2:55 مساءً / 24 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

حكومة بعين واحدة بقلم : د.سرحان سليمان

أحيانا يعجز القلم عن وصف واقع ما، ليس لأنه غير مؤثر، لكن لان واقعه لا يستطيع القلم وصفه، ويكون الحديث فيه باختصار ابلغ من ملئ الصفحات، فعندما تذهب إلى مكان ما، وتجد من فيه يشربون القهوة بمبلغ مرتب موظف في الشهر، فلا تتعجب من المبالغة، فليس سعر القهوة غالى كما بدر إلى ذهنك، بل لان نرتب الموظف في الحقيقة لا يتعدى 70 جنيه في الشهر، وهنا سيفاجئك حديثي، وتستغرب، مرتب موظف بهذا المبلغ، وبعد الثورة؟ ولماذا لم يتم تعديل هذا الوضع الغريب الذى لا يقبله عقل؟ ولابد أن أقول لك -بعد استغرابك- استكمالا، حتى تكتمل لك الصورة، هذا الموظف حامل للماجستير أو الدكتوراه، ويعمل مؤقتا لفترة اكثر من عشرة سنوات بهذا المرتب، ففي هذه الحالة لابد لك أن تصيح وتثور، ولا تجد ما تعلق به، وتصمت.
السيد رئيس وزراء مصر المحترم والقدير، هل تعلم أن زيارتك للمترو وتصويرك به وسط الركاب، كأنك رجل بسيط وتتابع الأحداث بنفسك، هل تعلم أن ذلك لا يهمني، ولا يهم الرجل البسيط، فهذا عملك قمت به ام لم تقم به، فهذا قراراك !! واذا كنت تقوم بزيارة مفاجئة لأقسام الشرطة في الفجر، لتتابع بنفسك العمل بها، فهذا أيضاً لا يفيد طالما بداخل المعتقلات سجناء سياسيين، واذا كنت لا تعلم أن هناك موظفين بالدولة – تحت مسؤوليتك- يتقاضون 70 جنيه في الشهر، وآخرون يتقاضون 5 مليون في السنة أو اكثر، فتلك مصيبة كبرى، واذا كنت تعلم، فتلك مصيبة اكبر، لكنى اعرف انك تعلم، لكنك تدرس الموضوع، خاصة أن الموازنة بها عجز ولا يوجد موارد !! ولا ادرى لماذا يظهر العجز عند مساعدة الفقراء والعاطلين، وحملة الماجستير والدكتوراه الذين يتقاضون 70 جنيه شهريا، ولا تتذكره عندما ترى أن هناك موظفين يتقاضون تلك الملايين؟ أليست هي ميزانية واحدة، فليس لدى شك أن معاليك والمسؤولين بمصر، يعلمون تلك المشكلات لكنهم في مرحلة التغيير والأمر يحتاج وقت !! يا سيدى الأمر لا يحتاج وقت، بل يحتاج لجرأة ويحتاج لضمير، فالعدل اذا ارتم أن تقيموه فان الأمر واضح، ولا يحتاج إلا قرارات فورية اذا أردت، فهؤلاء الفقراء والمؤقتين، ومن ذكرتم، مواطنين درجة ثانية في تصوركم على ما يبدو، ولا يستطيعون التأثير على أصحاب القرار، لكنى في النهاية أقول للرئيس، ولرئيس الوزراء، أنكم من الشاهد لهم بالتدين، والحرص على إقامة العدل، وهؤلاء المظلومين سيفوضون أمرهم لله ، ويدعون عليكم، حتى تنظرون بعين العدل للجميع.
 التعامل مع المظاهرات والاعتصامات المتعلقة بالمطالب الفئوية يحتاج لإدارة خاصة، ولتعامل دقيق، بالتفاوض مع أصحاب تلك الحقوق، فلا يمكن تجاهل المطالب الفئوية، أو فض تلك المظاهرات والاعتصامات بالقوة من قبل الأمن، فقد كانت هناك مظاهرة مرخصة من قبل الزراعيين أمام وزارة الزراعة، تم فضها بالقوة، واعتدى الأمن على المتظاهرين بالقسوة والعنف، وهذا أسلوب لن يحقق إلا الكراهية للحكومة، ويزيد مشاعر هؤلاء بالظلم، ولن يحقق سوى إصرار هؤلاء على مط
البتهم بحقوقهم، فلماذا لا تقوم الحكومة بإنشاء إدارة خاصة للتعامل مع المظاهرات والاعتصامات كما في كل دول العالم، باختيار إدارة كفؤ تدرك كيفية التعامل والتفاوض مع المظاهرات والاعتصامات لا صحاب الحقوق الفئوية، وعلى الحكومة – كما كتبت ذلك مرارا- أن تنتهى من تلك المطالب الفئوية وأيضا تثبيت العمالة المؤقتة، وان تصدر قرارا عاما يوضح اليات تحقيق عدالة الأجور، وتوضح للرأي العام ذلك، ولا تكون فقط استجابة للأحداث، بل يجب عليها أن تسبق قراراتها الحدث، بإصدار قرارات تمنع تلك المظاهرات، فلو شعر كل موظف أو مؤقت بان هناك سياسية لتحقيق مطالبه واضحة لانتهت تلك المظاهرات والاعتصامات، أما التعامل بعنف وتعنت مع المظاهرات والمطالب، لن يقضى عليها، ويعتبر تقصير من الحكومة في واجبتها.
عندما يكون بمصر موظف يتقاض 70 جنية في الشهر، وبعد الثورة، وفى وجود رئاسة الدكتور مرسى، فلا اجد سوى القول، لك الله يا مصر، وعلى المتضررين أن يفوضوا أمرهم لله.
د.سرحان سليمان
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي والاقتصادي

 

شاهد أيضاً

تنهيدة حرية والانعتاق من العبودية ، لـ رولا خالد غانم بقلم : علاء الوردي

تنهيدة حرية والانعتاق من العبودية ، لـ رولا خالد غانم بقلم : علاء الوردي

تنهيدة حرية والانعتاق من العبودية ، لـ رولا خالد غانم بقلم بقلم الكاتب والناقد العراقي …