة الرأسمال .
وإذا فشل نتنياهو فالصهيونية ماهرة في استثمار الفشل نجاحات؛ تعزف على نشيد الديمقراطية والديمقراطيين، دافعوا بشراسة وأنقذوا الديمقراطية من مخالب “الوحش”. الخاسر في نظر الصهيونية حصان مستهلك ، تلزمه رصاصة الرحمة!


توازن للقوى مختل لصالح العدوان


ما يدور على ارض فلسطيني منذ أكثر من قرن لا يجوز اعتباره صراعا؛ إذ الصراع يدور بين حقين متكافئين وجهدين متعاقبين. ما يدور على الأرض الفلسطينية عدوان غاشم اتخذ صفة استيطان كولنيالي اقتلاعي مسلح بأدوات القتل الجماعي والتخريب الواسع. طرفا الصدام غير متكافئين: من جانب الصهيونية حركة برجوزايين كبار. البرجوازيون رجال اعمال ، يديرون العمليات الاقتصادية والسياسية الضخمة بكفاءة ، ودليل ذلك انهم صامدون في سوق المنافسة التجارية والسيطرة السياسية. أناس يعقدون صفقات تجارية كبيرة والِفوا الخوض حتى في المسائل السياسية بطريقة عملية صارمة،”إنهم يقبضون على الثور من قرنيه” ، حسب التعبير اللينيني . هم يطلبون من ممثليهم السياسيين ان يكونوا على شاكلتهم عمليين يديرون العمليات السياسية بنجاح.
الحركة الصهيونية اقتحمت فلسطين متمرسة في السياسة ومستلزماتها من بحث علمي في الطبيعة والمجتمع، مصدر قوة وسمعة أممية، تدرك وسائله واساليبه وسبل النجاح، تمارس النقد الذاتي والمراجعة النقدية وتفكر استراتيجيا، يتقن عناصرها جدل الاستراتيجية والتكتيك. بتفكير استراتيجي وبمنهجية علمية خططت لجميع مواجهاتها مع الشعب الفلسطيني، وكان حليفها النجاح!


يضاف لما تقدم – وهو ما يتوجب تذكره على الدوام – الانخراط في المعسكر الامبريالي بشراكة عضوية . نتناول فقط ثلاث محطات مفصلية في تاريخ العدوان الصهيوني- الامبريالي: كلفت عصبة الأمم في حينه بريطانيا للانتداب على فلسطين بإجماع دول الامبريالية ؛ والمحطة الثانية إجماع دول الامبريالية على تقسيم فلسطين وإنشاء دولة إسرائيل؛ اما المحطة الثالثة ففي العام 1992 وضع بول وولفوويتزر وديك تشيني من زعامات المحافظين الجدد برنامج “القرن الأميركي” وهو مخططات للسيطرة الامبريالية على العالم. وفي العام 1996 عهد المحافظون الجدد الى لجنة مصغرة وضع خطة برسم التنفيذ للشرق الأوسط، تنسجم مع المخطط، وسلموها الى نتنياهو، بعد ثبوت دوره في التحريض على اغتيال رابين. بناء على الخطة ضمن نتنياهو برنامجه الانتخابي حينئذ بند عدم الانسحاب من الضفة. ومنذ ذلك الحين نشطت موجات الاستيطان المنظم للتوصل الى محاصرة التجمعات الفلسطينية مع تخريب الاقتصاد ودفع الفلسطينينن للعمل في المشاريع الصهيونية تحت وهم ” السلام الاقتصادي”. هذه المحطة تكشف حقيقة ارتباط نتنياهو بالسياسيات الامبريالية.


أما شعب فلسطين فقد دخل ميدان المواجهة، طالع من تخلف العصور ، تصدى للعدوان الصهيوني أعزل من خبرات السياسة الدولية وتشابكات المصالح في مرحلة الامبريالية الزاحفة . قاوم الصهيونية دون حليفها الأكبر واحيانا مستجيرا به؛ دخل أغلب المواجهات دون ان يحدد حجم الجبهة المضادة ومدى قوتها وغايتها . وفي اغلب المواجهات استدرج بعفوية مدفوعا بانفعالية، وبوغت بتحديات اعظم مما توقع. لم تكف القيادات الفلسطينية، منذ عشرينات القرن الماضي، عن المراهنة على دور إيجابي مساند لها من جانب قوى الامبريالية ، وبالذات الامبريالية الأميركية. القيادات الفلسطينية عناصر برجوازية صغيرة؛ الوضع الاقتصادي لجماهير البرجوازية الصغيرة هو الذي يجعلها ساذجة لدرجة مذهلة، عاجزة عن الإحاطة الشاملة لقضايا المواجهة ونفسها قصير لا يساعدها على الدأب الجلودـ تجهل التنظيم وثقتها بالشعب هزيلة؛ هيمنت البرجوازية الصغيرة ثقافيا وسيطرت سياسيا على المجتمعات العربية بعد الحرب العالمية الثانية، وأشاعت الفساد في أجهزة الإدارة واختطت نهج الإدارة الأوامرية.
القيادات الفلسطينية بمنبتها أبوية ثقافتها مستعارة وتتميز بالنفاق في الدين والسياسة ، تجهل البحث والتفكير الحداثي العلمي، تتصرف بتلقائية وارتجال وأحيانا كثيرة بردود أفعال نزقة استجابة لاستفزازات مدبرة ، فلم تدخل العلم في تفكيرها. وأسوا خصالها انها ترفض المشاركة وتنفرد بالقرارات، الاتجاه الوحيد المعتمد للحوار الاجتماعي.


عنصرية التفوق العرقي


حكومات إسرائيل كافة كيفت جمهورها أداة اجتماعية لإنجاز مشروعها ؛ شحنت المستوطنين بالعنصرية وبأوهام التفوق العرقي وكراهية شعب فلسطين . ليس للفلسطينيين ، قيادة وشعبا و رواية وحجة، اعتبار يذكر في وعي الصهاينة ، ولم يتعاملوا معهم كبشرإلا حين يحملونهم مسئولية نكباتهم. لم يفكر الصهاينة التعايش مع شعب فلسطين ، ولم يقروا بحق لهم في وطنهم. حتى ان شارون لم يستشر طرفا فلسطينيا حين أعاد تموضع قوات الاحتلال على أطراف القطاع!
مهد المستشرقون الغربيون ، رسل الامبريالية ، لنظرة التمييز العرقي بالتركيز على واقع التخلف الاجتماعي للشعوب العربية ، واعتبروه نزعة مزمنة تنم عن طبيعة لا تقبل التصالح مع حضارة الغرب. روجت البروباغندا الامبريالية صورة للعرب تحض على استعبادهم واغتصاب ثرواتهم وإخضاعم للتبعية السياسية والاقتصادية والثقافية . وتناسلت عبارة ” العرب أشباه المتوحشين” في ثقافة الصهيونية وسياساتها. كانت الصهيونية بأمس الحاجة لمثل هذه النظرة لتبرير مشروعها الإقصائي للسكان الأصليين بفلسطين واقتلاعهم من وطنهم. وظفت عملية التعليم والتربية في البيت والكنيس والمدرسة ، ووظفت سياسات القتل والتشريد ، كما وظفت نهج الاستيطان لترسيخ ثقافة الكراهية والتفوق العرقي بين المستوطنين، حتى تماهي المستوطنون مع النظرة العنصرية للصهيونية، وباتت الانتخابات البرلمانية ترسل فاشيين الى الكنيست، مشحونين بالأحقاد العنصرية البهيمية. من خلال نهج الاستيطان وفرض نظام الأبارتهايد عمقت الحكومات في مجتمع اليهود داخل إسرائيل نزعة عدائية للفلسطينيين، لدرجة ان من يود دخول المعترك السياسي يقدم اوراق اعتماده حجم ضحاياه من الفلسطينيين كي ينال ثقة الناخبين. وهذا مؤشر عظيم الدلالة؛ ألم يتباهى الجنرال بني غانتس، حين انتقل الى ميدان السياسة بأنه جزار غزة؟ وحين تقدم بينيت لميدان السياسية تباهى بأن ” قتل ما يكفي من الفلسطينين”! وبنفس المؤهلات –مجزرة قانا- سعى شمعون بيرس عام 1996 للفوز بمنصب رئيس الحكومة. وهي مجرد امثلة ، فالسجل حافل، يتستر عليه أحيانا استغراب التهديد الصادر من الفاشي سموتريتش بمحو قرية حوارة الفلسطينية !

في ضوء هذا التاريخ المدجج بجرائم الحرب المعفاة من المحاسبة تتبين استنكارات جريمة المستوطنين في قرى جنوب نابلس من قبل حكام إسرائيل وأنصارهم خلف المحيط لا تعدو نفاقا سياسيا. ومنذ أن اطلقت حكومة إسرائيل العنان للمستوطنين يعيثون دمارا وقتلا في القرى لم يتحرك ضمير من أوساط هذا الائتلاف؛ لم يرتفع الصوت إلا ضد “إرهاب ” فلسطيني. لم يدخل المستوطنون بعد قوائم الإرهابيين التي تحتفظ بها حكومات الغرب الامبريالية. ممارسات إسرائيل ضد شعب فلسطين تحظى بالتسامح من جانب عدالة الامبريالية العالمية!! فالمستوطنون جزء عضوي من جهاز الصهيونية للتنكيل بالفلسطينيين. لم تردع الاستنكارات الصهاينة طالما التدخل الأميركي يبرز كلما حوصرت إسرائيل إعلاميا أو سياسيا . لن تسهم الاستنكارات المتكرره لاحقا لجرائم المستوطنين في بقاع فلسطين في وضع حد لتلك الجرائم، ولن توقف اعتداءات المستوطنين التي تجري تحت بصر الحكومة وإشرافها منذ سنوات. حتى أن صمت مدعي عام المحكمة الجنائية، وهو مدين لمنصبه لتحالف الامبريالية والصهيونية، ان صمته حيال جرائم المستوطنين وجرائم الحرب كافة بفلسطين، مؤشر على ان إخضاع شعب فلسطين للعنف أيا كان مصدره هو قضية موضع اتفاق ائتلاف الامبراطورية الامبريالية.
الوزراء المتنفذون في حكومة نتنياهو أيدوا علانية ما جرى في حوارة ونواحيها؛ فهم مستوطنون بالضفة، منتهكين بذلك للقانون الدولي؛ وهم قادة حركة الاستيطان ، والجيش دأب من سنين على الوقوف متفرجا على عنف المستوطنين بالضفة، واحيانا يدعمهم ويطلق النار على المقاومة الفلسطينية المتصدية لجرائمهم. ولذا فالتأسف لتخلف الجيش عن ردع المستوطنين لايعدو ان يكون نفاقا من مقومات الصهيونية، شأن التأسي على الديمقراطية الإسرائيلية.
السلطة وقيادتها أصمت الآذان والحواس عن نبض الجمهور واندفعت الى المشاركة ؛ فلم تجن غير المزيد من الابتذال والتردي. انتقد حسين الشيخ سكرتير منظمة التحرير الفلسطينية الإسرائيليين ، أخلو بتعهدهم إرجاع الملايين المسروقة من مالية الشعب الفلسطين، ولعلها لم تكن المرة الأولى يخدع ” المفاوض ” الفلسطيني!


صهيونية لا تهادن


يصح حيال هذه الوقائع استصواب ما خلص اليه عدد من المثقفين في الغرب وفي إسرائيل من أن إسرائيل الصهيونية غير مؤهلة وغير راغبة في الدخول في تسوية سياسية مع شعب فلسطين؛ فهي منذ بداية نشاطها في أواخر القرن التاسع عشر وضعت الانفراد ب” أرض الميعاد” مهمة استراتيجية. لم يصدر عن مصدر صهيوني ما يتعارض مع الهدف الاستراتيجي . فبعد مكابدات قاسية داخل إسرائيل قرر البروفيسور نيفيه غوردون ، أستاذ العلوم السياسية في إسرائيل سابقا الى النزوح عن إسرائيل، مفسرا قراره بأن ” كل ما أدركته ان الحل لن يتوفر بوجود الصهيونية”. ومن قبل غوردون ترك إسرائيل البروفيسور إيلان بابه إثر التضييق الشديد عليه. وقبلهما صرح أينشتين مصدوما يائسا ، ” ان كل ما عملت من اجله استحال نتيجة سخيفة”، ورفض بناء عليه إشغال منصب رئيس دولة إسرائيل بعد حاييم وايزمان.
يجدر استحضار تعليق الأكاديمي الأميركي ، البروفيسور دافيدسون على استنتاج غوردون “العطب يكمن في نظرية الصهيونية التي أقامت دولة إسرائيل، إذ ترتبط أصولها ببزوغ الامبريالية في القرن التاسع عشر، وبالنزعة القومية المتزامنة، خاصة في أوروبا الشرقية وروسيا القيصرية. فقد ارتبطت الدول والحركات القومية البازغة في القرن التاسع عشر بالتعصب العرقي الملازم للامبريالية، حيث الشعوب خارج أوروبا تعتبر اعراقا دونية”. حقا إسرائيل ربطت مصيرها بالنفوذ الامبريالي بالمنطقة. كان هذا وصية هيرتزل وقرار المؤتمر الصهيوني الأول 1897.


جرائم جيش الاحتلال والمستوطنين العدوانية المتتالية في أرجاء الضفة الغربية وبدون رد تخلق ما هو أكثر من التخريب والهدم والقتل ؛ إنها تعمق باضطراد الكراهية والاستعلاء العرقيين لدى اليهود، وتغلف عقول الملايين بالهيستيريا القتالية. وظف هتلر حركات الجموع ضد اليهود لتجريدها من حسها الإنساني. نجحت النازية في تصوير عدوها الموهوم – اليهود – حينئذ بأنهم فئران، ومصدر الشر الواجب استئصاله من الوجود. لكن هذه النظرة المتأصلة بالفكر النازي لم تمنع الصهاينة من التعاون مع النازية على مراحل ثلاث خلال ثلاثينات القرن الماضي. الفاشية تمتهن اللاسامية وتدعم في الوقت نفسه مشروع إسرائيل الاستيطاني الاقتلاعي. في خضم أفعال العداء تدربت حثالات من السفاكين ممن يقترفون الجرائم مثل آلات صماء دون وعي لحقيقة ما يفعلون. وأفضل نماذج التربية ما يتم خلال الممارسة العملية ، ويكون مردوده عاليا حين يسلط ضد خصم طبيعي او معنوي.


اسفرت الصدامات غيرالمتكافئة على أرض فلسطين عن هزائم متكررة ، متلاحقة للشعب الفلسطيني، مصحوبة بخسارات متلاحقة لأرض الوطن. وبالتوازي مع التغول الصهيوني الاستعماري، تسارع منحنى تراجع القيادة الفلسطينية مع النظام العربي الرسمي، منذ خروج مصر من معادلة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، حيث تبذلت القضية الفلسطينية الى حلول امنية واقتصادية وتفكيك فلسطين الى مناطق الف وباء وجيم ، انفردت إسرائيل بالجزالأخير ومساحته ثلثا الضفة. توالت اتفاقيات كامب ديفيد 1979، ثم أوسلو 1993 ووادي عربة 1994، وصولا إلى اتفاقيات ما سُمي بالمعاهدات الإبراهيمية 2020، التي تجاوزت مسألة التطبيع إلى الدخول في منظومة سياسية واقتصادية وأمنية مع إسرائيل، بما يمكّنها من الهيمنة في الشرق الأوسط، برعاية أمريكية. وأخيرا شهدنا مؤتمر العقبة ابتذل الموضوع الفلسطيني بمتطلب أمني واقتصادي ومنح إسرائيل، لأول مرة في تاريخ النزاع ، حق الاستيطان بعد توقف بضعة أشهر. تفاقمت ازمة النضال الفلسطيني مع تردّي أحوال الحركة الوطنية المتمثلة في منظمة التحرير وتشرذمها في سلطة وإدارة وفصائل والأحزاب متنافرة، متكلسة يتآكل نفوذها وشرعيتها. افتُقِدت الاستراتيجية الوطنية ، وغُيِب البرنامج الكفاحي مع غياب القيادة الثورية. فاعلة وملتزمة وشرعية. ثم حصل الانقسام الجغرافي والأيديولوجي 2007 الذي استنزف قوى الشعب الفلسطيني وقوّض أسس الإجماع الوطني التاريخي.


وصل التردي المتدهور حد إقدام الأمن الفلسطيني على منع عقد مؤتمر صحفي لإشهار بيان لمجموعة من المواطنين الفلسطينيين ضد اتفاق العقبة، تجاهلت السلطة تحذيرات جميع الفصائل الوطنية ؛ وكما تقول نخبة من الموقعين”حاولنا ان ننشره بطريقة انسانية مهذبة عن طريق مؤتمر صحفي في رام الله داهمتنا قوات الشرطة والاستخبارات ’ الفلسطينية‘ واغلقت مقر مركز المؤتمر الشعبي ، ولاحقتنا الى ستوديو تلفزيون وطن وداهموه النشامى ومنعوا المؤتمر الصحفي. لذلك نعيد تأكيد اننا ننشره من اجل ان نعلن موقفنا المبدأي ضد التقاربات العبثية بين السلطة والاحتلال ونؤكد ان هذا الاتفاق لا يلزم الشعب بأي شيئ ويلزم الموقعين عليه، ونحن لن نتوقف عن اعلان موقفنا بكل امانة ضد التصرفات العبثية للسلطة…”. السلطة وقيادتها أصمت الآذان والحواس عن نبض الجمهور واندفعت الى المشاركة ؛ فلم تجن غير المزيد من الابتذال والتردي. انتقد حسين الشيخ سكرتير منظمة التحرير الفلسطينية الإسرائيليين مفاوضيه الإسرائيليين، أخلو بتعهدهم إرجاع الملايين المسروقة من مالية الشعب الفلسطين، ولعلها لم تكن المرة الأولى يخدع ” المفاوض ” الفلسطيني!


تعديل التوازن


الاكتفاء بمناشدة القابطين على اعنة الحكم، تقع على آذان صماء . سطوة الأبوية تحكم بالعزلة على الجماهير وتحكم على الأغلبية الساحقة ان تظل مشتبكة مع تخلف القرون وما يتميز به التخلف من تبخيس للجماهير، ليس في نظر قاهريها فقط ، بل في نظر البعض للبعض. حقا فالبيانات على الورق او على الأثير لا تجدي ان لم تتحول الى صيحات الجماهير الهادرة. والفكرة الثورية حين تعتنقها الجماهير تصبح قوة إرادة وفعلا ثوريا .
تجربة الفكر الثوري توضح بجلاء ضرورة توجه الثوريين الى الجماهير الشعبية، يستحثونها على الاستيقاظ والتحرك ، ولا يكتفون بالحوار مع المسئولين او الشرائح المرفهة في المجتمع؛ “يكتسبون القدرة على التصدي بنجاح للمهام السياسية بالمعنى الحقيقي والعملي لأقصى حد للكلمة عندما تحظى دعايتهم الملتهبة ، وبقدر ما تحظى ، بالاستجابة من جانب الجماهير التي تستيقظ تلقائيا، وعندما يكون الرد على نشاطهم المتقد هو التجاوب والمساندة من جانب الشرائح الثورية ونشاطها” . تلك واحدة من بنود العلم الثوري كما اكتشفها الثوري العظيم ، لينين. حينئذ يغدو “النضال وحده هو الذي يطور سيكولوجيا الجماهير المستغَلة، والنضال وحده هو الذي يكشف لها عن حجم قوتها الذاتية ويوسع من افقها ويضاعف من قدراتها ، ويهبها وضوح الرؤية ، ويشحذ إرادتها”.
“من المستحيل تحقيق اي تغيير الى الأفضل بجماهير غير واعية سياسيا. وهاجعة ومترددة … وما لم تكن للجماهير بواعثها الخاصة ، وما لم تكن واعية سياسيا ، وعلى درجة كبيرة من اليقظة ، وما لم تكن إيجابية مستقلة، عاقدة العزم ، فلا يمكن على الإطلاق إنجاز اي شيء في اي من المجالين”. على من يود ان يكون ثوريا بحق ان يتبع هذا النهج.
المهمة ملقاة على عاتق قوة او قوى تغيير اجتماعي تدمج التحرر الوطني بنسخة من تحرر اجتماعي. التحرر الاجتماعي شرط لابد منه لتحقيق التحرر الوطني وإشاعة الديمقراطية والتطور الوطني المستقل.

وهذه ضرورة يبدو ان اليسار الفلسطيني الراهن لم يتفهمها بعد.

شاهد أيضاً

الصين تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت

الصين تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت

شفا – أعربت الصين عن دعمها لمذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس …