أحمد مناصرة: … والله مش متذكر ! بقلم : د. أماني القرم
في مشهد صادم نشر قبل سنوات أبطاله شخصان بالغان وطفل …. الأول يجلس بعيدا أمام شاشة كمبيوتر والآخر أمام شاشة أخرى وطفل ..
الآخر يصرخ في الطفل معنّفاً : أنظر أنت أول واحد.. أنت كذاب..
الطفل باكيًا مذعوراً ، يضرب بكلتا يديه رأسه صارخاً : مش متذكر ..مش عارف .. مش متذكر…
وكلّ ثانية تمر يزداد معها تعنيف الآخر عالياً للطفل ومكرّراً : أنت كذّاب ..كذّاب .. ليش ضربته ؟؟؟
ومعها يزداد بكاء الطفل وصوته المخنوق : والله والله مش متذكر.. مش متذكر .. حتى خرًت قواه أخيراً متوسلاً في لحظة فصلت بين حياة ولا حياة: قلت لك مظبوووط .. كل اللي بتحكوه مظبووط.. مش متذكر .. من شان الله…
شتائم متلاحقة من الآخر المجرم بحق الطفل .. ثمّ يتوقف الفيديو..
هي ثلاث دقائق كأنها سنوات ، من حفلة تعذيب طويلة مارسها ضباط الاحتلال بحق الطفل احمد مناصرة ذو الخمسة عشر عاما الذي اعتقل مصاباً في العام 2015 لإجباره على الاعتراف بتنفيذ عملية طعن. .. أحمد حكم عليه بالسجن 15 عاما.. منعت عنه الزيارة أربعة شهور ” الله يعلم السبب” .. وضعه الصحي والنفسي في تراجع مخيف.. وهناك حملة عالمية تطالب بالافراج عنه لتردّي حالته لكن يبدو أنها خفتت أمام طغيان صواريخ بوتين وأحاديث زيلينسكي المتقهقرة على العالم..
منذ نشأتها، تبنت العقلية الاسرائيلية الاستعمارية الجملة الشهيرة التي أطلقها مؤسسها بن غوريون “الكبار يموتون والصغار ينسون” من خلال استراتيجيات متعددة هدفها الاساسي الابادة الجماعية والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني لتحقيق مقولة بن غوريون . أحد هذه الاستراتيجيات هي عملية اعتقال الاطفال وتخويفهم، والتي زادت في السنوات الأخيرة ضمن حملة مؤسساتية ذات طابع منهجي كما ورد في خلاصة تقارير المؤسسات الدولية المهتمة بالطفل مثل اليونيسف ، والتي أقرّت أن ما تفعله اسرائيل ليس اعتباطيا بذريعة الامن وإنما منظم مؤسساتيًّا منذ لحظة اعتقال الطفل وحتى إصدار العقوبة بحقه .
طبعاً لا داعي للتذكير بأن الانتهاكات الاسرائيلية بحق الأطفال الفلسطينيين المعتقلين تتعارض مع جميع القوانين الدولية لحماية حقوق الطفل. فإسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يحاكم فيها الاطفال الفلسطينيون في محاكم عسكرية.
ويعدّ النظام القضائي الاسرائيلي أبرز الأدوات في تجسيد المشروع العنصري لاسرائيل، فقد تم سن قوانين وإصدار أوامر عسكرية وإجراء تعديلات عليها لزيادة حدة الضغط على الفلسطينيين والسماح بارتفاع سقف الاعتقال للأطفال فمثلاً: جرى تعديلات على الأمر العسكري رقم 1651 بتخفيض سن الحد الادنى للمسئولية الجنائية الى 12 عاماً بدلا من 16 عاماً ، ممّا يسمح بمحاكمة الأطفال ما دون 16 عاما أمام المحاكم العسكرية الاسرائيلية ، ومعاملتهم معاملة البالغين سواء في ظروف الاعتقال اللاانسانية أو مدّة المحكوميّات والتي يصاحبها في معظم الأحيان غرامات مالية مؤلمة على الاباء وأسر الأطفال المعتقلين.
ويا ليتها تكتفي اسرائيل بعملية الاعتقال والحرمان من الحقوق إنما تتجاوز ذلك بمراحل ، ففي بحث علمي مستفيض وموثّق للبروفيسورة نادرة شلهوب استاذة علم الجريمة في الجامعة العبرية بعنوان “المساحات الفلسطينية هي معامل تجارب”، تحدثت عن كيفية استخدام الاسرى بما فيهم الأطفال كعينات مخبرية لاختبار العقاقير الجديدة التي تنتجها شركات الادوية الكبرى الاسرائيلية والتي تزايدت مؤخراً لتصبح بالآلاف ، إضافة الى استخدام الاطفال في الاراضي الفلسطينية كعينات تجريبية لاثبات اختبارات الاسلحة الاسرائيلية ونجاعتها وتسويقها عالميًّا..
وللعلم اسرائيل من الدول المصادقة على اتفاقية الامم المتحدة لحقوق الطفل!!
أحمد مناصرة إحدى الروايات المحكية التي استخدمت لتخويف أمثاله من أجل منع التفكير او حتى الحلم بفلسطين . الاف غيره يواجهون نفس المصير ..
ادعوكم للعودة لمشاهدة الفيديو ِالقبيح لتتذكروا احمد وتشاركوه على صفحاتكم على الفيس بوك .. الحرية لأحمد مناصرة ..