رسالة الى سيدنا يسوع المسيح العربي ، بقلم : راسم عبيدات
يا سيدي اعذرنا نحن لن نحتفل بك هذا العام،ليس لأننا لا نحب الفرح والإحتفال،بل لأنه كل يوم يجري اغتيال فرحنا ومصادرة احتفالاتنا …. نحن كل يوم نصلب ونعذب …شلال دمنا لم يتوقف في عام واحد دفعنا 218 ش ه ي د اً،العديد منهم قتلوا بدم بارد ومن نقطة الصفر …لا لشيء سوى أنهم فلسطينيين وأكثر من 70 منهم، اطفال بعمر الورود…وبكاء وصرخات أمهات ش ه دا ئ ن ا صباحاً مساء يحرك الحجر قبل البشر،ولكن هذا عالم اصم أبكم لا يلتفت لا لعذاباتنا ولا لآلامنا ويناصر الجلاد على الضحية …ربما انت تعذبت مرة ونحن عذابنا لم يتوقف منذ 75 وسبعين عاماً …نحن نتحمل ما لم تتحمله الجبال..هل تعرف يا سيدي …يا يسوع مريم …نحن في زمن تحتجز فيه جثث ا ل ش ه داء في ثلاجات مشافي الكيان وفي مقابر ارقام مجهولة ،118 منهم في ثلاجات مشافي دولة الكيان متجمدة و256 في مقابر أرقام مجهولة وغير معروفة. …يا يسوع عيسى عذاباتنا فاقت عذاباتك الف مرة ….اسير يقضي ثلاثين عاماً في الأسر ويقتل بشكل بطيء نتيجة الإهمال الطبي …يجري احتجاز جثمانه في وقت تسقط فيه المنظومة الدولية وتضعف امام دولة الكيان…وفي وقت تحتجز فيه الجثامين لتوظف سياساً من أجل الإبتزاز والمساومة .. يا يسوع نحن عقدنا العزم ان نسير على درب ألالامك …ولكن ألالامنا فاقت ألآلامك وألالآم العديد من الرسل الآلاف المرات ..أسرى لنا في السجون مضى على وجودهم في الأسر اربعين عاماً والبعض منهم أكثر،هل سمعت يا سيدي انت وبقية الرسل،بنائل البرغوثي.. ؟؟؟ هل سمعت بكريم يونس وماهر يونس ومحمد الطوس وسمير ابو نعمة ومحمود خرابيش وجمعة آدم ووليد دقه وابراهيم ابو مخ وابراهيم بيادسة وعبد الجواد شماسنة وابراهيم ومحمد ويحيى اغبارية ومحمد جبارين وضياء الفالوجي ورائد السعدي ومحمد داود .. ؟؟؟ فهل من نبي او رسول عذب مثل هذا العذاب …؟؟…….أنا قانعاً بأن دموعك ستنهمر من عينيك غزيرة كالمطر الكانوني ،عندما تشاهد ” خنساء فلسطين” ام ناصر لديها اربعة أبناء معتقلين في سجون دولة الكيان، وكلهم محكومين بالسجن بكذا مؤبد ورجحة أعوام ومع ا س ت ش ه اد ناصر ابنها ،يصبح لها ولدين ش ه ي دي ن ..وبيت هدم خمس مرات …و”خنساء فلسطين” صامدة كالجبل….انا يا يسوع لست بكافر ولا ملحد،بل من أشد المؤمنين،ولكن عذابك وعذاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبقية الأنبياء …ربما لم يفوق عذابات شعبنا الفلسطيني…نحن يا سيدي نصلب كل يوم،نصلب على بوابات باب العامود وفي طريق ألآلامك وعلى بوابات قيامتك ومهدك،حتى أتباعك من قطاع غزة والضفة الغربية محرومين من الوصول الى كنائسك في بيت لحم والقدس والناصرة لأداء شعائرهم الدينية والإحتفال بالعيد …أنتم يا مسيحنا وانبياءنا متم مرة واحدة ولكن نحن نموت في اليوم الف مرة …نحن الأم يخرج الإبن من حضنها وهي لا تعرف إن كان سيعود أم لا ..؟؟ لك يا سيدنا أن تتصور بأن يذهب شقيقين من اجل التحضير لفرح سقيقتهما،ويقوم مستوطن حاقد على حاجز زعترة – نابلس بدهسهم حتى الموت،إنهم ا ل ش ه ي د ي ن محمد ومهند امطير من مخيم قلنديا في القدس..فهل سيعرف الفرح طريقة لوالدتهم او شقيقتهم ..؟؟ وكذلك والدي ا ل ش ه ي دين الشقيقين جواد وظافر الريماوي من بيت ريما.
عن ماذا سأحدثك وأقص عليك وأروي لك يا سيدي المسيح العربي،عن طفل اسمه احمد مناصره محكوم بالسجن لمدة اثني عشر عاماً صاحب العبارة الشهيرة ” مش متذكر” والذي تعرض لتعذيب وحشي،أوصله حتى فقدان الذاكرة والإنفصام،وما زال الكيان الغاصب،ليس فقط يرفض إطلاق سراحه،بل ويواصل عزله الإنفرادي ليوصله حد الجنون النهائي.
يا سيدي المسيح نحن لسنا في صراع مع اتباع الديانة اليهودية،فنحن نؤمن بحق الجميع بالعبادة وفق طريقتهم التي يختارونها وفي اماكن عبادتهم من مساجد وكنائس وكنس،ولكن هناك من يريدون التعدي على أماكن عبادة غيرهم،ولك أن تتصور بأن يصبح ويتحول مسرى الرسول محمد صل الله عليه وسلم ومعراجه وقبلة المسلمين الأولى وأحد المساجد الثلاثة التي يشد الرحال اليها، الى ما يسمونه بجيل الهيكل،كل يوم يواصلون اقتحامه ويمارسون كل انواع طقوسهم التلمودية والتوراتية فيه،ويستبيحون حرمته بالرقصات والأفعال اللا أخلاقية والمتنافية مع حرمة وقدسية المكان،ومع مجيء حكومة الكهانية اليهودية من الزعران بن غفير وسموتريتش وآفي ماعوز وتسفيكا فوجل وموشيه فيجلن ويهودا غليك وغيرهم من المتطرفين،فالحرب على الأقصى ستصبح أكثر ضراوة من أجل فرض حياة وقدسية يهودية فيه،وتكريس التقسيم الزماني والمكاني.
يا مسيحنا العربي تحت بصر وسمع العالم المتشدق بالحرية والإنسانية والديمقراطية وحقوق الإنسان،يجري سجن أكثر من مليوني إنسان في بقعة جغرافية لا تزيد عن 360كم2 في اكبر كثافة سكانية عالمية،يحاصرون ويحرمون من أبسط مقومات الحياة الإنسانية من ماء وكهرباء وبنية تحتية وخطوط صرف صحي وخدمات طبية وصحية وحتى الأدوية لا تتوفر في المشافي التي تعاني من نقص في المعدات والأجهزة،والكثير من أصحاب الحالات المرضية المصابين بامراض مزمنة من سرطان وقلب وفشل كلوي،يموتون تحت بصر وسمع عالم ظالم منافق لا يحترم الضعيف ولا يقف الى جانبه ونصرته،وأبعد من ذلك من دمر الكيان بيوتهم في اعتداءاته وحروبه المتعددة على القطاع يمنع عليهم حتى تعمير بيوتهم ويعيشون حتى اليوم في خيم والعراء.
كيف يا سيدنا المسيح العربي،سنحتفل في ميلادك،وهناك من هو مولود في القدس عاش وتربى وترعرع فيها،وكل علاقته وذكرياته في المدينة،جرى تعذيبه أكثر من عذاباتكم كرسل،أنه المقدسي الفلسطيني صلاح الحموري الذي اعتقل عدة مرات لمدة تجاوزت تسع سنوات،وتم تقييد حركته بمنعه من الدخول الى الضفة الغربية والمنع من السفر وسحبت منه اقامته وهويته المقدسية،وابعدت زوجته وطفليه الى فرنسا وحرم منهم وحرموا منه،وفي النهاية جرى ابعاد قسراً ضمن سياسة التطهير العرقي عن مدينته ووطنه.
يا مسيحنا العربي ان لا أسوق الأعذار والمبررات ،لكي نحتفل بميلادك المجيد،ولكن ما رويته لك من مظالم ومآسي يعيشها شعبنا الفلسطيني،لا تجعل خانة للفرح والإحتفالات في قلوبنا،والمأساة بأن هناك عالم ظالم جاحد يمتهن المعايير المزدوجة ،ويحاكم حقوق الإنسان وحقوق الشعوب في الحرية والإستقلال والعيش بكرامة من زاوية المصالح لا الإنسانية.
رغم كل ذلك مسيحنا العربي نقول لكل أبناء شعبنا وأمتنا العربية،ميلاد مجيد وكل عام ووطنا وامتنا بألف خير،وأعياد شعبنا مسيحية- إسلامية اعياد وطنية يحتفل بها الجميع،فالهم واحد والمصير واحد والهدف واحد.
فلسطين – القدس المحتلة