يوم الثلاثاء الماضي الموافق 6 نوفمبر تشرين الثاني تعرضت نساء فلسطين في ساحة الجندي المجهول غزة للضرب والتنكيل من قبل اجهزة بطش حركة حماس المنقلبة على الشرعية لمجرد اعتصامهن ومطالبتهن باسقاط الانقلاب، وطي صفحتة من سجل الشعب، واعادة الاعتبار للوحدة الوطنية.
لم تفعل المناضلات الفلسطينيات شيئا ضد الانقلاب او قادته، فقط خرجن للاعتصام ودعوتهن كل غيور من ابناء الشعب ليرفع الصوت لعودة الروح للوحدة الوطنية. إلآ ان قادة الانقلاب الحمساوية إسوة بكل فروع جماعة الاخوان المسلمين في العالم العربي خشيت من الصوت الآخر، حتى لو كان صوت النساء المنادي بوحدة الشعب والتصدي لحالة التشرذم والانقسام، التي اوجدها ورسخها الانقلاب .
ميليشيات الانقلاب النسوية والرجالية بخفة ونذالة فائقتين قامت بتوجيه هراوتها على رؤوس واجساد نساء فلسطين الماجدات. واسمعوهن شتائم نابية ومعيبة نضحوا بها من مستنقع ثقافة الانقلاب الاخواني السوداء. نتج عن ذلك تعريض النساء أمثال ام عبدالله جودة وابتسام الزعانين للاغماء والكسور.
لم يكن لبطش وارهاب ميليشيات الانقلاب الحمساوي التمادي والتغول لولا ضعف وتراخي فصائل الحركة الوطنية ومنظمات المجتمع المدني في الدفاع عن نفسها. ولعل ضعف الحلقة المركزية في فصائل منظمة التحرير في تحمل مسؤولياتها تجاه نفسها، وتجاه منظمة التحرير والمشروع الوطني، ترك الساحة دون ربان قادر على قيادة الكفاح لتحرير محافظات غزة من ربقة الانقلاب والانقلابيين.
حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” تتحمل المسؤولية الاولى عن الوضع البائس والمريع في محافظات الجنوب (غزة) لان فتح مازالت تعيش حالة من التعثر والارباك الداخلي غير الايجابي، رغم إدعاء بعض اعضاء اللجنة المركزية عكس ذلك، وادعائها، ان الحركة “تجاوزت” عنق الزجاجة في ازمتها الداخلية، لكن الحقيقة المرة تقول عكس ذلك. وتحتاج من اللجنة المركزية استخدام مبضع الجراح لاستئصال مواقع الورم، واعادة النظر في الاليات المتبعة لاستنهاض الحركة من الحالة الصعبة، التي تعيشها منذ الانقلاب في 2007 وحتى الان.
ولمواجهة سياسات الانقلاب الارهابية، وحماية نساء فلسطين والمصالح الوطنية، لا يجوز القبول بما اعلنته قيادة الانقلاب عن تشكيل لجنة تحقيق فيما حصل مع المعتصمات يوم الثلاثاء الماضي، لان الهدف تمييع المساءلة الوطنية . المطلوب : اولا تحشيد الجهود والقوى الوطنية من فصائل ومنظمات مجتمع مدني ومثقفين واعلاميين واكاديميين وشباب واتحادات ونقابات وفي المقدمة نساء للاعتصام يوم الثلاثاء القادم للمطالبة بمحاكمة قادة الانقلاب الاسود، الذين نفذوا جريمتهم عن سابق تصميم واصرار ضد نساء فلسطين؛ وثانيا مطالبة الانقلابيين باعادة السماح للجنة الانتخابات المركزية لتسجيل الناخبين لاعطاء دفعة جديدة وقوية للوحدة الوطنية ؛ وثالثا عدم التعرض من قبل الانقلاب وميليشياته للاعتصامات والمظاهرات والانشطة والفعاليات الوطنية المختلفة السلمية؛ والتوقف عن منع قادة حركة فتح والاعلاميين وغيرهم من السفر والتنقل من والى الوطن، والتوقف كليا عن ساسية الاعتقالات والاستدعاءات للقيادات الفتحاوية والوطنية.
واذا كان ولا بد من القبول بلجنة تحقيق في جريمة ميليشيات الانقلاب يوم الثلاثاء الماضي فلتكن لجنة وطنية مستقلة وشجاعة ونزيهة، قادرة على تشخيص الامور بواقعية دون خشية من ارهاب الانقلاب.
لكنها فرصة مؤاتية الان لاعادة الامور لنصابها واثارة القضايا كلها، لاسيما وان سياسة البطش والارهاب وتكميم الافواه والانقلاب ورفض قبول القمسة على الآخر الوطني ليست وليدة ما حصل يوم الثلاثاء الماضيـ انما هي سياسة متأصلة عند جماعة الاخوان المسلمين الدولية وفروعها كلها وخاصة في فلسطين، وهي سابقة على الانقلاب وتعود لسنوات الثمانينات من القرن الماضي عندما قامت عصابات المجمع الاسلامي بدعم من رجال المخابرات الاسرائيلية “ابو صبري” وغيره في مهاجمة القوى الوطنية ومكتبة الهلال الاحمر، ورفض المشاركة في فعاليات القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة . لذا الضرورة تملي اغتنام الفرصة لاستنهاض الشارع الوطني والتصدي للانقلاب بالوسائل السلمية الشعبية، ودفع المصالحة للامام.
وكل التحية لنساء فلسطين الماجدات، وكل الخزي والعار لاصحاب العقول المتعفنة والايادي السوداء من عناصر الميليشيات الحمساوية نساءا ورجالا المغرر بهم جميعا ليتخلوا عن هويتهم الوطنية، وعن ثقافة التعددية والديمقراطية .