حوار مع شاعرة، عزيزة يحضيه عمر ، من الصحراء المغربية الكاتب والباحث احمد محمود القاسم
ضمن مجموعة الحوارات، واللقاءات الثقافية والتعريفية، التي اقوم بها منذ فترة طويلة، وبشكل متواصل، مع مجموعة من السيدات العربيات، في دول المنطقة العربية، من المحيط الى الخليج، اتناول في هذه اللقاءات، بشكل عام، دور المرأة العربية في المجتمعات، التي تعيش فيها، ومدى تقدمها، ونيلها لحقوقها، إضافة، الى معرفة الدور، والنشاطات الشخصية التي تقوم بها، المتحاوَرُ معها، على الصعيد الشخصي والاجتماعي، كان لقائي هذه المرة، في هذا الحوار، مع شخصية سياسية، وشاعرة، ومناضلة وطنية، هي السيدة الصحراوية عزيزة يحضية عمر، من مدينة طانطان الواقعة في الصحراء الغربية وهي الصحراء المغربية، تمتاز السيدة عزيزة بثقافتها الواسعة والعميقة، وكذلك تمتلك الشجاعة والصراحة والجرأة في التعبير عن افكارها وقيمها ومبادئها، وتتمتع بفهم سياسي كبير، وواسع أَيضا، وكما تقول مارست السياسة قلما وانتماءاً، وهي ناشطة ثقافية بين بنات جنسهاـ وهي ايضا شاعرة كبيرة ومتألقة، لديها عدة دواوين شعرية، ديوان صحراء حناء زعفران، وديوان بوح طانطان، وديوان هديتي لك سيدي، وهو تحت الطبع، وكتاب تحت عنوان علاقتي بجلالة الملك، ولديها رواية على وشك الانتهاء منها، تحت عنوان :السعودية رحلة الشتاء والصيف. بداية حديثي معها كان اول أسئلتي لها هو: @
من هي عزيزة يحضيه عمر ؟؟؟
عزيزة احضيه عمر من مواليد مدينة طانطان، وهي مدينة في قلب الصحراء الغربية، تتربع على عرش جمال الدلالات، والاحتمالات والتاريخ الانساني، بكل محطاتها، وانتهاءاً بموسمها العالمي للموروث الثقافي للبدو والرحل، احمل في عُمقي ثقافة وتعامل جمال المعنى، الذي رضعته من ثدي قيم وثوابت اهلها، آخر ما شغلته هو رئيسة قسم الاعلام والثقافة، في ادارة الشؤون الترابية، لاقليم طانطان ، كانت لدي فكرة تأسيس رابطة كاتبات المغرب، لاكثر من اربعة سنوات، وأصبحت الآن حقيقة، بفضل مجموعة من الكاتبات اللواتي انخرطن في المشروع، وأثرينه بأفكارهن، وهو مشروع ثقافي رائد، درست الصحافة وامتهنتها.
@ هل الأخت عزيزة شاعرة ام اديبة شاملة؟؟؟
طبعا، كوني بنت الصحراء، يحضر الشعر اولا وأخيراً، لي محاولة في كتابة الرواية تحت عنوان: (السعودية رحلة الشتاء والصيف)، ستصدر عن دار 25 يناير في مصر، بالنسبة للشعر كان ديوان صحراء..حناء.. زعفران الذي صدر سنة 1993م، اذ يعتبر اول اصدار ورقي لأمرأة من منطقتي، وتلك حقيقة، اعتز بها، كوني كنت رائدة قطار الطباعة والنشر لهن، والآن، هناك اكثر من 40 عنوان لكاتبات من الصحراء، اثرين بكتاباتهن المكتبة المغربية، شعراً وقصةً ورواية، وبحثْ اكاديمي ونقديً. واليك هذه القصيدة من أشعاري:
تكتبني الرحلة، جملة اسمية، واكتبها، كوبا مسافراً في الظلام، يحتسي وحدته واحتسي قهوته
نافذتي المطلة على غرفة الجدة ، تستهويني حكاياتها عن زمن ابطاله من فولاذ وفضة، مدينة مسلوبة الحرية، وأناس يعبثون بالحرية، ومتسولة للرحمة، يدها ممدودة للمجهول، قد تكون ذات يوم بطلة لادب الرحلة، تكتبني الرحلة واكتبها اسفاراً …اصفاراً . ..اصفاداً….والهدهد.
@ ما هي الأفكار والقيم والمبادئ، التي تؤمن بها عزيزة عمر؟؟؟
انا عاشقة للمكان، بما يحمله من معاني التشبث والانخراط فيه، اضافة الى الحب والأمل، أَحمل الجميل والاعتراف، لكل من ساهم في تنمية عطاءاته انسانياً وذاتياً، كما أَحمل أَسمى معاني الصدق، وعمق الصداقة والدفاع عن حق الآخر، في الحياة، وفتح الحدود الثقافية. والعيش الكريم، لساكنة الأرض. وجمال الروح والعطاء المثمر، بما ينفع مواطني الوطن، والمساهمة في البناء، كل من منطق تواجده.
@ ما هي هوايات السيدة عزيزة التي تمارسها؟؟؟
اعشق سياقة السيارات، والصيد البري، مارست لعبة كرة المضرب، كما كنت أعشق ركوب الخيل، ولعبت كرة القدم، وأسَّستُ فريقا للإناث في مدينة طانطان، كما أَسَّسنا عصبة الصحراء لكرة القدم النسوية، مما سمحتْ لفرق الجهات الثلاثة للصحراء، من المشاركة وتنشيط البطولة الوطنية، على صعيد المملكة، وأعشق تحضير الحلويات والمطبخ المغربي، كما اجيد لعبة المصارعة الحرة، اضافة الى عشقي كتابة القصيدة، واليك هذه القصيدة من اشعاري:
راحلون من حبري، يتراقصون على انغام قيثارة، كفراشات ويعسوب، ورود مبتلة وريقاتها تبعث اريجاً، كاللغة في معصم مراهقة، عيونهم الجاحظة، تغازل إمرأة تعدَّتْ الستين، لهم كتبهم يعبرون منها، سياحا في بلاد ليست بلدانهم، على الطاولة منديل وقبعة، وأساور إمرأة من ظل آلهة، على الطريق .. طريق ،الاتجاهات الاربعة تلتقي عند زاوية، السواد اللون الذي يكشف الآخر، ويكشف خصر فاتنة، تجتمع الحروف في ميتم، الفقيدة قصيدة لم تفض بكارتها، تحتفي الحياة بالحياة، في كنف الحياة، بين سندان ومقصلة.
هل يمكن القول ان شخصية السيدة عزيزة قوية، وصريحة وجريئة ؟؟؟
لا اعتقد ان الانسان ممكن ان يكون صادق مع نفسه ومع الآخر، إن لم يكن كذلك بالنسبة للجرأة والصراحة والوضوح، مرة اتصل بي صديق عراقي من دولة سنغافورة سألته ما هذا الرقم الغريب، قال من سنغافورة، قلت له ايش تسوي هناك، قال: ابحث لك عن علاج يضيف لك القليل من الخجل. قلت له،أُالخجل بالنسبة لي، هو لمَّا اعمل عملاً أَخجل منه.
هل ممكن للسيدة عزيزة اعطائنا نبذة عن هموم وثقافة المرأة الصحراوية، وهل هي منفتحة اجتماعيا ومتطورة، وتملك حريتها الشخصية؟؟؟
الصحراء شهادة ميلاد، وما ربَّتْني عليه جدتي من أُمي، مكَّناني من طباع، أَعتز بها، بالنسبة للمرأة في الصحراء، وبشهادة الجميع، تجمع بين الاصالة في عمقها، والمعاصرة في أَجمل سماتها، اصلاً لنا موروث اجتماعي، يختلف عن باقي عالمنا العربي، بحيث اعتبرها الاولى، من حيث الحقوق والواجبات، عوامل التربية واحترام الرجل لها، لدرجة التبجيل، ساهم في تبوئها مكانة كبيرةً، في الخريطة الاجتماعية.
ما هي طموحات وأحلام السيدة عزيزة، والمرأة الصحراوية بشكل عام، وما هي العراقيل التي تحول دون تحقيقها ؟؟؟
تتلخص طموحاتي الحالية، في العمل داخل رابطة كاتبات المغرب، وتطبيق مشروعنا الثقافي، واحترام برنامجنا الثقافي السنوي، إحتراماً لأنفسنا، وحتى نكون على مستوى الحدث، أما طموحات المرأة الصحراوية المغربية، هو ان ينتهي المشكل المفتعل، حول ما سُمِّي قضية الصحراء الغربية، وانخراطها في بناء جهوية متقدمة، نصَّ عليها دستور المملكة، طبعا ككل مجتمع اسلامي، تحكمه ضوابط، المرأة في منطقة الصحراء، تتحكَّم فيها قيم وثوابت، هي جزء منها، لا نراها عراقيل، ومن أَهمها محافظتنا على ثقافتنا، ومنها التزامنا بزي المرأة في المنطقة، وبقرض الشعر، وهامش الحرية، التي يمنحنا اياها شعر (التبراع). وهو شعر متداول عند المرأة الصحراوية، يتكون في اغلب حالاته، من بيت او بيتين، وهو غير الكاف، اي البيت الواحد. هو أَصلاً شعر باللهجة الحسانية، يسمح للمرأة بمغازلة الرجل، كما استغلته المرأة زمن المقاومة، والتحرير، لتمرير رسائل الى المقاومين، كرسائل مشفَّرة، لم يتمكن المستعمر من اكتشافها، ويعتبر الادب الحساني، غني وباذخ من خلال شعر التبراع.
@ هل تحب السيدة عزيزة، السياسة وتفهم بها بعمق؟؟؟
بالنسبة لهذا السؤال، سأمارس معك السياسة من خلال ردي عليك، السياسة نتعامل معها يوميا، داخل بيوتنا، مع اطفالنا، ومع أزواجنا، ومع الحياة، والمرأة لمَّا تمتهنها تكون اكثر عطاءاً من الرجل، نظراً لتكوينها الحياتي.
@ ما راي السيدة عزيزة بحكومة الاسلاميين المغربية وهل تعتقد انها تحقق احلام وطموحات المراة الصحراوية والمغربية بالتقدم الاقتصادي والتحرر الاجتماعي ؟؟؟
حتى نكون منصفين، حكومة الاستاذ بن كيران، جاءتْ بفعل صناديق الاقتراع، ولم تأت كحكومة مختارة، قد يكون عزوف العديد من المواطنين عن التصويت، لعدم اقتناعهم ببرامج الاحزاب السياسية، ساهم في تقدم حزب العدالة والتنمية، بالنسبة لي شخصيا، ننتظر خروج القوانين المنظمة والمراسيم، التي هي مطروحة على الدورة الخريفية للبرلمان المغربي، وعليه، انا مع من ينادون بإعطاء فرصة لهم، ما دمنا ونحن المنادون بالتغيير، لم نحاكم الحكومات السابقة، لذلك، من الصعب الحكم عليهم من خلال حكمهم مدة سنة واحدة، من ادارتهم شؤون الامة.
ما هو موقف السيدة عزيزة من مشكلة الصحراء، هل هي حقا مغربية ام هل هي حقا جزائرية والى اين وصل الحل وبصراحة طبعا؟؟؟
قبل كل شئ، أَتاسَّف لموقف الشقيقة الجزائر، كون المشكل، هو نتيجة الحرب الباردة بين القطبين، ونتيجة حرب على الملكية، بالنسبة لمشكلة الصحراء، هو مطروح، مادام هناك قوات اممية لوقف اطلاق النار، سنة 1993م لمَّا صدر ديواني الاول، اصدرتْ جبهة لبوليساريو حكماً بمحاكمتي، وأصدروا حكماً في حقي، ولما التقيتُ ببعض الاسماء منهم في اسبانيا، قلت لهم، انا لا العب على الجغرافية، ولا ازَّوِّر التاريخ، مغربية الصحراء أَمراً تاريخياً، وانتمائها له جغرافياً، امراً محسوماً، ودستور المملكة الجديد، ينص على جهوية متقدمة، لكل التراب المغربي، فقط، اقول ان رهان نجاح هذه الجهوية، يجب أن يُراعي المسألة الثقافية، ومن ضمن مشروع رابطة كاتبات المغرب، تكريس فعل الجهوية الثقافية، كما سنسعى الى فتح الحدود الثقافية، بين دول الاتحاد المغاربي. واليك هذه القصيدة قلتها بهذه المناسبة، ارجو ان تنال اعجابك، بعنوان : هذه الصحراء لي:
هذه الصحراء لي، من رحابة وتلال وبقايا اطلال لي، وانتم العابرون عبر سديمها للغيمة ،السراب ما كان الغراب يوما حمامة، وما كان الحمام.. نعام، زوابع الظهيرة التي تخفي العيوب
وراعي ابل يحمل على ظهره تجاعيد الزمن، مساء حالم بأنثى قاصر، هذه الصحراء انا، تمطر في الصيف بيضاً ازرق، وفي الشتاء تحمل وديانها دمعا اخضر، على الجبل الوحيد كتبت علامة فشل الجلوجيون في فك طلاسيمها، انا الصحراء … وهذه الصحراء لي، نغمة ودمعة وقدح من اللبن، على خطاهم علق عابر سبيل، المتمردون متمردون، والبقايا تائهون بين الصفافة وأشجار الطلح، متعبة مسالك المارين من هنا، انا الصحراء …والصحراء لي، لوحة مزركشة كمعاطف الرحل، في الصباح لباس وفي الليل غطاء نرجسية انا فيك، ونرجسية انت
في، نتبادل التهم كزوار الليل لمخافر الشرطة، مرة الامتداد وهنيهة إلا إمتلاك، يا جمال الكون المرصع والمختزل في خيمتي، انا البادية وأنت المبتدأ، وكيلانا الخبر، في قصاصة اختارتاه الاخرون، العابرون من مسالك الغيم، اعتليت عرش مملكتي، هذه الصحراء انا .. والصحراء لي.
.
@ لماذا الحدود المغربية الجزائرية مغلقة، ومن هو السبب في ذلك؟؟
بالنسبة للحدود مع الشقيقة الجزائر، الجواب عند فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، اما على الصعيد الشعبي، فنحن شعب واحد.
@ ما هي نظرة السيدة عزيزة للمرأة الفلسطينية؟؟؟
المرأة الفلسطينية آآآآآآآآآآآآآآآه ، لست على مستواها حتى أُجيب على هذا السؤال، اُقدم لها سلامي على طريقة التحية العسكرية، مع رفع القبعة لها، سيدة من فولاذ وحرير. حقيقة، أود ان اقول لك شيئا وهو: أن أُسجل نجاحكم لجرَّي للحديث عن ما هو سياسي، إلا انه بالنسبة لي، اجدهُ ثقافي اولاً وأخيراً، نحن شعوب، لنا ثوابتْ ومقدسات، وعُرفنا منذ بدء التاريخ، بحبنا للعيش الرغيد، وتكافئ الفرص، والوطن، هو السكن والصحة والتعليم والشغل، سببْ كل ما جرى ويجري من مشاكل اجتماعية صرفة، للحين، لم تنضج تجربتنا سياسياً، حتى اختياراتنا تتحكم فيها العاطفة، وليس معيار الكفاءة، نحن شعوب، نفتقد الى المبادرة بفعل الهاجس الامني، الذي كان يسيطر، قبل ثورة الشارع العربي، ما سمي بالربيع، اهم ما حققناه بعدها، هو سقوط حاجز الخوف. بالنسبة لنا في المغرب، اتمنى وجود احزاب سياسية بقواعد شعبية، وان يكون البناء من القاعدة، ونعمل على تكوين نخبة جديدة قادرة، ومتمكنة لما تسند لها مسؤولية ادارة الشأن المحلي والعام، ، وتكون حاملة لمشاريع، انتهى زمن أَنا ومحيطي، الوطن لكل مواطنيه، ولهم الحق العيش داخله بعزة وكرامة. وتحية لكل مواطن غيور ولكل مسئول مواطن. كلمة اخيرة : لو كان البحر اعمق من ما ذكره نزار لقطعته، فإذا بالبحر اضيق من قلبين فتركته.
أنتهى موضوع:
حوار مع شاعرة، من الصحراء المغربية