مات الكلام بقلم : ثائر نوفل أبو عطيوي
مات الكلام في ظل الغياب الحقيقي للإنسان ، مات الكلام في عنفوان الحياة المترامية الأطراف ، المتراكمة عبئاً على الأكتاف ، مات الكلام في ظل الصمت العاجز عن الصراخ والهتاف ، مات الكلام في زحام الأيام القاتل للآمال والأحلام ، مات الكلام في ظل انفصام النفس عن ذاتها دون أمل بالعودة للالتئام والوئام، مات الكلام في ظل الكلام ،حين نادى الانسان وقال بصوت شاحب ناحب على الدنيا السلام …
موت الكلام هو المرادف لموت الانسان، لأن فقدان الشعور بالانتماء للإنسان بذاته الأمر الجلل الذي لا يستهان ، الذي يؤدي ذلك الاحساس إلى فقدان الانتماء بالحياة والثقة بمستقبلها ، بسبب مأساة فصولها ومرارة واقعها وحاضرها ، الذي لا يبشر بحياة أفضل تجعل من الانسان قادراً على التكيف بالمحيط وكل ما يحيط ، من أجل اطلاق بصيص الأمل نحو الحياة والعمل، العمل الذي مضمونه ومحتواه الانتماء الحقيقي بكافة التفاصيل للحياة.
موت الكلام هو اعجاز اللغة المعتقة بحالة الصمت الرهيب ذات الرتابة والعجز الرهيب ، الذي لا يتقدم خطوة واحدة للأمام من أجل الاقتراب من البعيد ، ويبقى الانسان محاصراً يدور في فلك الزمان والمكان منتظراً بصبر الأنبياء وروح الفقهاء ولغة العارفين الحكماء ، التقدم في عجلة مسير رحى الأيام ، على أمل احتضان الحياة بشوقها وحلوها من أجل استقرار النفس مع النفس ومع المحيط بكل أمان وفرح وسلام.
مات الكلام … ! ولعل الايام القادمة تسعف الواقع نشوراً على طريق الغد الأكثر إيماناً بمعنى الحياة أملاً و حضوراً ، لكي يحتضن الانسان الأرض الحبلى بالربيع بذوراً ، لتعيد الكلام للحياة بعد الموت الذي أصابه ودهاه ، ليغرد الكلام لحن الحياة في رحاب الفضاء وعلاه ، ليحقق مبتغاه ومنتهاه.