مع تحفظي الشديد على وجود إيران في لجنة الاتصال الرباعية التي قامت بمبادرة من مصر، مع معرفتي بأن هدف مصر من اختيار إيران في هذه اللجنة هو وضعها أمام مسؤولياتها الأخلاقية والدينية تجاه ما يجري في سورية من قتل مبرمج في سلسلة من المجازر والمذابح التي يرتكبها النظام البربري الحاكم في دمشق ضد المدنيين العزل من أطفال ونساء وشيوخ، ومن تدمير للمدن والبلدات والقرى بمخطط ممنهج على مدار 18 شهراً دون أن نسمع لإيران، الدولة التي سمت نفسها بجمهورية إيران الإسلامية وجعلت من نفسها المتحدثة باسم الإسلام والوصية عليه، والداعمة للشعوب الإسلامية المقهورة والمظلومة كما تدعي، لم نسمع منها ولو كلمة تنديد بما يقوم به هذا النظام الدموي أو تطلب منه التوقف عن جرائمه، وهي المعروفة بتحالفها الوثيق والاستراتيجي مع هذا النظام الباغي المتجبر، بل على العكس تجاهر بمناصرتها لهذا النظام وتمده بكل أشكال المساعدة والدعم والمشورة بما فيها الرجال والعتاد والسلاح، وتعلن ذلك على الملأ صباح مساء، غير آبهة بكل المجتمع الدولي الذي هزته صور المجازر والمذابح التي تناقلتها وسائل الإعلام على الشاشات الفضائية العربية والأجنبية، وهي تحكي إلى أي مستوى وحشي وصل إليه هذا النظام الدموي من الانحطاط الإنساني والأخلاقي والإجرامي!!
علي أكبر صالحي أعلن في مقابلة مع التليفزيون المصري بثها يوم الثلاثاء 18 أيلول، “إن موقف إيران من الأزمة السورية هو أن يكون الحل سوريّاً نابعا من السوريين أنفسهم وليس مفروضاً من الخارج ويعتمد على التعامل بواقعية مع المعطيات السورية التي تتحدث عن حكومة تمثِّل النظام مع وجود معارضة”.
مضيفاً أنه “يجب ان يكون الحل نابعا من التعامل مع كل منهما حكومة ومعارضة سورية، دون وضع شروط مسبقة باستبعاد أحدهما كشرط تنحي الرئيس بشار الأسد”. وأعرب صالحي عن تفاؤله بشأن نجاح المبادرة المصرية التي طرحها الرئيس المصري محمد مرسي لحل الأزمة السورية من خلال اجتماعات اللجنة الرباعية التي تضم كلا من مصر والسعودية وإيران وتركيا.
دبلوماسية صالحي وكلامه المنمق الجميل لم تعد تقنع أحد في هذا العالم الذي بات على علم بكل الوقائع التي تجري على الأرض في سورية مما يؤكد مشاركة إيران الفعلية في كل ما يرتكب فيها من مجازر ومذابح وعمليات قتل ممنهجة وتدمير منظم وهادف للمدن والبلدات والقرى، ولم يعد بإمكان صالحي ولا كل المدلسين من دبلوماسيين وإعلاميين إيرانيين وبعض عملائهم الصغار في لبنان حجب الشمس بغربال، فكل الحقائق تشير بأصابع الاتهام إلى طهران بأنها شريك فعلي لما يرتكبه النظام السوري الباغي بحق الشعب السوري على ضوء تصريحات القادة الإيرانيين من رأس هرمهم خامنئي إلى صغار ضباط وحدات جيشهم منذ انطلاقة الثورة السورية المباركة وحتى يوم أمس، حيث أمر كبيرهم خامنئي الحرس الثوري وجيش القدس بأن يقصروا أعمالهم على الدول القريبة من إيران، ويقصد في ذلك دول الخليج والعراق وسورية ولبنان وتركيا حيث خلايا هذه القوات النائمة في هذه البلدان لإشاعة الفوضى والحرائق تأكيداً لما وعد به الأسد الصغير في أولى خطبه بعد انطلاقة الثورة أنه سوف يفجر المنطقة كلها وينقل الحرائق إلى الدول المجاورة، وبالفعل فها هو ذا يهدد صراحة دول الدوحة والرياض بنقل فتيل الحرب إلى بلدانها، وقد بدأ بالفعل بتحريك عملائه من عناصر حزب العمال الكردستاني للقيام بعمليات نوعية ضد الجيش التركي والأماكن الحساسة في المدن التركية، وكذلك في تحريك عملائه الذين باعوا أنفسهم للشيطان في لبنان بهدف توسيع دائرة الصراع في المنطقة وبالتالي تصدير أزمته إلى خارج الحدود السورية لكسب المزيد من الوقت لإطالة عمر نظامه المتهاوي عبر ارتكاب المزيد من المجازر والمذابح بحق الشعب السوري المصمم بعناد وإصرار وثبات على ثورته حتى إسقاط هذا النظام مهما غلت التضحيات وارتفع الثمن، غير آبهة بما تقدمه طهران من دعم عسكري ولوجستي واستشاري لهذا النظام الذي يتلقى الضربات من الثوار يومياً حتى بات 70% أو يزيد من الأراضي السورية والمدن السورية في قبضة الجيش الحر وإدارته، وأن ما بات يملكه هذا النظام هو فقط أماكن تواجد دباباته ومدفعيته وهنكارات طائراته التي يستبيح بها أجواء سورية من أقصاها إلى أقصاها قتلاً وتدميرا وهذا أقصى ما يمكن أن يفعله باعتراف المحللين العسكريين المحايدين.
إيران التي لا تريد أن تقتنع بأن شريكها الاستراتيجي في قصر المهاجرين هو في النزع الأخير من عمره وأن سقوطه بات مسألة وقت، وتحاول بإصرار وعناد الشد من أزره ودفعه إلى المزيد من ارتكاب المجازر والمذابح بحق الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين، وتغدق عليه بما حوته ترسانتها العسكرية من أسلحة فتاكة وذخيرة مدمرة عبر جسور برية وجوية وبحرية، مرافقة كل ذلك بمزيد من التصريحات المؤيدة والداعمة لهذا النظام، فكل العالم سمع تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني محمد على جعفرها التي نقلتها صحيفة الجارديان يوم 17 أيلول الجاري والتي اعترف فيها أن عناصر من كتيبة “فيلق القدس” التابعة للحرس الثورى، موجودون حاليا فى سوريا لمساندة نظام الرئيس بشار الأسد فى مواجهة حركات التمرد التى تسعى للإطاحة بالحكم. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يعترف فيها مسؤول عسكرى رفيع بأن عناصر من الحرس الثورى يقاتلون فى سوريا جنبا إلى جنب مع النظام السورى.
كما أكد اللواء حسن فيروز آبادي، رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، أن “الحرب الجارية في سورية هي حرب بلاده”، وجاءت تصريحات اللواء فيروز آبادي على هامش استعراض عسكري للقوات المسلحة الإيرانية يوم الجمعة 21 أيلول.
والمضحك أن إيران والنظام السوري لا يزالان يلعبان على وتر المقاومة الذي بات نشازاً لا يصدقه أحد، بعد أن تأكد للجميع أن كل هذه الضجة الإعلامية التي تثيرها إيران حول نيتها في القضاء على إسرائيل، والضجة الإعلامية التي تثيرها إسرائيل بأنها ستضرب المفاعلات النووية الإيرانية ما هي إلا فقاعات بالونية متفق عليها بين الكيان الصهيوني وأمريكا ومعممي قم الذين يحكمون طهران، وما تصريحات الأسد الصغير التي أدلى بها عند لقائه بوزير خارجية إيران، والتي قال فيها، إشارة منه إلى الثورة ضده: “ليست سورية المستهدفة الوحيدة، بل الهدف هو القضاء على محور المقاومة بمجمله”.
وجارى رئيس الأركان المسلحة الإيراني الأسد الصغير قائلاً: إن “ما قاله بشار الأسد صحيح، لأن سورية تشكل الخط الأمامي للمقاومة في التصدي للكيان المحتل للقدس، وقد حافظت على هذا الخط منذ أعوام”.
طهران تخشى من سقوط الأسد، لأن سقوطه هو سقوط نظام الملالي في طهران، ولهذا فهي تعتبر أن أمن النظام السوري من أمنها، وهذه استراتيجية أعلنها علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن والخارجية في مجلس الشورى الإيراني في (17/8/2012).
خوف القادة الإيرانيين من سقوط نظام الأسد هو المبرر الذي يدفعهم إلى هذه المواقف المتشددة إلى جانبه، لأنهم يعتقدون أن سقوط نظام الأسد هو المقدمة لسقوطهم، وهذا دليل سوء تقدير وعمى بصيرة لدى هؤلاء القادة الذين ربطوا مصيرهم بمصير هذا النظام الذي يجمع كل الخبراء والمحللين والعاملين في حقل السياسة أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة.
شاهد أيضاً
ثلاثة شهداء بينهم عسكري في الغارات الإسرائيلية المتواصلة على لبنان
شفا – استشهد شخصان وأصيب آخرون، اليوم الأحد، في غارة شنتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي على …