شفا – احتفل مليارات من سكان العالم أمس السبت بعيد الميلاد وسط قيود لمكافحة وباء كوفيد-19 أعاقت للسنة الثانية التجمعات بهذه المناسبة وتسببت بإلغاء آلاف الرحلات، وخصوصا مع انتشار المتحورة الشديدة العدوى “أوميكرون”.
وفي هذا اليوم، بارك البابا فرنسيس مدينة روما والعالم ظهرًا من ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، داعيًا إلى الحوار في ظل حالة “الانغلاق على الذات”.
وقال البابا الأرجنتيني البالغ من العمر 85 عاما “في هذا الوقت من الجائحة… قدرتنا على العلاقات الاجتماعيّة مرّت باختبار قاس، إذ زاد فينا الميل إلى الانغلاق على أنفسنا، وإلى أن نعمل الأمور كلّ واحد وحده، وتوقفنا عن الخروج، وعن لقائنا بعضنا مع بعض، وعن القيام بالأشياء معًا”.
وأضاف “هناك خطر أيضًا على المستوى الدولي في عدم الرّغبة في الحّوار، وخطر أن تؤدي الأزمة المعقدة إلى اختيار أقصر الطرق بدلاً من طرق الحوار الأطول، وهذه وحدها، في الواقع، تؤدي إلى حلّ النزاعات وتحقيق منافع مشتركة ودائمة”.
وأكد البابا “ما زلنا نرى الصّراعات والأزمات العديدة والمخاصمات. يبدو أنّها لا تنتهي أبدًا وصرنا نكاد لا نتنبه لها. واعتدنا على ذلك لدرجة أنّ المآسي الهائلة صارت تمُرُّ في صمت، وصرنا نكاد لا نسمع صرخة الألم واليأس من إخوة وأخوات لنا كثيرين”، ذاكرا على وجه الخصوص سوريا والعراق واليمن.
وقال “لنفكّر في الشعب السوري، الذي يعيش في حرب منذ أكثر من عشر سنوات تسببت في وقوع الضّحايا الكثيرين وعدد لا يحصى من اللاجئين. ولننظر إلى العراق الذي لا يزال يكافح لينهض بعد صراع طويل. ولنصغِ إلى صرخة الأطفال التي ترتفع من اليمن.
في الأثناء، وبينما كان البعض يفتحون هداياهم، كانت طوابير تمتدّ أمام مركز التلقيح ضد وباء كوفيد-19 في حي ريد بريدج في لندن.
ففي مواجهة الانتشار السريع للمتحورة أوميكرون عن فيروس كورونا، دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى التعبئة العامة لتقديم جرعة معززة لجميع البالغين في المملكة المتحدة بحلول نهاية العام، بمعدل نحو مليون حقنة في اليوم، وهي وتيرة لم يتم بلوغها حتى في الربيع، في أشدّ حملة التطعيم ضد كوفيد.
وفي رسالة وجّهتها من قصر ويندسور، قالت الملكة إليزابيث الثانية “حتى وإن تعذّر علينا الاحتفال بالميلاد بالطريقة التي نريدها بسبب كوفيد، يمكننا أن نستفيد من تقاليد عديدة وفرحة” على غرار أغاني الميلاد وتزيين الشجرة.
في فرنسا، سجّلت أكثر من مئة ألف إصابة بكوفيد-19 في الساعات الأربع والعشرين الماضية، في حصيلة قياسية منذ بدء تفشي الجائحة في البلاد.
وتسعى الحكومة الفرنسية إلى التصدي لتفشي المتحوّرة أوميكرون في البلاد، وهي تعقد الإثنين جلسة لتبني مشروع قانون ينص على إلزامية شهادة التلقيح.
وأصبحت أوميكرون هي المتحوّرة المهيمنة في البرتغال مع رصدها في أكثر من 61 بالمئة من الإصابات في البلاد التي سجّلت السبت أعلى حصيلة يومية منذ يناير، على الرغم من أن معدّل التلقيح في البلاد يعد من الأعلى في العالم.
في الفلبين ووسط بركة مياه، أحيا الأب ريكاردو فيرتودازو قداس عيد الميلاد في كنيسته التي دمرها الإعصار راي الذي أودى بحياة نحو 400 شخص وتسبب بتشريد عشرات الآلاف. وصلى عشرات من أجل الحصول على مأوى وطعام وطقس أرحم.
إلغاء رحلات
اضطرت شركات الطيران إلى إلغاء أكثر من 5600 رحلة جوية في العالم خلال نهاية الأسبوع وتأخير آلاف الرحلات الأخرى خصوصا بسبب أوميكرون التي تعرقل السفر خلال عطلة الأعياد، حسب موقع تتبع الملاحة الجوية “فلايت-اوير”.
وبسبب مرض طيارين ومضيفين وموظفين آخرين واضطرارهم للخضوع لحجر صحي بعد إصابتهم بكوفيد أو تعرضهم للفيروس اضطرت شركات “لوفتهانزا” و”دلتا” و”يونايتد إيرلاينز” والعديد من شركات الطيران الأخرى لإلغاء العديد من الرحلات الجوية خلال إحدى فترات ذروة السفر في العام.
لكن مع ذلك، سافر ملايين الأمريكيين داخل الولايات المتحدة على الرغم من أن موجة أوميكرون تجاوزت فعليا ذروة متغير دلتا إذ بلغ عدد الإصابات اليومية 171 ألفا في المتوسط على مدى سبعة أيام، وامتلأت المستشفيات.
وفي أول عيد للميلاد من ولايته في البيت الأبيض أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن بـ”الشجاعة الهائلة” التي يتحلى بها الأميركيون في مواجهة الجائحة، ودعاهم إلى توحيد الصفوف في مواجهة الشدائد.
وأدى ارتفاع عدد الإصابات إلى تعطيل الاحتفالات وإن كانت التجمعات عمومًا أسهل مما كانت عليه في العام 2020 على الرغم من أن هولندا في الحجر، وأن برودواي ألغت عروض عيد الميلاد في نيويورك وأن إسبانيا واليونان أعادتا فرض وضع الكمامة في الخارج.
وأبلغت الصين السبت عن تسجيل 140 إصابة جديدة بكورونا في أكبر عدد من الحالات التي ترصدها منذ اربعة أشهر بينما تسعى السلطات قبل استضافة الألعاب الأولمبية الشتوية في فبراير لاحتواء الوباء في العديد من المناطق بما في ذلك مدينة شيآن حيث فرضت إجراءات حجر على سكانها البالغ عددهم 13 مليون نسمة.
“بارقة أمل”
واستطاع معظم الأستراليين السفر إلى بلدهم مجددا للمرة الأولى منذ بداية الوباء، مما يحيي روح عيد الميلاد في بلد يعاني حتى الآن من عدد قياسي في الإصابات.
وأشاد رئيس أساقفة سيدني الكاثوليكي (جنوب شرق) أنطوني فيشر في رسالته بمناسبة عيد الميلاد “بالمشاهد المؤثرة لأشخاص يجتمعون في المطارات بعد أشهر من البعد”.
في أمريكا اللاتينية، أعلن الرئيس التشيلي المنتهية ولايته سيباستيان بينيرا أن بلاده ستبدأ بإعطاء جرعة رابعة من اللقاح المضاد لكورونا اعتبارا من فبراير، بدءا من الفئات الأكثر عرضة للخطر.
وفي الإكوادور، أصبح التطعيم ضد كوفيد إجباريا اعتبارا من سن الخامسة، للمرة الأولى في العالم لهذه الفئة العمرية.
حتى الآن لم تفرض التطعيم الإلزامي سوى قلة من الدول.
وتسبب الوباء في وفاة حوالى 5,4 ملايين شخص في العالم منذ نهاية 2019، حسب أرقام جمعتها وكالة فرانس برس استنادا إلى مصادر رسمية الجمعة. لكن منظمة الصحة العالمية تقدر أن الخسائر الحقيقية قد تكون أكبر بمرتين أو ثلاث مرات.
وتسارع انتشار الوباء بشكل أكبر في جميع مناطق العالم تقريبا خلال الأسبوع الماضي، باستثناء الشرق الأوسط وآسيا حسب قواعد بيانات فرانس برس.
لكن إغلاق الحدود والقيود لم يمنع بابا نويل (سانتا كلوز) من التجول على زلاجته التي تجرها غزلان الرنة في العالم، إذ أعطى وزير النقل الكندي الضوء الأخضر لموكبه، وكذلك فعل مراقبو الحركة الجوية في أستراليا.
أما في البرازيل، فوصل بابا نويل أسود البشرة بطائرة هليكوبتر ليوزع طرودًا غذائية على سكان حي بينها الفقير، في ريو دي جانيرو.